ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائة
فمن الحوادث فيها
هلاك شيبان بن عبد العزيز اليشكري . وكان السبب في ذلك أن
الخوارج لما قتل
الضحاك والخيبري بعده ولوا عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان وبايعوه ، فقاتلهم
مروان تسعة أشهر ، فلجئوا إلى
الموصل واتبعهم
مروان وخندق بإزائهم . فكتب
مروان إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13614يزيد بن عمر بن هبيرة يأمره بالمسير من
قرقيسياء بجميع من معه إلى
عبيدة بن سوار خليفة
الضحاك بالعراق ، فلقي خيوله
بعين التمر ، فقاتلهم
عبيدة فهزمهم ، ثم تجمعوا لهم
بالكوفة بالنخيلة فهزمهم ، ثم اجتمعوا بالصراة ومعهم
عبيدة ، فقاتلهم [فقتل
عبيدة] وهزم أصحابه ، [واستباح عسكرهم فلم يكن لهم بقية
بالعراق ، وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان وأصحابه] من
الموصل فتبعهم
مروان فمضوا إلى
الأهواز ، فوجه
مروان إلى
عامر بن ضبارة ثلاثة نفر من قواده في ثلاثة آلاف ، وأمره باتباعهم إلى أن يستأصلهم ، فتبعهم فوردوا فارس فمضى
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان إلى ناحية
البحرين فقتل بها .
وكان مع
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان سليمان بن هشام ، فركب مع مواليه وأهل بيته السفن إلى
السند .
وقيل: كان ذلك في سنة ثلاثين .
[ ص: 270 ] [إظهار الدعوة العباسية بخراسان ] .
وفي هذه السنة -أعني سنة تسع وعشرين ومائة- أمر
إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبا مسلم بالانصراف إلى شيعته
بخراسان وأمرهم بإظهار الدعوة العباسية والتسويد . فقدم
أبو مسلم مرو في أول شعبان . وقيل: في أول يوم من رمضان .
فدفع كتاب الإمام إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير ، وكان فيه: أن أظهر دعوتك ولا تربص . فنصبوا
أبا مسلم وقالوا: رجل من أهل البيت ، ودعوا إلى طاعة
بني العباس ، وأرسلوا إلى كل من أجابهم قريب وبعيد ، فأمروه بإظهار أمرهم والدعاء [إليهم] .
ونزل
أبو مسلم قرية من قرى
خزاعة ، فبث دعاته في الناس ، فوجه
النضر التميمي إلى
مرو الروذ ، ووجه
أبا عاصم عبد الرحمن بن سليمان إلى
الطالقان ، ووجه
أبا الجهم بن عطية إلى
خوارزم .
فلما كانت ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان عقد اللواء الذي بعث به للإمام على رمح طوله أربعة عشر ذراعا ، وعقد الراية التي بعث بها للإمام على لواء طوله ثلاثة عشر ذراعا . وكان اللواء يدعى الظل ، والراية تدعى السحاب ، وكان تأويل الاسمين عندهم أن السحاب يطبق الأرض ، وكذلك دعوة
بني العباس تطبق الأرض . وتأويل الظل أن الأرض لا تخلو من الظل أبدا ، كذلك لا تخلو الأرض من خليفة عباسي ، ولبس السواد هو
وسليمان بن كثير وأخوه
[سليمان] ومواليه ومن أجاب
[ ص: 271 ] الدعوة ، وأوقد النيران ، فتجمع أصحابه مغذين ، وقدم عليه من الأماكن من أجاب .
فلما كان يوم الفطر أمر
أبو مسلم nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير أن يصلي به وبالشيعة ، ونصب له منبرا في العسكر ، وأمره أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة [بغير] أذان ولا إقامة -وكانت
بنو أمية تبدأ بالخطبة بأذان ، ثم الصلاة بإقامة على صلاة يوم الجمعة ، ويخطبون على المنابر جلوسا في الأعياد والجمع- وأمر
أبو مسلم nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير أن يكبر في الركعة الأولى ست تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات -وكانت
بنو أمية تكبر في الركعة الأولى أربع تكبيرات يوم العيد ، وفي الثانية ثلاث تكبيرات- فلما قضى
nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير الصلاة والخطبة انصرف
أبو مسلم [والشيعة إلى طعام قد أعده لهم
أبو مسلم] ، فطعموا مستبشرين .
وكان
أبو مسلم في أول الأمر يكتب إلى
نصر بن سيار: الأمير
نصر . فلما قوي
أبو مسلم بمن معه بدأ بنفسه فكتب إلى
نصر ، وأمر أن يقطع مادة
نصر بن سيار من
مرو الروذ ومن
بلخ ، فوجه
نصر خيلا لمحاربة
أبي مسلم وذلك بعد ثمانية عشر شهرا من ظهوره ، فوجه إليه
أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي ، فالتقوا بقرية فانهزم أصحاب
نصر ، وقتل منهم جماعة وجيء برؤوسهم ، فأمر
أبو مسلم بنصب تلك الرؤوس ، فهي أول حرب كانت بين الشيعة
العباسية وشيعة
بني مروان .
وفي هذه السنة:
غلب خازم بن خزيمة على مرو الروذ ، وقتل عامل نصر بن سيار الذي كان عليها ، وكتب بالفتح إلى
أبي مسلم .
وفيها تحالف عامة من كان
بخراسان من قبائل العرب على قتال
أبي مسلم .
وذلك حين قوي أمره ، فبعث
أبو مسلم النضر بن نعيم الضبي إلى
هراة وعليها
[ ص: 272 ] عيسى بن عقيل الليثي فطرده من
هراة ، وضاق المنزل
بأبي مسلم لكثرة عسكره ، فارتاد منزلا فسيحا وحفر به خندقا ، وذلك لتسع خلون من ذي القعدة . واستعمل على الشرطة
مالك بن الهيثم وعلى الحرس
خالد بن عثمان ، وعلى ديوان الجند
كامل بن مظفر ، وعلى الرسائل
مسلم بن صبيح .
وكان
القاسم بن مجاشع يصلي
بأبي مسلم الصلوات ، ويقص بعد العصر ، فيذكر فضل
بني هاشم ومعايب
بني أمية ، وكان
أبو مسلم كرجل من الشيعة في هيئته حتى أتاه
عبيد الله بن مسلم بالأروقة ، والفساطيط والمطابخ وحياض الأدم للماء .
وبلغت عدة أصحاب
أبي مسلم سبعة آلاف ، فأعطى لكل رجل ثلاثة دراهم ، ثم أعطاهم أربعة أربعة ، وكتب
نصر بن سيار إلى
مروان يعلمه حال
أبي مسلم وخروجه وكثرة من معه ، وأنه يدعو إلى
إبراهيم بن محمد ، وكتب بأبيات شعر:
أرى بين الرماد وميض جمر فأحر بأن يكون له ضرام فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب أولها الكلام فقلت من التعجب ليت شعري
أأيقاظ أمية أم نيام
فكتب إليه
مروان: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فاحسم الثؤلول قبلك ، فقال
نصر: أما صاحبكم فقد أعلمكم أن لا نصر عنده . وجاء كتاب
إبراهيم الإمام يلوم
أبا مسلم أن لا يكون واثب
نصرا ، وأمره ألا يدع
بخراسان متكلما بالعربية إلا قتله .
وكتب
مروان إلى
الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو على
دمشق أن يكتب إلى عامل
البلقاء فليأخذ
إبراهيم بن محمد ، ويشده وثاقا ، ويبعث به إليه في خيل ، فأخذه فحمله
الوليد إلى
مروان . [ ص: 273 ]
وفي هذه السنة: وافى [الموسم]
أبو حمزة الخارجي من قبل
عبد الله بن يحيى مخالفا
مروان بن محمد ، فلم يشعر الناس
بعرفة إلا وقد طلعت أعلام سود ، فسألهم الناس: ما حالكم؟ فأخبروهم بخلافهم
مروان وآل مروان والتبرؤ منهم .
فراسلهم
عبد الواحد بن سليمان في الهدنة ، فقالوا: نحن بحجنا أضن ، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون حتى ينفر الناس النفر الأخير ، ويصبحوا من الغد ، فوقفوا على حدة
بعرفة . ودفع بالناس
عبد الواحد ، ثم مضى إلى
المدينة فضرب على الناس البعث .
وفيها: حج بالناس
عبد الواحد ، وكان هو العامل على
مكة والمدينة والطائف . وكان على
العراق nindex.php?page=showalam&ids=13614يزيد بن عمر بن هبيرة ، وعلى قضاء
الكوفة الحجاج بن عاصم المحاربي ، وعلى قضاء
البصرة nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، وعلى
خراسان نصر بن سيار .