ومن الأحداث في أيام
الخليل عليه السلام
هلاك قوم لوط
قد ذكرنا أن
لوطا عليه السلام هاجر مع عمه
إبراهيم عليه السلام مؤمنا به ، متبعا له على دينه إلى
الشام ، معهما
سارة . وقد قيل: كان معهم
تارخ أبو إبراهيم وهو على غير دينه حتى صاروا إلى
حران ، فمات
تارخ بحران على كفره . وشخص
إبراهيم ولوط وسارة إلى
الشام ، واختتن
لوط مع
إبراهيم ، ولوط ابن ثلاث وخمسين سنة ، ثم مضوا إلى
مصر فصادفوا هناك فرعونا من فراعنتها ، ويقال له: أخو
الضحاك ، وجهه
الضحاك عاملا عليها من قبله ، فرجعوا عودا على بدئهم إلى
الشام ، فنزل
إبراهيم فلسطين ونزل
لوط الأردن ، فأرسل الله تعالى
لوطا وذلك في وسط عمر
إبراهيم .
وهو:
لوط بن هاران بن تارخ ، ورأيت بخط
nindex.php?page=showalam&ids=12915أبي الحسين بن المنادي: "هازن" بالزاء المعجمة من غير ألف .
[ ص: 283 ]
بعث إلى
أهل سدوم ، فكانوا أهل كفر بالله وركوب الفاحشة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: كان بعضهم يجامع بعضا في المجالس .
قال العلماء بالسير:
كان لوط يدعوهم إلى عبادة الله وينهاهم عن الفاحشة ، ولا يزجرهم وعيده ولا يزيدهم إلا عتوا ، فسأل الله تعالى أن ينصره عليهم ، فبعث الله تعالى
جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، فأقبلوا مشاة في صورة رجال شباب ، فنزلوا على
إبراهيم ، وكان قد احتبس عنه الضيف أياما ففرح بهم ، ورآهم في غاية الحسن والجمال ، فقام يخدمهم فجاء بعجل سمين ، فأمسكوا ، فقال: ألا تأكلون؟ فقالوا: لا نأكل طعاما إلا بثمنه ، قال: فإن له ثمنا ، قالوا: وما هو؟ قال:
تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره ، فنظر
جبرئيل إلى
ميكائيل وقال: حق لهذا أن يتخذه الله خليلا ، ثم رأى إمساكهم ففزع منهم ، وظنهم لصوصا ، قالوا: لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم
لوط ، فضحكت
سارة تعجبا وقالت: لحقتم بابنا ولا تأكلون طعامنا؟ فقال
جبرئيل: أيتها الضاحكة أبشري
بإسحاق ومن وراء
إسحاق يعقوب ، وكانت بنت تسعين سنة
وإبراهيم ابن مائة وعشرين سنة .
فلما سكن روعه ، وأعلموا لماذا أرسلوا فناظرهم في ذلك كما قال الله عز وجل:
فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط [11: 74] .
وكان جداله إياهم أن الملائكة قالوا:
إنا مهلكو أهل هذه القرية [29: 31] فقال لهم: أتهلكون قرية فيها أربعمائة مؤمنون؟ قالوا: لا ، قال: ثلاثمائة؟ قالوا: لا ، قال: مائتان ، قالوا: لا ، قال: مائة ، قالوا لا ، قال: أربعون ، قالوا لا ، قال: أربعة عشر ، قالوا: لا . وكان يعدهم أربعة عشر مع امرأة
لوط . فسكت واطمأنت نفسه . هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: قال الملك
لإبراهيم: إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: جاءت الرسل
لوطا وهو في أرض له يعمل فيها ، وقد قيل لهم -والله
[ ص: 284 ] أعلم-: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم
لوط ، فأتوه فقالوا: إنا مضيفوك الليلة . فانطلق بهم فلما مشى ساعة التفت فقال: أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض ناسا أخبث منهم . فانطلق بهم فلما بصرت عجوز السوء امرأته بهم انطلقت وأنذرتهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أشياخه: لما خرجت الملائكة من عند
إبراهيم نحو قرية
لوط أتوهم نصف النهار ، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة
لوط تستقي الماء لأهلها ، وكانت له ابنتان ، اسم الكبرى
ريثا ، والصغرى
رعرثا ، فقالوا لها: يا جارية هل من منزل؟ قالت: نعم ، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم ، فزعت عليهم من قومها ، فأتت أباها فقالت: يا أبتاه أدركت فتيانا على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم هي أحسن من وجوههم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم ، وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا ، فجاء بهم فلم يعلم أحد إلا أهل بيت
لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها وقالت: إن في [بيت]
لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط . فجاء قومه يهرعون إليه .
قال علماء السير: فلما أتاه قومه جعل يلطف بهم ويقول:
فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي ويقول: هؤلاء بناتي [هن أطهر لكم مما تريدون] .
فلما لم يلتفتوا إلى قوله قال:
لو أن لي بكم قوة [11: 80] أي: لو أن لي أنصارا ينصرونني عليكم أو عشيرة يمنعونني منكم لحلت بينكم وبين ما جئتم . فلما اشتد الأمر عليه ، قالت له الرسل:
إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فقال: أهلكوهم الساعة .
فقال
جبرئيل: إن موعدهم الصبح . فطمس
جبرئيل أعينهم ، فقالوا: يا
لوط جئتنا بقوم سحرة كما أنت حتى تصبح . فأمر أن يسري بأهله ، فخرج وقت سحر ، ثم أدخل
جبرئيل جناحه في أرضهم فرفعها ، وكانت خمس قريات أعظمها
سدوم حتى سمع أهل
[ ص: 285 ] السماء صياح الديكة ونباح الكلاب ، فجعل عاليها سافلها ، ورموا بالحجارة ، فكانوا أربعة آلاف ألف ، وتبعت الحجارة شذاذ القوم ، وسمعت امرأة
لوط الهدة ، فقالت: واقوماه ، فأدركها حجر فقتلها .
وتوفي
لوط وهو ابن ثمانين سنة ، وعلى مقتضى الحساب يكون وفاة
لوط قبل
إبراهيم بسنين كثيرة .
ومن الحوادث في أيام
الخليل عليه السلام موت
سارة
فإنها توفيت
بالشام ، وقيل: ماتت
بأرض كنعان ، وهي بنت مائة وسبع وعشرين سنة ، فدفنت بمزرعة اشتراها
إبراهيم .
وأما
هاجر فقد ذكرنا في الحديث الصحيح أنها ماتت
بمكة قبل بناء البيت .
ومن الحوادث تزوج
الخليل بعد
سارة
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: لما ماتت
سارة تزوج بعدها من الكنعانيين من العرب العاربة ، واسمها
قنطورا بنت يقطان . ويقال: بنت مقطور ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: يوشك بنو قنطورا أن يخرجوا أهل
البصرة منها .
قال شيخنا
أبو منصور اللغوي: يقال: إن قنطورا كانت جارية
لإبراهيم ، فولدت له أولادا ، والترك من نسلها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: ولدت له
قنطورا ستة نفر: منهم
مدين وأولاده الذين أرسل إليهم
شعيب .
وقيل: تزوج أخرى اسمها
حجون ، فولدت له خمس بنين .
[ ص: 286 ]