ذكر
من توفي في هذه السنة من الأكابر
533 -
الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل ، وهو عتبة بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عوف بن سعد بن عوف بن ثقيف ، من الأحلاف:
وأمه
الفارعة بنت همام ، وكانت عند
المغيرة بن شعبة ، فولدت له بنتا . وكان
الحجاج أخفش ، دقيق الصوت فصيحا حسن الحفظ للقرآن ، إلا أنه قد أخذ عليه فيه لحن .
قال
ليحيى بن يعمر: أتجدني ألحن ، قال: الأمير أفصح من ذلك ، قال: عزمت عليك لتخبرني ، قال: نعم:
ومساكن ترضونها أحب إليكم بالرفع وأحب منصوب ، قال: لا تسمعني ألحن بعدها فنفاه إلى
خراسان .
وكان
الحجاج أول أيامه معلما ، وكان يقرأ في كل ليلة ربع القرآن . وسمع الحديث وأسنده ، وليس بأهل أن يروى عنه .
وكان
الحجاج قد أذل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل
المدينة خاصة ، واحتج بأنهم لم ينصروا
عثمان ، وقتل الخلق الكثير يحتج عليهم بأنهم خرجوا على
عبد الملك .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15078أبو الفتح الكروخي ، [قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12064أبو عامر الأزدي ، وأبو بكر الكروخي ، [ ص: 337 ] قالا: أخبرنا
عبد الجبار بن محمد بن الجراح ، عن
أبي العباس بن محبوب] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، قال:
أحصينا ما قتل
الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف رجل .
وأخبرنا
عبد الوهاب بإسناد له عن
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي ، قال: حدثنا
أبو عاصم ، عن
عباد بن كثير ، عن
قحذم ، قال:
وجد في سجن
الحجاج ثلاثة وثلاثين ألفا ما يجب على أحد منهم قطع ولا قتل ولا صلب ، ووجد فيهم أعرابي رئي جالسا يبول عند ربض
المدينة - يعني
واسط - فخلى عنه ، فانصرف وهو يقول:
إذا نحن جاوزنا مدينة واسط خرينا وصلينا بغير حساب
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13594ابن ناصر ، قال: أخبرنا
علي بن أحمد البسري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12998أبي عبد الله بن بطة ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا
أحمد بن عبيد ، قال:
أخبرنا
هشام بن محمد الكلبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16731عوانة بن الحكم ، قال: دخل
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه على
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف ، فلما وقف سلم عليه ، فقال له
الحجاج: إيه إيه يا
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، يوم لك مع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ويوم لك مع
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، ويوم لك مع
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث ، والله لأستأصلنك كما تستأصل الشأفة ، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: إياي - يعني الأمير - أصلحه الله؟ قال: إياك صك الله سمعك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: إنا لله وإنا إليه راجعون ، 2: 156 والله لولا الصبية الصغار ما باليت أي قتلة قتلت ، ولا أي ميتة مت .
ثم خرج من عنده ، فكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ، فلما قرأ كتابه
[ ص: 338 ] استشاط غضبا وصفق عجبا وتعاظم ذلك من
الحجاج . وكان كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان:
بسم الله الرحمن الرحيم . إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين من
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، أما بعد ، فإن
الحجاج قال لي هجرا ، وأسمعني نكرا ، ولم أكن له منك ومنه أهلا ، فخذلني على يديه وأعني عليه فإني أمت إليك بخدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .
فبعث إلى
إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، وكان مصافيا
للحجاج ، فقال: دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد إلى
العراق ، فابدأ
بأنس بن مالك وادفع إليه كتابه وأبلغه مني السلام ، وقل له: يا
أبا حمزة ، قد كتبت إلى الملعون
الحجاج كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك .
وكان كتاب
عبد الملك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: بسم الله الرحمن الرحيم ، من
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، أما بعد ، فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من شكايتك
الحجاج ، وما سلطته عليك ، ولا أمرته بالإساءة إليك ، فإن عاد لمثلها فاكتب إلي بذلك أنزل به عقوبتي ، وتحسن لك معونتي ، والسلام .
فلما قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس كتابه قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا ، وعافاه ، فهذا كان ظني به والرجاء منه . فقال له
إسماعيل: يا
أبا حمزة ، الحجاج عامل أمير المؤمنين ، وليس بك عنه غنى ، ولا بأهل بيتك ، ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك قدر أن يضر وينفع ، فقاربه وداره ، قال: أفعل إن شاء الله . ثم خرج
إسماعيل من عنده فدخل على
الحجاج ، فلما رآه قال: مرحبا برجل أحبه ، وقد كنت أحب لقاءه ، قال: فأنا والله قد كنت أحب لقاءك في غير ما أتيتك به ، قال: وما أتيتني به؟ قال: فارقت أمير المؤمنين وهو من أشد الناس عليك غضبا ومنك بعدا ، فاستوى جالسا مرعوبا ، فرمى إليه بالطومار ، فجعل ينظر فيه مرة ويعرق ، وينظر إلى
إسماعيل أخرى ، فلما فهمه قال: مر بنا إلى
أبي حمزة نعتذر إليه ونترضاه ، قال: لا تعجل ، قال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة ، ثم رمى الطومار إليه فإذا فيه .
بسم الله الرحمن الرحيم . من
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى
[ ص: 339 ] nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف . أما بعد ، فإنك عبد طمت بك الأمور ، فسموت فيها وعدوت طورك وجاوزت قدرك ، وأردت أن تروزني ، فإن سوغتكها مضيت قدما ، وإن [لم] رجعت القهقرى فلعنك الله عبدا أخفش العينين ، منقوص الجاعرتين ، أنسيت مكاسب آبائك
بالطائف ، وحفرهم الآبار بأيديهم ، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل ، يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب ، والله لأغمزنك غمزة الليث الثعلب ، والصقر الأرنب ، وثبت على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فلم تقبل له إحسانه ، واستخفافا منك بالعهد ، والله لو أن اليهود والنصارى رأت رجلا خدم
عزير بن عزرة وعيسى بن مريم لعظمته وشرفته وأكرمته ، فكيف وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خدمه ثماني سنين يطلعه على سره ، ويشاوره في أمره ، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا قرأت كتابي هذا فكن أطوع له من خفه ونعله ، وإلا أتاك مني سهم مثكل بحتف قاض ، و
لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون .
فأتاه فترضاه . وما عرف
لعبد الملك منقبة أكرم منها .
أخبرنا
محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا
محمد بن علي النرسي ، قال: أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن الحسني ، قال: أخبرنا
زيد بن جعفر بن حاجب ، قال: أخبرنا
صالح بن وصيف الكناني ، قال: حدثنا
أبو المعمر محمد بن مسلم بن عثمان الأموي ، قال: حدثني
محمد بن سهل بن عمير المازني ، قال: حدثني أبي ، قال:
عرض nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف خيلا له ، فأرسل إلى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له: أين هذه من التي كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: تلك والله كما قال الله عز وجل: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وهذه هيئت للرياء والسمعة ، فقال له الحجاج: لولا كتاب أمير المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أتاني لفعلت وفعلت ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: تالله ، لم تقدر على ذلك ، علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أتحرز بهن من كل شيطان مريد ، ومن كل جبار عنيد ، قال: فجثا الحجاج على ركبتيه ثم قال: علمنيهن يا عم ، قال: تالله لست لهن
[ ص: 340 ]
بأهل . قال: فدس إليه وإلى ولده وإلى أهله ، فأبوا أن يعلموه .
قال أبو المعمر: قال محمد بن سهل: قال أبي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي بسم الله [على نفسي وديني ، بسم الله] على أهلي ومالي ، بسم الله على ما أعطاني ربي ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ربي لا أشرك به شيئا ، أجرني من كل شيطان رجيم ، ومن كل جبار عنيد ، إن وليي الله الذي نزل الكتاب ، وهو يتولى الصالحين فإن تولوا فقل: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم . قال
محمد بن سهل: وحدثني أبي ، قال: كنت في مجلس [فيه]
الحسن بن أبي الحسن البصري جالسا إذ مر به
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف على برذون له ، فنزل فشق الناس حتى قعد إلى جانب
الحسن ، وجعل
الحسن يحدث الناس ويهوي بيده إلى بغلة كأنه يريد القيام ، فلما رأى
الحجاج ما يصنع قال: يا
أبا سعيد ، لعلك تفعل هذا من أجلي ، قال: لا ، ولكن يمر بنا الضعيف وذو الحاجة فيشتغل بكلامنا عن حاجته ، فالتفت
الحجاج إلى جلساء
الحسن ، فقال: نعم الشيخ شيخكم ، ونعم المؤدب مؤدبكم ، ولولا الرعية وهذه البلية لأحببت مشاهدة شيخكم . ثم قام فركب ، فقام رجل من أهل الديوان ، فقال: يا
أبا سعيد أخرج عطائي ، وأمر ببعثي ، وأخذت بفرس وسلاح ، ولا والله ما فيه ثمن الفرس ولا نفقة عيالي . قال: فأرسل
الحسن عينيه بالبكاء ، ثم قال: ما لهم قاتلهم الله اتخذوا عباد الله خولا ، ومال الله دولا ، وكتاب الله دغلا ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ، والنجس بالزكاة ، يأخذون من غير حق الله ، وينفقون في سخط الله ، فستردون فتعلمون والحساب عند البيدر ، وإذا أقبل عدو الله ففي سرادقات محفوفة - ويقال: رفافة - وإذا أقبل أخوه المسلم فطار وأجل منفعة قليلة وندامة طويلة .
قال: فما لبث أن سعى بكلامه إلى
الحجاج ، فأرسل إليه شرطيين فأخذا بضبعيه
[ ص: 341 ] حتى أدخلاه على
الحجاج ، وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني ومحمد بن سيرين ومعه الكفن والحنوط ، فلما أدخل عليه قال: يا ابن أم
الحسن ، أنت القائل ما لهم قاتلهم الله اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا وكتاب الله دغلا ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ، والنجس بالزكاة ، فذكر الكلام إلى آخره ، قال: نعم ، قال: وما الذي جرأك عليه؟ قال: ما أخذ الله على من كان قبلنا ، قال الله -عز وجل-
وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فكرهت أن أكون من أولئك القوم ، قال: نعم الشيخ أنت ، ونعم المؤدب أنت ، وليس مثلك أخذ بكلمة استخرجها ، ولئن بلغني عنك ثانيا لأفرقن بين رأسك وجسدك ، فقال له
الحسن: ليس ذاك إليك ، ثم قال يا جارية ، هات الغالية ، فجاءت جارية فقال: أفرغيه على رأسه ، فكشف
الحسن عن شعره ، فقال: إنه لرأس ما أصابه الدهن منذ كذا وكذا .
فخرج إلى أصحابه ، فقال له:
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني ، ما قال لك الطاغية؟ وما رددت عليه؟ قال: قال لي كذا وقلت له كذا ، وإنكم ستطلبون . فخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين إلى بلاد
الهند ، خرج
ثابت إلى
كابل ، وأقام
الحسن حتى صلى الجمعة خلف
الحجاج ، فرقي
الحجاج المنبر فأطال الخطبة حتى دخل في وقت العصر ، فقال
الحسن: أما من رجل يقول: الصلاة جامعة ، فقال رجل من تلامذة
الحسن: يا
أبا سعيد أتأمرنا أن نتكلم والإمام يخطب ، فقال: إنما أمرنا أن ننصت لهم إذا أخذوا في أمر ديننا ، فإذا أخذوا في أمر دنياهم أخذنا في أمر ديننا ، قوموا الصلاة جامعة ، ثم التفت إلى جلسائه فقال: بعث إليكم أخيفش أعيمش ملعون معذب ، قوموا الصلاة جامعة ، فقام
الحسن ، وقام الناس لقيام
الحسن ، فقطع
الحجاج الخطبة ونزل فصلى بهم ، وطلب
الحجاج الحسن فلم يقدر عليه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري ، عن أبيه ، عن
العباس بن ميمون ، عن
ابن عائشة ، عن أبيه ، قال:
[ ص: 342 ]
كان سجن
الحجاج بواسط ، إنما هو حائط محوط ، ليس فيه مآل ولا ظل ولا بيت ، فإذا آوى المسجونون إلى الجدران يستظلون بها رمتهم الحرس بالحجارة ، وكان يطعمهم خبز الشعير مخلوطا به الملح والرماد ، فكان لا يلبث الرجل فيه إلا يسيرا حتى يسود فيصير كأنه زنجي ، فحبس فيه مرة غلام ، فجاءته أمه تتعرف خبره فصيح به لها ، فلما رأته أنكرته وقالت: ليس هذا ابني ، كان ابني أشقر أحمر وهذا زنجي ، فقال لها: أنا والله يا أماه ابنك ، أنا فلان وأختي فلانة وأبي فلان ، فلما عرفته شهقت فماتت .
قال: وقال
الحجاج ليزيد بن أبي مسلم: كم قد قتلنا في الظنة؟ قال: ثمانين ألفا .
قال: وخرج من سجنه يوم مات
الحجاج ما منهم من حل من قيد ولا غير حالا إلا في بلده الذي كان منه .
أخبرنا
عبد الوهاب بن المبارك ، ومحمد بن ناصر ، قالا: أخبرنا
أبو الحسين بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا
يحيى بن الحسين بن المنذر القاضي ، قال: أخبرنا
إسماعيل بن سعيد بن سويد ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا
أحمد بن إبراهيم بن عثمان أبو العباس الوراق ، ومحمد بن أبي يعقوب الدينوري ، قالا:
مرض
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف مرضا أشرف منه على الموت ، فبلغه أن أهل
الكوفة يرجعون بموته ، فلما بريء صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: يا أهل
الكوفة ، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق ، قد نفخ الشيطان في معاطسكم - أو قال: مناخركم - زعمتم أن
الحجاج قد مات ، فإن مات
الحجاج فمه ، والله ما يسرني أني لا أموت وما أرجو الخير كله إلا بعد الموت ، وما رضي الله تعالى الخلود لأحد من خلقه إلا لأهونهم عليه إبليس ، ولقد سأل العبد الصالح ربه فقال:
رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي [ ص: 343 ]
ثم اضمحل كأن لم يكن ، يا أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل ، والله لكأني [بي] وبكم ، وقد صار كل حي منا ميتا ، وكل رطب منا يابسا ، ونقل كل امرئ منا في ثياب طهره إلى ثلاث أذرع في ذراعين ، فأكلت الأرض لحمه ومصت دمه وصديده ، ورجع الخبيثان يقيم أحدهما صاحبه خبيثة من ولده يقسم خبيثة من ماله ، ألا إن الذين يعلمون يعلمون ما أقول ، ثم نزل .
أخبرنا
محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15263المعافى بن زكريا ، قال: حدثنا
الحسن بن أحمد الكلبي ، قال: حدثنا
محمد بن زكريا ، قال: حدثنا
عبد الله بن محمد بن عائشة ، قال: حدثني أبي ، قال:
لما أراد
الحجاج الخروج من
البصرة إلى
مكة خطب الناس ، وقال: يا أهل
البصرة ، إني أريد الخروج إلى
مكة ، وقد استخلفت عليكم
محمدا ابني ، وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الأنصار ، فإنه أوصى في
الأنصار أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، ألا وإني قد أوصيته بكم ألا يقبل من محسنكم ، ولا يتجاوز عن مسيئكم ، ألا فإنكم قائلون: لا أحسن الله له الصحابة ، وإني معجل لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة .
تم الجزء السادس من كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي عفى الله عنه وعن جميع المسلمين . يتلوه في الجزء السابع ذكر وفاة
الحجاج . قد ذكرنا أن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان أوصى
الوليد بالحجاج ثم لم يلبث
الحجاج . . . . .