وفي هذه السنة قتل بحير بن ورقاء الصريمي
وكان السبب أن
بحيرا هو الذي تولى قتل
بكير بن وشاح بأمر
nindex.php?page=showalam&ids=12331أمية بن عبد الله ، فتعاقد سبعة عشر من
بني عوف بن كعب على الطلب بدم
بكير ، فذهب بعضهم فقتله .
وفيها خالف عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الحجاج ومن معه من جند العراق :
وأقبلوا إليه لحربه ، هذا قول
أبي المخارق الراسبي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: إنما كان ذلك في سنة اثنتين وثمانين .
وسبب خروجه مع ما كان في نفس كل واحد منهما على الآخر ، وكان
الحجاج يقول: ما رأيته إلا أردت ضرب عنقه ، وكان
عبد الرحمن يقول: إن طال بي وبه بقاء حاولت إزالته عن سلطانه ، فلما بعثه
الحجاج إلى حرب
رتبيل فأصاب قطعة من مملكته ، وكتب إلى
الحجاج: إنا قد قنعنا بما أصبنا ثم في كل سنة نصيب شيئا من ملكه .
[ ص: 225 ]
فكتب إليه
الحجاج: إنك كتبت إلي كتاب امرئ يحب الهدنة ، ويستريح إلى الموادعة ، لعمرك يا ابن أم
عبد الرحمن ، إنك حين تكف عن ذلك العدو تظنني سخي النفس عمن أصيب من المسلمين ، وقد رأيت أنه لم يحملك على ما رأيت إلا ضعفك ، فامض لما أمرت به من الإيغال في أرضهم ، وقتل مقاتليهم ، ثم أردفه كتابا آخر: أما بعد ، فمر من قبلك من المسلمين أن يحرثوا ويقيموا ، فإنها دارهم حتى يفتحها الله -عز وجل- عليهم . ثم أردفه كتابا آخر: أما بعد ، فامض لما أمرت به وإلا فخل ما وليت لأخيك
إسحاق .
فدعا الناس وقال: إن الذي رأيت وافقني فيه أهل التجارب ورضوه رأيا ، وكتبت بذلك إلى
الحجاج فجاءني منه كتاب يعجزني ويأمرني بتعجيل الإيغال في البلاد التي هلك فيها إخوانكم بالأمس ، وإنما أنا رجل منكم أمضي إذا مضيتم ، وآبى إذا أبيتم ، فثار إليه الناس ، وقالوا: لا بل نأبى على عدو الله ولا نطيعه .
فقام
عامر بن واثلة الكناني ، فقال: إن
الحجاج لا يبالي بكم فإن ظفرتم أكل البلاد ، وإن ظفر عدوكم كنتم الأعداء البغضاء فاخلعوه وبايعوا للأمير
عبد الرحمن ، وإني أشهدكم أني أول خالع . وقام
عبد المؤمن بن شبث بن ربعي ، فقال: إن أطعتم
الحجاج جعل هذه البلاد بلادكم ، فبايعوا أميركم وانصرفوا إلى عدو الله
الحجاج فانفوه عن بلادكم . فوثب الناس إلى
عبد الرحمن فبايعوه ، فقال: تبايعونني على خلع
الحجاج والنصرة لي وجهاده معي حتى ينفيه الله من أرض
العراق ، فبايعه الناس ، ولم يذكر خلع
عبد الملك ، وأمر
عبد الرحمن الأمراء ، وبعث إلى
رتبيل فصالحه على أنه إن ظهر فلا خراج عليه أبدا ، وإن هزم وأراده ألجأه عنده .
وبعث
الحجاج إليه الخيل ، وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث على مقدمته
عطية بن عمرو العنبري ، فجعل لا يلقى
للحجاج خيلا إلا هزمها ، ثم أقبل
عبد الرحمن حتى مر
بكرمان ، فبعث عليها
خرشة بن عمرو التميمي ، فلما دخل الناس فارس اجتمع بعضهم إلى بعض ، فقالوا: إنا إذا خلعنا
الحجاج عامل
عبد الملك فقد خلعنا
عبد الملك ، فاجتمعوا إلى
عبد الرحمن وبايعوه ، فكان يقول لهم: تبايعونني على كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه
محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وخلع أئمة الضلالة ، وجهاد المحلين ، فإذا قالوا: نعم نبايع .
[ ص: 226 ]
فلما بلغ
الحجاج أنه قد خلعه كتب إلى
عبد الملك يخبره ويسأله تعجيل بعثه الجنود له ، وجاء حتى نزل
البصرة ، وكان قد بلغ
المهلب شقاق
عبد الرحمن ، فكتب إليه: أما بعد ، فإنك قد وضعت رجلك يا ابن أم
محمد في غرز طويل ، فالله الله ، انظر لنفسك لا تهلكها ، ودماء المسلمين لا تسفكها ، والجماعة فلا تفرقها ، والبيعة فلا تنكثها .
ولما وصل كتاب
الحجاج إلى
عبد الملك هاله ، فنزل عن سريره ، وبعث إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15815خالد بن يزيد بن معاوية فأقرأه الكتاب ثم خرج إلى الناس ، فقال: إن أهل
العراق طال عليهم عمري ، اللهم سلط عليهم سيوف أهل
الشام .
وأقام
الحجاج بالبصرة ، وتجهز للقاء
ابن محمد ، وفرسان أهل
الشام يسقطون إلى
الحجاج من قبل
عبد الملك ، وكتب
الحجاج ورسله تسقط إلى
عبد الملك ، وسار
الحجاج بأهل
الشام حتى نزلت
تستر ، فالتقت المقدمات فهزم أصحاب
الحجاج ، فقال: أيها الناس ، ارتحلوا إلى
البصرة إلى معسكر وطعام ومادة ، فإن هذا المكان لا يحمل الجند . فمضى ودخل
البصرة ، ودخل
عبد الرحمن بن محمد في آخر ذي الحجة ، وقال: أما
الحجاج فليس بشيء ، ولكنا نريد غزو
عبد الملك ، فبايعه الناس على حرب
الحجاج ، وخلع
عبد الملك جميع أهل
البصرة من قرائها وكهولها ، وبايعه
عقبة بن عبد الغافر فخندق
الحجاج عليه ، وخندق
عبد الرحمن [على
البصرة] .