ثم دخلت سنة ثلاثين ومائة
فمن الحوادث فيها
دخول أبي مسلم مرو ، ونزوله دار الإمارة بها ، ومطابقة
علي بن جديع الكرماني إياه على حرب
نصر بن سيار ، ودخلها لتسع خلون من جمادى الأولى يوم الخميس .
وكان سبب موافقة
علي أبا مسلم ، أن
أبا مسلم وبخه وقال: أما تستحي من مصالحة
نصر وقد قتل أباك بالأمس وصلبه؟! فرجع عنه فانتقض صلح
العرب الذين اصطلحوا على قتال
أبي مسلم ، فتمكن لذلك أبو
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من دخول دار الإمارة
بمرو ، وعبأ جنوده لقتال
نصر ، فأرسل إلى جماعة بالقتال ، ففهم
لاهز ، فقرأ
لاهز إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ففطن فهرب وذلك يوم الجمعة لعشر خلون من جمادى الأول هذه السنة ، وهو اليوم الثاني من دخول
أبي مسلم دار الإمارة .
وصفت
مرو لأبي مسلم ، وأمر
أبا منصور طلحة بن رزيق أن يأخذ البيعة على الجند ، وكان
طلحة أحد النقباء الاثني عشر الذين اختارهم
محمد بن علي من السبعين الذين استجابوا له حين بعث رسوله إلى
خراسان سنة ثلاث ومائة ، أو أربع ومائة ، وأمره أن يدعو إلى الرضا ولا يسمي أحدا .
[ ص: 276 ]
- تسمية الاثني عشر:
nindex.php?page=showalam&ids=16046سليمان بن كثير ، ومالك بن الهيثم ، وزياد بن صالح ، وطلحة بن رزيق ، وعمرو بن أعين ، وقحطبة بن شبيب ، واسم
قحطبة زياد ، وموسى بن كعب أبو عيينة ، ولاهز بن قرظ ، والقاسم بن مجاشع ، وأسلم بن سلام ، وأبو داود خالد بن إبراهيم ، وأبو علي الهروي .
وقد جعل بعض الرواة
شبل بن طهمان مكان
عمرو بن أعين ، وعيسى بن كعب مكان
موسى ، وأبا النجم إسماعيل بن عمران مكان
أبي علي الهروي .
ولما هرب
نصر بن سيار سار
أبو مسلم إلى معسكره ، وأخذ ثقات أصحابه وصناديد
مضر الذين كانوا في عسكره ، فكتفهم وحبسهم ثم أمر بقتلهم جميعا . ومضى
نصر بن سيار حتى نزل
سرخس فيمن اتبعه ، وكانوا ثلاثة آلاف ، ومضى
أبو مسلم وعلي بن جديع في طلبه ، فطلباه ليلتهما ثم رجعا إلى
مرو ، وقيل: إن
لاهزا قرأ:
إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فقال: يا
لاهز أتدغل في الدين ، فقدمه فضرب عنقه .
وفي هذه السنة:
قتل شيبان بن سلمة الحروري ، وسبب [قتله] أنه كان هو
وعلي بن جديع مجتمعين على قتال
نصر ، فلما صالح
علي بن الكرماني أبا مسلم ، وفارق
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان ، تنحى
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان عن
مرو إذ علم أنه لا طاقة له بحرب
أبي مسلم وعلي بن جديع مع اجتماعهما على خلافه ، وقد هرب
نصر من
مرو ، فأرسل إليه
أبو مسلم يدعوه إلى بيعته ، فأرسل
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان: بل أنا أدعوك ، فقال
أبو مسلم: إن لم تدخل في أمرنا فارتحل ، فسار إلى
سرخس ، فاجتمع إليه جمع من
بكر بن وائل ، فأرسل إليه
أبو مسلم يدعوه ويسأله أن يكف ، فأخذ الرسل فحبسهم ، فكتب
أبو مسلم إلى
بسام بن إبراهيم يأمره أن يسير إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان فيقاتله ، ففعل فهزمه
بسام ، فقتل
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان ، وعده من
بكر بن [ ص: 277 ] وائل ، فلما قتل
nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان مر رجل من
بكر بن وائل برسل
أبي مسلم وهم في بيت ، فأخرجهم وقتلهم . ثم قتل
أبو مسلم علي بن جديع .
وفي هذه السنة: قدم
قحطبة بن شبيب على
أبي مسلم خراسان منصرفا من عند
إبراهيم بن محمد ومعه لواؤه الذي عقده له
إبراهيم ، فوجهه
أبو مسلم حين قدم عليه على مقدمته ، وضم إليه الجيوش ، وجعل إليه العزل والاستعمال ، وكتب إلى الجنود بالسمع والطاعة .
فوجه
قحطبة إلى
نيسابور للقاء
نصر ، وذلك أن
شيبان الحروري لما قتل لحق أصحابه
بنصر وهو
بنيسابور ، فبلغه فارتحل حتى نزل قومس وتفرق عنه أصحابه .
وفيها:
قتل نباتة بن حنظلة عامل يزيد بن هبيرة على جرجان ، وذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=13614يزيد بن عمر بن هبيرة بعث
نباتة بن حنظلة إلى
نصر ، فأتى
فارس وأصبهان ثم سار إلى
الري وأتى إلى
جرجان ، فأرسل
أبو مسلم إلى
قحطبة ، فلقيه فقتل
نباتة ، وانهزم أهل
الشام ، وقتل منهم عشرة آلاف .
وفيها: كانت الوقعة
بقديد بين
أبي حمزة الخارجي وأهل
المدينة . وذلك أنه خرج فلقي
قريشا بقديد ، فأصاب منهم عددا كثيرا ، ثم ورد فلال الناس
المدينة ، ثم دخل
أبو حمزة المدينة ، ومضى
عبد الواحد بن سليمان والي
المدينة إلى
الشام فرقي
أبو حمزة المنبر وقال: يا أهل
المدينة ، سألناكم عن ولاتكم فأسأتم القول فيهم ، وسألناكم: هل يقتلون بالظن؟ فقلتم: نعم ، سألناكم: هل يستحلون المال الحرام والفرج الحرام؟ فقلتم: نعم ، فقلنا لكم: تعالوا نناشدهم إلا تنحوا عنا وعنكم ، فقلتم: لا تفعلوا ذلك ، فقلنا: تعالوا نقاتلهم فإن نظهر نأت بمن يقيم فينا وفيكم كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقلتم: لا نقوى ، فقلنا لكم: فخلوا بيننا وبينهم ، فإن نظفر نعدل في أحكامكم ، ونحملكم على سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ونقسم فيئكم بينكم فأبيتم ، وقاتلتمونا دونهم ، فقاتلناكم فأبعدكم الله وأسحقكم .
وسبب ذلك أن
الخوارج لقوا رجال
المدينة بقديد ، فقالوا: دعونا نمض على حكم القرآن ، فدعوهم إلى حكم
بني مروان ، فقالوا لهم: ما لنا حاجة بقتالكم ، فأبى أهل
المدينة فالتقوا يوم الخميس لسبع خلون من صفر سنة ثلاثين ، فقتل أهل
المدينة [ ص: 278 ] حتى لم يفلت منهم إلا الشريد ، وقدمت
الحرورية المدينة لسبع عشرة خلون من صفر ، وأقاموا بها ثلاثة أشهر .
وكان
أبو حمزة يقول على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زنى فهو كافر ، ومن شك في كفره فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر .
وبعث
مروان أربعة آلاف من عسكره ليقاتلهم ، واستعمل عليهم
ابن عطية ، فإن ظفر مضى إلى
اليمن ، فقاتل
عبد الله بن يحيى بن زيد ومن تبعه . فلما التقى
أبو حمزة وابن عطية بوادي القرى قال
أبو حمزة: لا تقاتلوهم حتى تختبروهم ، فصاحوا: ما تقولون في القرآن؟ فصاح
ابن عطية: نضعه في جوف الجوالق ، قالوا: فما تقولون في اليتيم؟ قالوا: نأكل ماله ونفجر بأمه ، فقاتلوهم . فلما جاء الليل قالوا: ويحك يا
ابن عطية! إن الله قد جعل الليل سكنا ، فاسكن نسكن ، فأبى فقاتلهم حتى قتلهم وفر منهم قوم إلى
المدينة ، فقتلهم أهل
المدينة .
وأقام
ابن عطية بالمدينة شهرا ، ثم مضى إلى
عبد الله بن يحيى بصنعاء ، فلما وصل التقيا ، فقتل
عبد الله وبعث برأسه إلى
مروان ، فكتب
مروان إلى
ابن عطية: أغذ السير لتحج بالناس ، فأسرع وخلف عسكره وخيله ، فلقيته خيل ، فقالوا: أنتم لصوص ، فأخرج
ابن عطية كتابه ، وقال: هذا كتاب أمير المؤمنين وعهده علي الحج ، وأنا
ابن عطية ، قالوا: هذا باطل لكنكم لصوص . فقتلوه وقتلوا أصحابه .
وفي هذه السنة:
قتل قحطبة بن شبيب من أهل خراسان زهاء ثلاثين ألفا . وذلك أنهم أجمعوا بعد قتل
نباتة على الخروج على
قحطبة ، فقتل منهم هذا المقدار .
وكتب
أبو مسلم إلى
قحطبة أن يتبع
نصرا ، فكتب
نصر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة يستمده فأبطأ عليه المدد .
وفي هذه السنة:
غزا الوليد بن هشام الصائفة .
وفيها: وقع طاعون
بالبصرة . [ ص: 279 ]
وفيها: حج بالناس
محمد بن عبد الملك بن مروان ، وكان إليه
مكة والمدينة والطائف . وكان على
العراق يزيد بن هبيرة ، وعلى قضاء
الكوفة الحجاج بن عاصم المحاربي ، وعلى قضاء
البصرة nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، وعلى
خراسان نصر بن سيار .