وفيها وجه الحجاج محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث إلى سجستان لحرب رتبيل صاحب الترك
وذلك أن
الحجاج جهز عشرين ألفا من أهل
الكوفة ، وعشرين ألفا من أهل
البصرة ، وأعطى الناس أعطياتهم كملا ، وأخذهم بالخيول الروائع ، والسلاح الكامل ، وأخذ يعرض الناس ، ولا يرى رجلا تذكر منه شجاعة إلا أحسن معونته ، ثم بعث عليهم
عبد الرحمن بن الأشعث ، فقدم بالجيش
سجستان ، وصعد منبرها ،
[ ص: 212 ] فقال: إن الأمير
الحجاج ولاني ثغركم ، وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم ، وأباد أجنادكم ، فإياكم أن يتخلف منكم رجل فتحل بنفسه العقوبة ، اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا مع الناس .
فعسكر الناس ووضعت لهم الأسواق ، وتهيئوا للحرب . فبلغ ذلك
رتبيل . فكتب إلى
عبد الرحمن يعتذر إليه من مصاب المسلمين ، ويخبره أنه كان لذلك كارها ، وأنهم ألجئوه إلى قتالهم ، ويسأله الصلح ، ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج ، فلم يجبه ، وسار في الجنود إليه حتى دخل أول بلاده ، وأخذ
رتبيل يضم جنده إليه ، ويدع له الأرض رستاقا وحصنا حصينا ، وطفق
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا وأعوانا ، وجعل الأرصاد على العقاب والشعاب ، ووضع المسالح بكل مكان مخوف ، حتى إذا ملأ يديه من البقر والغنم والغنائم العظيمة حبس الناس عن الإيغال في أرض
رتبيل ، وقال: نكتفي بما قد أصبنا العام من بلادهم حتى نجبيها ونعرفها ، ثم نتعاطى في العام المقبل ما وراءها ، ثم لا نزال ننتقص في كل عام طائفة من أرضهم حتى نقاتلهم على كنوزهم وذراريهم ، وفي ممتنع حصونهم ، ثم كتب إلى
الحجاج بذلك .
وذكر بعض علماء السير في سبب تولية
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث غير هذا ، فقال: كان
الحجاج قد وجه
هميان بن علي السدوسي إلى
كرمان ، وكان عاملا على
سجستان ، فكتب
الحجاج عهد
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث عليها ، وجهز إليها جيشا أنفق عليه ألفي درهم سوى أعطياتهم ، وأمره بالإقدام على
رتبيل .