صفحة جزء
ذكر طرف من أخباره وسيرته

أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحميدي ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي ، قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب ، قال: أخبرنا [ ص: 98 ] ابن دريد ، قال: أخبرنا أبو حاتم ، عن أبي عبيد ، عن يونس ، قال:

اشترى هشام بن عبد الملك جارية ، وخلا بها ، فقالت له: يا أمير المؤمنين ، ما من منزلة أطمع فيها فوق منزلتي إذ صرت للخليفة ، ولكن النار ليس لها خطر ، إن ابنك فلانا اشتراني ، فكنت عنده - لا أدري ذكر ليلة أو نحو ذلك - لا يحل لك مسي ، قال:

فحسن هذا القول [منها] عنده وحظيت عنده وتركها وولاها أمره .

قال علماء السير: وكان هشام إذا صلى الغداة كان أول من يدخل عليه صاحب حرسه ، فيخبره بما حدث في الليل . ثم يدخل عليه موليان له ، مع كل واحد منهما مصحف ، فيقعد أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره حتى يقرأ عليهما جزأه ، ويدخل الحاجب فيقول: فلان بالباب ، وفلان ، وفلان ، فيقول: ائذن . فلا يزال الناس يدخلون عليه ، فإذا انتصف النهار وضع طعامه ورفعت الستور ، ودخل الناس وأصحاب الحوائج وكاتبه قاعد خلف ظهره ، فيقول: أصحاب الحوائج ، فيسألون حوائجهم ، فيقول:

لا ونعم ، والكاتب خلفه يوقع بما يقول ، حتى إذا فرغ من طعامه وانصرف الناس صار إلى قائلته ، فإذا صلى الظهر دعى بكتابه فناظرهم فيما ورد من أمور الناس حتى يصلي العصر ، ثم يأذن للناس ، فإذا صلى العشاء الآخرة حضر سماره ، الزهري وغيره .

فجاء الخبر من أرمينية أن خاقان قد خرج ، فنهض في الحال وحلف أن لا يؤويه سقف بيت حتى يفتح الله عليه ، وسيأتي ذكر هذه القصة فيما بعد إن شاء الله تعالى .

وقال بشر مولى هشام: تفقد هشام بعض ولده لم يحضر الجمعة ، فقال له: ما منعك؟ فقال: نفقت دابتي ، قال: وعجزت عن المشي فتركت الجمعة ، فمنعه الدابة سنة .

وظهر في أيام هشام غيلان بن مروان أبو مروان الدمشقي فأظهر الاعتزال فقتله وصلبه بباب دمشق .

أخبرنا أبو الحصين ، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن عبد الله الشافعي ، قال: [ ص: 99 ]

حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال: حدثنا إسماعيل بن الحارث بن كثير بن هشام ، عن عبد الله بن زياد ، قال:

قال غيلان لربيعة بن أبي عبد الرحمن : أنشدك الله ، أترى الله يحب أن يعصى؟

قال ربيعة: أنشدك الله ، أترى الله يعصى قسرا ، فكأن ربيعة ألقم حجرا .

أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي ، ومحمد بن ناصر الحافظان ، قالا: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن قشيش ، قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن محمد بن علي الجوادي ، قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري ، قال:

قال أبي ، حدثنا أحمد بن عبيد المدائني ، قال:

حكي لنا أن أبا جعفر المنصور وجه إلى شيخ من أهل الشام كان بطانة هشام بن عبد الملك فسأله عن تدبير هشام في بعض حروبه الخوارج ، فوصف له الشيخ ما دبر ، فقال: فعل رحمه الله كذا ، وصنع رحمه الله كذا وكذا ، فقال له المنصور: قم عليك وعليه لعنة الله ، تطأ بساطي وتترحم على عدوي ، فقام الرجل وهو يقول وهو مول: إن نعم عدوك لقلادة في عنقي لا ينزعها إلا غاسلي ، فقال له المنصور: ارجع يا شيخ ، فرجع فقال: أشهد أنك نهيض حر وغراس شريف ، عد إلى حديثك ، فعاد الشيخ إلى حديثه حتى إذا فرغ دعى له بمال فأخذه وقال: والله يا أمير المؤمنين ما بي إليه من حاجة ، ولقد مات عني من كنت في ذكره آنفا ، فما أحوجني إلى وقوف بباب أحد ، ولولا جلالة عز أمير المؤمنين وإيثار طاعته ما لبست لأحد بعده نعمة ، فقال له المنصور:

مت إذا شئت لله أبوك ، فلو لم يكن لقومك غيرك كنت قد أبقيت لهم مجدا مخلدا .

وكان هشام لا يلتفت إلى أولاد عمر بن عبد العزيز ولا يعطيهم شيئا ويقول: أرضى لهم ما رضي لهم أبوهم .

وكان العامل في هذه السنة على المدينة ومكة والطائف عبد الواحد النضري ، [ ص: 100 ] وعلى قضاء الكوفة حسين بن حسن الكوفي ، وعلى قضاء البصرة موسى بن أنس .

وكان خالد القسري على العراق وخراسان . وقيل: إنما استعمل في سنة ست . وكان العامل في هذه السنة عمر بن هبيرة ، فعزله هشام في أول ولايته وولى خالدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية