ثم دخلت سنة ست وستين ومائة
فمن الحوادث فيها:
قدوم هارون ومن كان معه من خليج القسطنطينية في المحرم لثلاث عشرة ليلة بقيت فيه . وقدمت
الروم بالجزية معهم ، وجاءوا مع المال بثلاثين ألف رطل من المرعزى .
وفيها:
أخذ nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي البيعة لهارون على قواده بعد موسى بن المهدي ، وسماه
nindex.php?page=showalam&ids=14370الرشيد .
وفيها:
اعتمر nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي عمرة في شهر رمضان ، وأفطر بالمدينة ، وصلى بهم في الفطر ، واستقضى
أبا سفيان .
وفيها:
عزل عبيد الله بن الحسن عن قضاء البصرة ، وولى مكانه
خالد بن طليق بن عمران بن حصين ، فلم تحمد ولايته ، واستعفى
أهل البصرة منه .
وفيها:
عزل جعفر بن سليمان عن مكة والمدينة وما كان إليه من العمل .
وفيها: سخط
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي على
nindex.php?page=showalam&ids=17378يعقوب بن داود .
وكان سبب سخطه: أن
داود بن طهمان - وهو أبو يعقوب - كان كاتبا
لنصر بن سيار ، [ ص: 282 ]
وقد [كتب قبله لبعض ولاة
خراسان ، فلما كانت أيام
يحيى بن زيد أتاه
طهمان مطمئنا لما بينه وبينه ، فآمنه
أبو مسلم فلم يعرض له نفسه ، وأخذ أمواله التي استفادها أيام
نصر ، ونزل منازله
بمرو وضيعة كانت له ميراثا ، فلما مات
داود خرج ولده أهل [أدب] وعلم بأيام الناس وسيرهم وأشعارهم ، ونظروا فإذا ليس لهم عند
بني العباس منزلة فلم يطمعوا في خدمتهم لأجل أن أباهم كان كاتبا
لنصر ، فلما رأوا ذلك أظهروا مقالة
الزيدية ودنوا من
آل الحسين وطمعوا أن يكون لهم دولة فيعيشوا فيها .
وكان
يعقوب يجوب البلاد منفردا بنفسه ومعه
إبراهيم بن عبد الله أحيانا في طلب البيعة
لمحمد بن عبد الله ، فلما ظهر
محمد وإبراهيم كتب
علي بن داود - وكان أسن من
يعقوب -
لإبراهيم بن عبد الله وخرج
يعقوب مع عدة من إخوته مع
إبراهيم ، فلما قتل
محمد وإبراهيم تواروا من
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور ، فجد في طلبهم ، فأخذ
يعقوب nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا فحبسهما أيام حياته ، فلما توفي
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور من عليهما
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي فيمن من عليه بتخلية سبيله ، وكان معهما في السجن
إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن ، وكانا لا يفارقانه ولا يفارقان إخوته المحبوسين معهم ، فجرت بينهم بذلك صداقة ، فلما خلى
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي سبيل
يعقوب مكث مدة يطلب
عيسى بن زيد والحسن بن إبراهيم بن عبد الله ، هرب
الحسن من حبسه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي يوما: لو وجدت رجلا من
الزيدية له معرفة
بآل الحسن وبعيسى بن زيد ، وله فقه ، فأجتلبه إلى طريق الفقه ، ويدخل بيني وبين أهل
حسن وعيسى ، فدل على
يعقوب فأتي به فدخل عليه ذو عمامة كرابيسي وكساء أبيض غليظ فكلمه فوجده رجلا كاملا ، فسأله عن
عيسى بن زيد فوعد الدخول بينه وبينه وارتفع أمره عند
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي وممن أرفع به استأمنه
للحسن بن إبراهيم فجمع بينهما
بمكة وما زال يعلو أمره عنده حتى استوزره ، وفوض إليه الخلافة ، فأرسل إلى
الزيدية فأتى بهم [من كل] أوب ، وولاهم من أمر الخلافة في الشرق والغرب كل عمل نفيس .
[ ص: 283 ]
ومال
يعقوب إلى
إسحاق بن الفضل فقيل
للمهدي لو أراد أخذ له الدنيا في يوم .
فملأ ذلك قلب
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي عليه . ودخل عليه يوما فقال: يا أمير المؤمنين ، قد عرفت اضطراب
مصر فأمرتني أن ألتمس لها رجلا يجمع أمرها وقد أصبته . قال: من هو؟ قال:
ابن عمك
إسحاق بن الفضل ، فرأى في وجه
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي التغير ، فنهض وأتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي طرفه ، وقال: قتلتني والله إن لم أقتلك . ولم يزل موالي
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي يحرضونه عليه ، ودخل عليه يوما وهو في مجلس متناهي الحسن ، وعنده جارية في غاية الكمال ، فقال له: يا
يعقوب كيف ترى مجلسنا؟ قال: على غاية الحسن فمتع الله أمير المؤمنين به ، فقال:
هو لك احمله بما فيه ، وهذه الجارية ليتم سرورك به ، فدعا له فقال: ولي إليك حاجة فأحب أن تضمن لي قضاءها ، فقال: الأمر لأمير المؤمنين وعلي السمع والطاعة ، فقال:
والله ، ثلاث مرات ، فقال: وحياة رأسي ، فقال: فحياة رأسك قال: فضع يدك عليه فاحلف ، ففعل لتقضين حاجته فقال: هذا فلان بن فلان من ولد
علي ، أحب أن تكفيني مئونته وتريحني منه ، وتعجل ذلك ، فقال: أفعل ، قال: فخذه إليك فحوله وحول الجارية وجميع ما كان في البيت ، وأمر له بمائة ألف درهم ، فلما مضى إلى منزله لم يصبر عن الجارية فضرب بينه وبينها سترا ، ودعا بالعلوي ، فإذا أعقل الناس ، فسأله عن حاله فأخبره ، فقال: يا
يعقوب تلقى الله بدمي ، وأنا من ولد
فاطمة] بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له: لا والله ، فهل فيك أنت خير؟ قال: إن فعلت خيرا شكرت ، فقال له: أي الطريق أحب إليك؟ فقال: طريق كذا وكذا . قال: فمن هاهنا تأنس به وتثق بموضعه؟ قال: فلان وفلان ، فقال: فابعث إليهما وخذ هذا المال وامض معهما مصاحبا في ستر الله ، موعدك في خروجك من داري وقت كذا وكذا من الليل ، فسمعت الجارية ذلك ، فبعثت به مع خادم لها إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي وقالت: هذا جزاؤك من الذي آثرته على نفسك ، فبعث
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي من وقته فشحن تلك الطرق والمواضع برجال ، فلم يلبث أن جاءوه بالعلوي وصاحبيه والمال ، وأصبح
يعقوب من غد ذلك اليوم ، فإذا رسول
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي يستحضره ، فدخل عليه ، فقال: يا
يعقوب ما فعل الرجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين ، قد أراحك الله منه ، قال: مات؟ قال: نعم ، قال: والله ، قال: والله ، قال: فقم فضع يدك
[ ص: 284 ] على رأسي واحلف ، ففعل ، فقال: يا غلام ، أخرج إلينا ما في هذا البيت ، ففتح بابه عن العلوي وصاحبيه والمال بعينه فأبلس
يعقوب ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي : لقد حل لي دمك لو آثرت إراقته ، ولكن احبسوه ، ولا أذكر به ، فحبسوه في مطمورة ثم أصيب فيها بصره ، وطال شعره إلى أن ولي
nindex.php?page=showalam&ids=14370الرشيد ، فدعا به ، فأدخل عليه ، فقيل له: سلم على أمير المؤمنين فسلم ، فقال له: أي أمير المؤمنين أنا؟ فقال:
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي ، فقال: رحم الله
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي ، فقال:
فالهادي ، فقال: رحم الله
nindex.php?page=showalam&ids=15444الهادي . قال:
nindex.php?page=showalam&ids=14370الرشيد . قال: نعم ، فما حاجتك؟ قال:
المقام
بمكة ، فخرج إلى
مكة فبقي قليلا ثم مات .
ولما عزل nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي يعقوب أمر بعزل أصحابه عن الولايات في الشرق والغرب ، وأن يؤخذ أهل بيته وأن يحبسوا ففعل بهم ذلك .