ثم دخلت
سنة ست وثمانين
فمن الحوادث فيها وقوع الطاعون ، ويقال طاعون الفتيات ، ماتت فيه الجواري ، وكان
بالشام والبصرة وواسط ، والحجاج يومئذ
بواسط .
وقيل: إنه كان في سنة سبع وثمانين .
وفيها: مرض عبد الملك . ومات ، وبويع لولده nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك بن مروان . [ ص: 268 ]
باب ذكر
خلافة nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك بن مروان
ويكنى
أبا العباس ، أمه
ولادة العبسية ، وكان أسمر طوالا ، حسن الوجه ، وكان له تسعة عشر ابنا:
عبد العزيز ، ومحمد أمهما
أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان ، وأبو عبيدة أمه
فزارية ، nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس ، وإبراهيم وليا الخلافة ،
وتمام ، وخالد ، وعبد الرحمن ، ومبشر ، ومسرور ، وصدقة ، ومنصور ، ومروان ، وعنبسة ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر وهو فحل
بني مروان وكان يركب ومعه ستون من صلبه ذكورا ،
وروح ، وبشر ،
ويزيد وهو الناقص ولي الخلافة ،
ويحيى ، لأمهات شتى .
وقد ذكرنا أن
عبد الملك بايع
للوليد قبل موته ، وكان أهل
الشام يرون
للوليد فضلا ويقولون: بنى مسجد
دمشق ومسجد
المدينة ، وأعطى المجذمين ، وقال: لا تسألوا الناس ، وأعطى كل مقعد خادما ، وكل ضرير قائدا ، وكان
الوليد يمر بالبقال فيقف عليه فيأخذ حزمة البقل بيده ، فيقول: بكم هذه؟ فيقول: بفلس ، فيقول: زد فيها . وما مات
الحجاج حتى ثقل على
الوليد ، وكان
الوليد صاحب بناء واتخاذ مصانع ، وكان الناس يلتقون في زمانه فيسأل بعضهم بعضا عن البناء والمصانع ، فولي
سليمان ، وكان صاحب نكاح وطعام ، وكان الناس يلتقون فيسأل الرجل الرجل عن التزويج
[ ص: 269 ] والجواري ، فلما ولي
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز كانوا يلتقون فيقول الرجل للرجل: ما وردك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ ومتى ختمت ومتى تختم؟
وكثرت الفتوح في أيام
الوليد ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=17088مسلمة بن عبد الملك يتغلغل في بلاد
الروم ، وقتيبة بن مسلم في بلاد العجم والترك ، وفتح
كاشغر ، وافتتح
محمد بن القاسم بلاد
الهند ، وفتح
محمد بن نصير أرض
الأندلس ووجد بها مائدة
سليمان بن داود عليهما السلام المرصعة بالجواهر .
وكان في
الوليد نوع ذكاء وفطنة ، وسمع صوت ناقوس فأمر بهدم البيعة ، فكتب إليه ملك
الروم: إن هذه البيعة أقرها من كان قبلك ، فإن كانوا أصابوا فقد أخطأت ، وإن تكن أصبت فقد أخطئوا ، فقال
الوليد: من يجيبه؟ فأحجم الناس ، فأمر
الوليد أن يكتب إليه:
ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما .
وكان
الوليد لحانة وكان
عبد الملك يقول: أضر
بالوليد حبنا له فلم نعربه في البادية - وقال لرجل: ما شآنك؟ فقال له: شيخ يانعي ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز: إن أمير المؤمنين يقول لك: ما شأنك؟ قال: ختني ظلمني ، فقال له
الوليد: من ختنك ، فنكس الأعرابي رأسه وقال: ما سؤال أمير المؤمنين عن هذا؟ فقال له
عمر: إنما أراد أمير المؤمنين من ختنك؟ فقال: هذا ، وأشار إلى رجل معه .
وكان
الوليد أول من كتب من الخلفاء في الطوامير ، وعظم الكتب ، وحلل الخط ، وقال: لتظهر كتبي على كتب غيري .
أخبرنا
محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا
محفوظ بن أحمد الفقيه ، قال: أخبرنا
أبو علي محمد بن الحسين الجازري ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15263المعافى بن زكريا ، قال: حدثنا
الحسن بن أحمد بن محمد الكلبي ، قال: حدثنا
محمد بن زكريا الغلابي ، قال: حدثنا
عبد الله بن الضحاك ، ومهدي بن سابق ، قالا: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15464الهيثم بن عدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان ، قال:
[ ص: 270 ]
كان
عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب صديقا
للوليد يأتيه ويؤانسه ، فجلسا يوما يلعبان بالشطرنج إذ أتاه الإذن ، فقال: أصلح الله الأمير رجل من أخوالك من أشراف
ثقيف قدم غازيا وأحب السلام عليك ، فقال: دعه ، فقال
عبد الله: وما عليك ائذن له ، فقال: نحن على لعبنا وقد انحجبت ، قال: فادع بمنديل وضعه عليها ويسلم الرجل ونعود ، ففعل ثم قال: ائذن له ، فدخل وله هيئة ، بين عينيه أثر السجود ، وهو معتم قد رجل لحيته ، فسلم وقال: أصلح الله الأمير ، قدمت غازيا فكرهت أن أجوزك حتى أقضي حقك ، قال: حياك الله وبارك عليك . ثم سكت عنه ، فلما أنس أقبل عليه
الوليد فقال: يا خال هل جمعت القرآن؟ قال: لا كانت تشغلنا عنه شواغل ، قال: هل حفظت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه أو أحاديثه شيئا؟ قال: كانت تشغلنا عن ذلك أموالنا ، قال: فأحاديث العرب وأيامها وأشعارها؟ قال: لا ، قال: فأحاديث أهل
الحجاز ومضاحكها؟ قال: لا ، قال: فأحاديث العجم وآدابها؟ قال: ذلك شيء ما كنت أطلبه . فرفع
الوليد المنديل ، وقال: شاهك ، قال
عبد الله بن معاوية: سبحان الله ، قال: لا والله ما معنا في البيت أحد . فلما رأى ذلك الرجل منهما خرج وأقبلوا على لعبهم .
ولما دفن
عبد الملك دخل
الوليد المسجد فصعد المنبر ، فخطب فقال:
إنا لله وإنا إليه راجعون ، الله المستعان على مصيبتنا بموت أمير المؤمنين ، والحمد لله على ما أنعم به علينا من الخلافة قوموا فبايعوا .
فكان أول من قام لبيعته
عبد الله بن همام السكوني وهو يقول:
الله أعطاك التي لا فوقها وقد أراد المشركون عوقها عنك ويأبى الله إلا سوقها
إليك حتى قلدوك طوقها
ثم تتابع الناس على البيعة .
[ ص: 271 ]