ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة
فمن الحوادث فيها
قدوم أبي مسلم العراق على أبي العباس أمير المؤمنين ، وذلك أنه كتب إليه يستأذنه في القدوم ، فأذن له ، فقدم في جماعة عظيمة ، فأمر
أبو العباس الناس بالتلقي له ، فلما دخل عليه أعظمه وأكرمه ، فاستأذنه في الحج ، فقال: لولا أن
أبا جعفر يحج لاستعملناك على الحج والموسم ، وأنزله قريبا منه ، وكان يأتيه في كل يوم يسلم عليه ، وكان بين
أبي جعفر ، وبين
أبي مسلم تباعد .
وكان السبب في ذلك أن
أبا العباس بعث
أبا جعفر إلى
أبي مسلم وهو
بنيسابور وقد صفت له الأمور بعهده على
خراسان وبالبيعة
لأبي العباس ولأبي جعفر من بعد موته ، فبايع له ، وكان في مدة مقامه عنده يهون أمره ، ويستخف بشأنه ، فلما قدم
أبو جعفر أخبر
أبا العباس باستخفافه به ، وقال له: أطعني واقتل
أبا مسلم ، فوالله إن في رأسه لغدرة ، فقال: يا أخي قد عرفت بلاءه وما كان منه ، فقال: إنما كان بدولتنا ، والله لو بعثت سنورا لقام مقامه ، فقال: وكيف نقتله؟ قال: إذا دخل عليك وحادثته دخلت إليه فتغفلته وضربته ضربة أتيت بها على نفسه ، قال: وكيف بأصحابه الذين يؤثرونه على دينهم ودنياهم؟ قال: يؤول ذلك كله إلى ما تريد ، ولو علموا أنه قتل تفرقوا وذلوا ، قال: عزمت عليك إلا كففت عن هذا ، قال: والله أخاف إن لم تتغده اليوم أن يتعشاك غدا ،
[ ص: 333 ] قال: فدونكه ، أنت أعلم .
فخرج
أبو جعفر عازما على ذلك ، وندم
أبو العباس فأرسل إلى
أبي جعفر لا تفعل ذلك الأمر .
وفي هذه السنة:
عقد أبو العباس لأخيه أبي جعفر بالخلافة من بعده ، وجعله ولي عهده ، ومن بعد
أبي جعفر عيسى بن موسى بن محمد بن علي ، وكتب العهد بذلك ، وصيره في ثوب ، وختم عليه بخاتمه وخواتيم أهل بيته ، ودفعه إلى
عيسى بن موسى .
وفي هذه السنة: حج بالناس
أبو جعفر ، وحج معه
أبو مسلم .
وقد ذكرنا أن
أبا مسلم استأذن
أبا العباس في القدوم ، فأذن له وكتب إليه: أقدم في خمسمائة من الجند ، فكتب إليه
أبو مسلم: إني قد وترت الناس ولست آمن على نفسي . فكتب إليه: أن أقبل في ألف ، وطريق
مكة لا يحتمل العسكر ، فشخص في ثمانية آلاف فرقهم فيما بين
نيسابور والري ، وقدم بالأموال والخزائن ، فخلفها
بالري ، فلما قدم استأذن في الحج ، فأذن له ، وخرج
أبو مسلم وأبو جعفر ، فلما كان قريبا من
ذات عرق أتى
أبا جعفر كتاب بموت
أبي العباس ، وكان
أبو جعفر قد تقدم
أبا مسلم بمرحلة ، فكتب إلى
أبي مسلم: إنه قد حدث أمر ، فالعجل العجل . فلحق
أبا جعفر أبو مسلم ، ثم إنهما حجا وأقبلا إلى
الكوفة وأقر
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور أبا مسلم على عمله وصرفه .
وفي هذه السنة:
توفي nindex.php?page=showalam&ids=14485السفاح وبويع لأبي جعفر المنصور . [ ص: 334 ]