وفي هذه السنة:
شخص أبو جعفر من مدينة السلام متوجها إلى مكة وذلك في شوال ، فنزل
قصر عبدويه ، فانقض في مقامه هناك كوكب لثلاث بقين من شوال بعد إضاءة الفجر ، فبقي أثره بينا إلى طلوع الشمس ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي معه [وهو] يوصيه بالمال ، والسلطان يفعل ذلك كل يوم من أيام مقامه لا يفتر ، وقال له : إني سائر وإني غير راجع ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، فاسأل الله بركة ما أقدم عليه ، وهذا كتاب وصيتي مختوما ، فإذا بلغك أني قد مت فانظر فيه . وعلي دين فأحب أن تقضيه وهو ثلاثمائة ألف ونيف ، فلست أستحلها من بيت مال المسلمين ، فاضمنها عني ، وإني ولدت في ذي الحجة ، ووليت في ذي الحجة وقد هجس في نفسي أني أموت في ذي الحجة من هذه السنة ، وهذا الذي حداني على الحج ، فاتق الله ، وإياك والدم الحرام ، وافتتح عملك بصلة الأرحام ، وإياك والتبذير .
فلما كان في اليوم الذي أراد أن يرتحل فيه دعا
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي فقال له: إني لم أدع
[ ص: 204 ] شيئا إلا تقدمت إليك فيه ، وسأوصيك بخصال والله ما أظنك تفعل واحدة منها ، وكان له سفط فيه دفاتر ، فكان لا يأمن على فتحه أحدا ، فقال: انظر هذا السفط فاحتفظ به ، فإن فيه علم آبائك ، وانظر هذه المدينة وإياك أن تستبدل بها فإنها مدينتك وعزك ، وقد جمعت لك فيها من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبلي ، فإن حبس عنك الخراج عشر سنين كان عندك كفاية لأرزاق الجند والنفقات وعطاء الذرية ومصلحة الثغور ، فاحتفظ بها فإنك لا تزال عزيزا ما دام بيت مالك عامرا ، وما أظنك تفعل .
وأوصيك بأهل بيتك أن تظهر كرامتهم ، والإحسان إليهم ، وتوليهم المنابر ، وتعطي الناس أعقابهم ، فإن عزهم عزك وذلهم ذلك ، وانظر مواليك فأحسن إليهم وقربهم ، واستكثر منهم ، وإنهم مادتك لشدة إن نزلت بك . وأوصيك
بأهل خراسان خيرا فإنهم أنصارك وشيعتك الذين بذلوا أموالهم ودماءهم دونك أن تحسن إليهم ، وتتجاوز عن مسيئهم ، وتخلف من مات منهم في أهله وولده ، وإياك أن تبني مدينة شرقية فإنك لا تتم بناءها ، وإياك أن تدخل النساء في مشورتك وأمرك .
ثم مضى
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور إلى
الكوفة فنزل
الرصافة ، ثم خرج منها فأهل بالحج والعمرة ، وساق معه الهدي وأشعره وقلده لأيام خلت من ذي القعدة ، فلما سار منازل من
الكوفة عرض له وجعه الذي توفي فيه .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14986عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13164ابن رزق ، قال: أخبرنا
إبراهيم بن محمد المزكي ، قال: أخبرنا
أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، قال: سمعت
محمد بن سهل بن عسكر يقول:
بعث
أبو جعفر الخشابين حين خرج إلى
مكة ، فقال: إن رأيتم
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري فاصلبوه ، قال: فجاء النجارون ونصبوا الخشب ونودي
سفيان ، وإذا رأسه في حجر
الفضيل ورجلاه في حجر
ابن عيينة . قال: فقالوا له: يا عبد الله ، اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء . قال: فتقدم إلى الأستار فأخذها ثم قال: برئت منه إن دخلها
أبو جعفر . قال:
فمات قبل أن يدخلها - يعني
مكة - فأخبر بذلك
سفيان فلم يقل شيئا .