وفي هذه السنة كانت وقعة دير الجماجم بين الحجاج nindex.php?page=showalam&ids=12582وابن الأشعث وذلك في شعبان
وبعضهم يقول: إنما كانت في سنة ثلاث وثمانين . وتلخيص القصة: أن
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث لما جاء إلى
الكوفة خرجوا لتلقيه ، فلما دخل مال إليه أهل
الكوفة كلهم ، وسبقت
همدان إليه ، فحفوا به عند دار
nindex.php?page=showalam&ids=146عمرو بن حريث ، وبايعه الناس وتقوضت إليه المسالح والثغور ، فأقبل
الحجاج من
البصرة فسار في البر حتى مر بين
القادسية والعذيب ، وبعث
[ ص: 232 ]
إليه
ابن الأشعث عبد الرحمن بن العباس في خيل عظيمة من خيل البصريين ، فمنعوه نزول
القادسية ، ثم سايره حتى نزل
دير قرة . ونزل
عبد الرحمن بن العباس دير الجماجم ، وجاء
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث فنزل
دير الجماجم ، وكان
الحجاج يقول: ما كان
عبد الرحمن يزجر الطير حين رآني نزلت
دير قرة ، ونزل
دير الجماجم ، فاجتمع أهل
الكوفة وأهل
البصرة ، وأهل الثغور والمسالح
بدير الجماجم والقراء من المصرين ، كلهم اجتمعوا على حرب
الحجاج ، وكانوا مبغضين له وهم إذ ذاك مائة ألف مقاتل [ممن] يأخذ العطاء ، ومعهم مثلهم من مواليهم . وجاءت
للحجاج أمداد من قبل
عبد الملك ، واشتد القتال ، فقيل
لعبد الملك: إن كان إنما يرضي أهل
العراق أن ينزع عنهم
الحجاج فانزعه تحقن [به] الدماء ، فإن نزعه أيسر من حربهم .
فأمر ابنه
عبد الله وأخاه
محمد بن مروان أن يعرضا على أهل
العراق نزع
الحجاج عنهم ، وأن يجري عليهم أعطياتهم كما تجري على أهل
الشام ، فإن هم قبلوا ذلك نزع عنهم
الحجاج . وكان
محمد بن مروان أمير
العراق فإن هم لم يقبلوا ذلك
فالحجاج أمير جماعة أهل
الشام ، وولي القتال ،
ومحمد وعبد الله في طاعته ، فلم يأت
الحجاج أمر قط كان أشد عليه ولا أغيظ له من ذلك مخافة أن يقبلوا فيعزل عنهم .
فكتب إلى
عبد الملك: يا أمير المؤمنين ، والله لئن أعطيت أهل
العراق نزعي فإنهم لا يلبثون إلا قليلا حتى يخالفوك ويسيروا إليك ، ولا يزيدهم ذلك إلا جرأة عليك ، ألم تر وتسمع بوثوب أهل
العراق مع
الأشتر على
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، فلما سألهم: ما تريدون ، قالوا: نزع
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص ، فلما نزعه لم تقم لهم قائمة حتى ساروا إليه فقتلوه ، إن الحديد بالحديد يقرع ، خار الله لك فيما ارتأيت .
فأبى
عبد الملك إلا عرض هذه الخصال على أهل
العراق إرادة العافية من
[ ص: 233 ] الحرب ، فلما اجتمعا مع
الحجاج خرج
عبد الله ، فقال: يا أهل
العراق ، أنا
عبد الله ابن أمير المؤمنين ، وهو يعطيكم كذا وكذا ، فذكر الخصال التي تقدم ذكرها ، وقال
محمد: أنا رسول أمير المؤمنين إليكم ، وهو يعرض عليكم كذا وكذا ، قالوا: نرجع العشية ، فرجعوا واجتمعوا عند
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث فلم يبق قائد ولا رأس قوم ولا فارس إلا أتاه ، فحمد الله تعالى ثم قال: أما بعد ، فاقبلوا ما عرضوا عليكم وأنتم أعزاء أقوياء ، والقوم لكم هائبون .
فوثب الناس من كل جانب فقالوا: إن الله -عز وجل- قد أهلكهم ، فأصبحوا في الضنك والمجاعة والقلة والذلة ، ونحن ذوو العدد الكثير ، والمادة القريبة ، لا والله لا نقبل .
وأعادوا خلعه ثانية ، فرجع
محمد بن مروان وعبد الله إلى
الحجاج ، فقالا: شأنك بعسكرك وجندك فاعمل برأيك ، فإنا قد أمرنا أن نسمع ونطيع . وخلياه والحرب .
فبرزوا للقتال ، فجعل
الحجاج على ميمنته
عبد الرحمن بن سليم الكناني ، وعلى ميسرته
عمارة بن تميم ، وعلى خيله
سفيان بن الأبرد ، وعلى رجالته
عبد الله بن حبيب . وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث على ميمنته
الحجاج بن حارثة الخثعمي ، وعلى ميسرته
الأبرد بن قرة التميمي ، وعلى خيله
عبد الرحمن بن عباس الهاشمي ، وعلى رجالته
nindex.php?page=showalam&ids=16964محمد بن سعد بن أبي وقاص ، وعلى القراء
جبلة بن زحر بن قيس الجعفي ، وكان فيهم
nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وأبو البختري الطائي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى .
ثم إنهم أخذوا يتزاحفون كل يوم ويقتتلون ، وأهل
العراق تأتيهم موادهم من
الكوفة وسوادها . فهم فيما هم فيه فيما شاءوا [من خصبهم ، وإخوانهم من] أهل
البصرة وأهل
الشام في ضيق شديد ، قد قل عندهم الطعام وفقدوا اللحم وكأنهم في
[ ص: 234 ] حصار وهم على ذلك يقتتلون أشد قتال ، فخرجوا ذات يوم وقد عبى
الحجاج جيشه ، ثم زحف في صفوفه ، وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث في سبعة صفوف بعضها في أثر بعض .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13594ابن ناصر ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14172أبو عبد الله الحميدي ، قال: أخبرنا
محمد بن سلامة القضاعي ، قال: أخبرنا
أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد ، قال: حدثنا
أبو عثمان ، قال: حدثني
عبد الله ، قال: حدثنا
أبو التياح ، قال:
شهدت
الحسن وسعيد بن أبي الحسن أيام
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث ، فأما
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث فكان يأمر بالكف وينهى عن القتال ، وأما
سعيد فكان يحرض ويأمر بالقتال ، ويقول: والله ما خلعنا أمير المؤمنين ولا نريد خلعه ، ولكننا نقمنا عليه
الحجاج ، وكان
الحسن يقول: أيها الناس ، تعلموا والله ما سلط
الحجاج عليكم إلا عقوبة من الله ، فلا تعارضوا عقوبة الله بالحمية والسيوف ، ولكن عارضوها بالتضرع والاستغفار .