وفي هذه السنة بنى الوليد مسجد دمشق فأنفق عليه مالا عظيما .
أنبأنا
محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا
عبد الله بن أحمد السمرقندي ، قال: أخبرنا
[ ص: 286 ] عبد العزيز بن أحمد الكناني ، قال: حدثنا
محمد بن عبد الله بن الحسين الدوري ، [قال: حدثنا
أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة ، قال: حدثنا
أبو قصي سعيد بن محمد بن إسحاق العدوي ، قال: حدثنا
سليمان بن عبد الرحمن ] ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم . عن
عمرو بن مهاجر ، وكان على بيت مال
nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك ، أنهم حسبوا ما أنفق على الكرمة التي في قبلة مسجد
دمشق فكانت سبعين ألف دينار .
قال
أبو قصي: وحسبوا ما أنفق على مسجد
دمشق ، وكان أربعمائة صندوق ، في كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار .
قال
أبو قصي: وأتاه حرسته فقالوا: يا أمير المؤمنين ، إن أهل
دمشق يتحدثون أن
الوليد أنفق الأموال في غير حقها ، فنادى: الصلاة جامعة ، وخطب الناس فقال: إنه بلغني حرستي أنكم تقولون إن
الوليد أنفق الأموال في غير حقها ، ألا يا
عمر بن مهاجر قم فأحضر ما قبلك من الأموال من بيت المال ، قال: فأتت البغال تحمل المال ، وتصب في القبلة على الأنطاع حتى لم يبصر من في
الشام من في القبلة ، ولا من في القبلة من في
الشام ، وأتت الموازين - يعني القبابين فوزنت الأموال ، وقال لصاحب الديوان:
أحضر من قبلك ممن يأخذ رزقنا ، فوجدوا ثلاثمائة ألف ألف في جميع الأمصار ، وحسبوا ما يصيبهم فوجد عنده رزق ثلاث سنين ، ففرح الناس وكبروا وحمدوا الله -عز وجل- وقال: إلى ما تذهب هذه الثلاث سنين قد أتانا الله بمثله ومثله ، ألا وأني إنما رأيتكم يا أهل
الشام تفخرون على الناس بأربع خصال فأحببت أن يكون مسجدكم الخامس ، تفخرون على الناس بمائكم ، وهوائكم ، وفاكهتكم ، وحماماتكم ، فأحببت أن يكون مسجدكم الخامس ، فاحمدوا الله تعالى فانصرفوا وهم شاكرين [داعين] .
وقد حكى
محمد بن عبد الملك الهمداني ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ حكى عن بعض السلف أنه قال: ما يجوز أن يكون أحد أشد شوقا إلى الجنة من أهل
دمشق لما يرون من حسن مسجدهم .
[ ص: 287 ]
قال: ودخله
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم nindex.php?page=showalam&ids=17299ويحيى بن أكثم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون: أي شيء يعجبكم من هذا المسجد؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم: ذهبه فإنا نصنعه فلا تمضي عشرون سنة حتى يتحول ، وهذا بحاله كأن الصانع قد فرغ منه الآن ، فقال: ما أعجبني هذا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم: الذي أعجبك يا أمير المؤمنين تأليف رخامه فإن فيه عقودا ما يرى مثلها ، قال: كلا ، بل أعجبني أنه شيء على غير مثال شوهد .
قال: وأمر
الوليد أن يسقف بالرصاص ، فطلب من كل البلاد ، وبقيت قطعة لم يوجد لها رصاص إلا عند امرأة ، فأبت أن تبيعه إلا بوزنه ذهبا ، فقال: اشتروه منها ولو بوزنه مرتين ، ففعلوا ووزنوا مثله ، فلما قبضته قالت: إني ظننت من صاحبكم أنه يظلم الناس في بنائه فلما رأيت إنصافه رددت الثمن . فلما بلغ ذلك
الوليد أمر أن يكتب على صفائح المرأة لله ، ولم يدخله فيما عمله ، وفيما كتب عليه اسمه .
قال
محمد بن عبد الملك: وقد قيل إنه أنفق عليه خراج الدنيا ثلاث مرات ، وأنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصناع فيه ستة آلاف دينار ، وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب ، فلم يقدر أحد أن يصلي فيه لعظم شعاعها فدخنت .
وعمل هذا الجامع في تسع سنين .
قال: وقال
موسى بن حماد البربري: رأيت في مسجد
دمشق كتابا بالذهب في الزجاج محفورا عليه سورة "ألهاكم التكاثر" إلى آخرها ، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في قاف المقابر ، فسألت عن ذلك ، فقيل لي: كان
للوليد ابنة ولها هذه الجوهرة ، وكانت ابنة نفيسة فماتت ، فأمرت أمها أن تدفن هذه الجوهرة معها في قبرها ، فأمر
الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من ألهاكم التكاثر ، ثم حلف لأمها أنه قد أودعها في المقابر فسكتت .