لقد لقيت قريظة ما أساها وما وجدت لذل من نصير أصابهم بلاء كان فيه
سوى ما قد أصاب بني النضير غداة أتاهم يهوي إليهم
رسول الله كالقمر المنير له خيل مجنبة تعادى
بفرسان عليها كالصقور تركناهم وما ظفروا بشيء
دماؤهم عليهم كالعبير فهم صرعى تحوم الطير فيهم
كذاك يدان ذو العند الفجور فأنذر مثلها نصحا قريشا
من الرحمن إن قبلت نذيري
لقد لقيت قريظة ما أساها وحل بحصنها ذل ذليل
وسعد كان أنذرهم بنصح بأن إلهكم رب جليل
فما برحوا بنقض العهد حتى فلاهم في بلادهم الرسول
أحاط بحصنهم منا صفوف له من حر وقعتهم صليل
تفاقد معشر نصروا قريشا وليس لهم ببلدتهم نصير
هم أوتوا الكتاب فضيعوه وهم عمي عن التوراة بور
كفرتم بالقرآن وقد أتيتم بتصديق الذي قال النذير
فهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
لقد سجمت من دمع عيني عبرة وحق لعيني أن تفيض على سعد
قتيل ثوى في معرك فجعت به عيون ذواري الدمع دائمة الوجد
[ ص: 18 ] على ملة الرحمن وارث جنة مع الشهداء وفدها أكرم الوعد
فإن تك قد ودعتنا وتركتنا وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد
فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد كريم وأثواب المكارم والحمد
بحكمك في حيي قريظة بالذي قضى الله فيهم ما قضيت على عمد
فوافق حكم الله حكمك فيهم ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد
فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد
فنعم مصير الصادقين إذا دعوا إلى الله يوما للوجاهة والقصد
ألا يا لقومي هل لما حم دافع وهل ما مضى من صالح العيش راجع
تذكرت عصرا قد مضى فتهافتت بنات الحشا وانهل مني المدامع
صبابة وجد ذكرتني أخوة وقتلى مضى فيها طفيل ورافع
وسعد فأضحوا في الجنان وأوحشت منازلهم فالأرض منهم بلاقع
وفوا يوم بدر للرسول وفوقهم ظلال المنايا والسيوف اللوامع
دعا فأجابوه بحق وكلهم مطيع له في كل أمر وسامع
فما نكلوا حتى توالوا جماعة ولا يقطع الآجال إلا المصارع
لأنهم يرجون منه شفاعة إذا لم يكن إلا النبيون شافع
فذلك يا خير العباد بلاؤنا إجابتنا لله والموت ناقع
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا لأولنا في ملة الله تابع
ونعلم أن الملك لله وحده وأن قضاء الله لا بد واقع