ومن الحوادث أن
الله عز وجل ابتلى الخليل بذبح ولده بعد فراغه من الحج
وقد اختلف العلماء في الذبيح ، هل هو
إسماعيل أو
إسحاق؟
فروى
علي بن زيد بن جدعان عن
الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
وفديناه بذبح عظيم [37: 107] قال: "إسحاق" .
وقد رواه
مبارك ، عن
الحسن فوقفه على
العباس ، وهو أصح .
وكذلك روى
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال: الذبيح
إسحاق . [ ص: 278 ]
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وكعب ، وعبد بن عمير ، ومسروق ، وأبو ميسرة في خلق كثير .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا جاءه ، فقال: يا ابن الذبيحين ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم . يشير إلى
إسماعيل وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن
عبد المطلب نذر أن يذبحه ، وهذا الحديث لا يثبت ، ثم إن رسول الله لم يقر به ، وجائز أن يكون العم أبا ، كما قال عز وجل:
نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق [2: 133] فأدخل
إسماعيل في الآباء ، وهو عم
يعقوب .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وعطاء بن أبي رباح ، ويوسف بن مهران ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه
إسماعيل .
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، وقال: رأيت قرني الكبش في الكعبة . وإليه يذهب
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد والقرظي ، واحتج بأن الله تعالى لما فرغ من
قصة الذبيح ، قال:
وبشرناه بإسحاق [37: 112] .
والقول الأول أصح ، فإن
الخليل لما هاجر عن قومه ، قال:
هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم [37: 100 - 101] . والبشارة كانت
لسارة فلما بلغ معه السعي [37: 102] أي كبر ، وبلغ أنه سعى مع ابنه . فأما
إسماعيل فقد ذكرنا أنه أسكنه
مكة ولم يره حتى تزوج امرأتين .
والاحتجاج بقرني الكبش ليس بشيء؛ لأنه من الجائز أن يكونا حملا من
الشام ، واحتجاج المحتج بقوله:
وبشرناه [37: 112] يدل على أنه
إسحاق؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب .
[ ص: 279 ]
الإشارة إلى قصة الذبح سبب أمر الله خليله بذبح ولده:
ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أشياخه: أن
جبريل لما بشر
سارة بإسحاق ، قالت: وما آية ذلك؟ فأخذ عودا يابسا في يده فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر ، فقال
إبراهيم: هو لله إذا ذبيح ، فلما كبر
إسحاق أتي
إبراهيم في النوم فقيل له: أوف بنذرك الذي نذرت ، فقال
لإسحاق: انطلق نقرب قربانا إلى الله ، فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال له الغلام: يا أبتاه ، أين قربانك؟ قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ، فقال
إسحاق: اشدد رباطي حتى لا أضطرب ، واكفف عني ثيابك [حتى] لا ينتضح عليها من دمي فتراه سارة فتحزن ، وأسرع مر السكين على حلقي؛ ليكون أهون للموت علي ، وإذا أتيت
سارة فاقرأ عليها السلام .
فأقبل عليه
إبراهيم يقبله ، وقد ربطه وهو يبكي
وإسحاق يبكي ، ثم إنه جر السكين على حلقه فلم يحك السكين ، فأضجعه على جبينه فنودي:
يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فإذا بكبش فأخذه ، وخلى عن ابنه ، وأكب على ابنه يقبله ويقول: اليوم يا بني وهبت لي . فرجع إلى
سارة فأخبرها الخبر فجزعت
سارة ، وقالت: يا
إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تعلمني .
قال
شعيب الجبائي: لما علمت بذلك ماتت يوم الثالث .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم أن
إبراهيم لما خرج بابنه ليذبحه اعترضه إبليس ، فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ فقال: أريد هذا الشعب لحاجة لي فيه ، فقال: والله إني لأرى الشيطان قد جاءك في منامك فأمرك بذبح ابنك . فعرفه
إبراهيم ، فقال: إليك عني عدو الله ، فوالله لأمضين لأمر ربي فيه ، فلما يئس عدو الله إبليس من
إبراهيم اعترض الولد ، فقال: يا غلام هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: يحتطب لأهلنا من هذا الشعب ، قال: والله ما يريد إلا أن يذبحك ، قال: لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك ، قال: فليفعل ما أمره ربه ، فسمعا وطاعة ، فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى
[ ص: 280 ] أمه ، فقال: هل تدرين أين ذهب
إبراهيم بابنه؟ فقالت: ذهب به يحتطبان من هذا الشعب ، قال: ما ذهب به إلا ليذبحه ، قالت: هو أرحم به وأشد حبا من ذلك ، قال: إنه يزعم أن الله يأمره بذلك ، قالت: فإن كان ربه أمره بذلك فتسليما لأمر الله . فرجع عدو الله لم يصب من آل
إبراهيم شيئا مما أراد .
فقال: يا أبت إذا أردت ذبحي فاشدد رباطي ، فإن الموت شديد ، واشحذ شفرتك حتى تجهز علي فتريحني . فإذا أنت أضجعتني فعلى وجهي؛ فإني أخشى إن نظرت في وجهي أن تدركك رقة تحول بينك وبين أمر الله في ، وإن رأيت أن ترد قميصي إلى أمي فإنه عسى أن يكون أسلى لها عني . فقال له
إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله . فربطه كما أمره ، ثم شحذ شفرته ثم تله للجبين ، واتقى النظر في وجهه ، ثم أدخل الشفرة ، فقبلها الله تعالى ، ونودي:
قد صدقت الرؤيا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: خرج عليه كبش من الجنة قد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا ، وهو الكبش الذي قربه
هابيل فنحره في
منى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان كبشا أبيض أقرن أعين مربوطا بسمر في ثبير .
وقال
عبد بن عمير: ذبح بالمقام .
وقال
الحسن: أهبط عليه من
ثبير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، وشعيب الجبائي ، وغيرهما: كان ذلك
بإيليا من أرض
الشام .