ثم دخلت
سنة خمس وتسعين ومائة
فمن الحوادث فيها :
أن
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين أمر بإسقاط الدراهم والدنانير التي ضربت لأخيه بخراسان في سنة أربع وتسعين ، وسبب ذلك : أن
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون أمر أن لا يثبت فيها اسم محمد ، فكانت لا تجوز حينا . وفيها : نهى عن الدعاء على المنابر في عمله كله
nindex.php?page=showalam&ids=15128للمأمون والقاسم ، وأمر بالدعاء لنفسه ، ثم لابنه
موسى ، وذلك في صفر من هذه السنة ، وكان
موسى طفلا صغيرا ، وذلك عن رأي
nindex.php?page=showalam&ids=14912الفضل بن الربيع ، فبلغ ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فسمي بإمام المؤمنين ، وكوتب بذلك .
ولما عزم
محمد على خلع
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون قال له
الفضل : ألا تعذر إليه [يا أمير المؤمنين ] لعله يسلم الأمر في عافية ، فتكتب إليه كتابا فتسأله الصفح عما في يديه .
فقال له
إسماعيل بن صبيح : هذا تقوية إليهم ، ولكن اكتب إليه فأعلمه حبك لقربه .
فكتب إليه : إني أحب قربك لتعاونني . فكتب إليه : إن مكاني أعود على أمير المؤمنين . ثم دعا الفضل فقال : ما ترى ؟ قال : أن تمسك موضعك قال : كيف ؟ مع
[ ص: 12 ] مخالفة
محمد والمال والجند معه ، والملوك حولي كلهم عدو لي . قال : تصلح ما بيني وبينهم ، فلما عرف
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين أنه لا يأتيه وجه إليه
عصمة بن حماد ، وأمره بقطع الميرة عن
خراسان .
وفيها : عقد الأمين
لعلي بن عيسى بن ماهان ، وذلك يوم الأربعاء لليلة خلت من ربيع الآخر على كور الجبل كلها :
نهاوند ،
وهمدان ،
وقم ،
وأصفهان ، حربها وخراجها ، وضم إليه جماعة من القواد ، وأمر له بمائتي ألف دينار ، ولولده بخمسين ألف دينار ، وأعطى الجند مالا عظيما ، وأمر له من السيوف المحلاة بألفي سيف ، وستة آلاف ثوب للخلع ، وأحضر
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين أهل بيته ومواليه وقواده المقصورة بالشماسية يوم الجمعة لثمان خلون من جمادى الآخرة ، فصلى الجمعة ، ودخل وجلس لهم ابنه
موسى في المحراب ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=14912الفضل بن الربيع وجميع من حضر ، فقرأ على جماعتهم كتابا من الأمين يعلمهم رأيه فيهم ، وحقه عليهم ، وما سبق له من البيعة منفردا بها ، ولزوم ذلك لهم ، وما أحدث
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون من التسمي بالإمام ، والدعاء إلى نفسه ، وقطع البريد ، وقطع ذكره من دار الطرز ، وأن ما أحدث من ذلك ليس له .
ثم تكلم
الفضل وقال : لا حق لأحد في الخلافة ، إلا لأمير المؤمنين
محمد ، ولم يجعل الله لعبد الله ولا لغيره في ذلك حظا ، وأن الأمير
موسى قد أمر لكم من صلب ماله ثلاثة آلاف ألف درهم تقسم بينكم يا أهل خراسان .
وفيها :
شخص علي بن عيسى إلى الري لحرب nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فكان خروجه عشية الجمعة لأربع عشرة خلت من جمادى الآخرة ، وخرج فيما بين صلاة الجمعة إلى صلاة العصر إلى معسكره في زهاء من أربعين ألفا .
ولما أراد الخروج ودع
أم جعفر فقالت له : يا
علي ، إن أمير المؤمنين وإن كان ولدي فأني على
عبد الله مشفقة ، فاعرف
لعبد الله حق إخوته ، ولا تبجه بالكلام ولا
[ ص: 13 ] تفتشره افتشار العبيد ، وإن شتمك فاحتمله ، ثم دفعت إليه قيدا من فضة فقالت : إن صار في يدك فقيده به .
فشخص ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين إلى
النهروان يوم الأحد لست بقين من جمادى الآخرة ، فعرض الجند ، وعاد إلى مدينة السلام ، وأقام
علي بن عيسى بالنهروان ثلاثة أيام ، ثم شخص إلى ما وجه له مسرعا ، حتى نزل
همدان ، فولى عليها
عبد الله بن حميد بن قحطبة ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين قد كتب إلى
عصمة بن حماد يأمره بالانصراف في خاصة أصحابه ، وضم بقية العسكر وما فيه من الأموال إلى
علي بن عيسى ، وكتب إلى
أبي دلف القاسم بن علي بالانضمام إليه فيمن معه من أصحابه ، وشخص
علي بن عيسى من
همدان يريد
الري ، فكان يسأل عن
خراسان فيقال له إن
طاهرا مقيم
بالري ، فيضحك فيقول وما
طاهر ! ؟ هل هو إلا شوكة بين أعضائي . فلقيه
طاهر في نحو أربعة آلاف ، فلما رأى
طاهر جمع
علي بن عيسى قال : هذا ما لا طاقة لنا به ، ولكن نجعلها خارجية نقصد القلب . فحملوا فجرى القتال ، فقتل
علي بن عيسى وألقي في بئر ، وهزم عسكره وأخذ منهم سبعمائة ألف درهم .
وكتب
طاهر إلى ذي الرئاستين : أطال الله بقاءك ، وكبت أعداءك ، وجعل من يشنؤك فداءك ، كتبت إليك ورأس
علي بن عيسى بين يدي ، وخاتمه في أصبعي ، والحمد لله رب العالمين .
فدخل على
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون فبشره ، فأيد
طاهرا بالرجال ، وسماه ذا اليمينين ، وأمر بإحضار أهل بيته ، والقواد ، ووجوه الناس ، فدخلوا فسلموا عليه بالخلافة ، وأعلن يومئذ بخلع
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين .
ثم ورد برأس
علي بن عيسى يوم الثلاثاء ، فطيف به
خراسان ، وبلغ الخبر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13739الأمين ، فندم على نكثه وغدره ، ومشى القواد بعضهم إلى بعض ، وذلك يوم الخميس للنصف من شوال ، فقالوا : إن
عليا قد قتل ، ولا شك أن
محمدا يحتاج إلى الرجال ، فاطلبوا الجوائز والأرزاق ، فلعلنا نصيب في هذه الحالة ما يصلحنا ، فأصبحوا يكبرون ويطلبون الأرزاق .
وبلغ الخبر
عبد الله بن خازم ، فركب إليهم في أصحابه ، فتراموا بالنشاب
[ ص: 14 ] والحجارة ، وسمع محمد التكبير والضجيج ، فقال : ما الخبر ؟ فأعلموه ، فقال : مروا
ابن خازم فلينصرف عنهم .
ثم أمر لهم بأرزاق أربعة شهور ، ورفع من كان دون الثمانين إلى الثمانين ، وأمر للقواد بالصلات ، وبعث إلى نوفل خادم
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون ، فأخذ منه ستة آلاف ألف درهم التي كان
nindex.php?page=showalam&ids=14370الرشيد وصل
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون بها ، وقبض ضياعه وغلاته وأمواله ، وولى عليها عمالا من قبله ، ووجه
عبد الرحمن بن جبلة من
الأنبار بالقوة والعدة في عشرين ألفا ، فنزل همدان لحرب طاهر ، وولاه ما بين
حلوان إلى ما غلب عليه من أرض
خراسان ، فمر حتى نزل همدان ، وضبط طرقها ، وحصر سورها ، وسد ثلمها واستعد للقاء طاهر . ثم التقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم هزمهم طاهر فحصرهم في مدينة همدان ، وقطع عنهم الميرة ، فطلبوا الأمان ، فأمنهم ، ثم قتل
عبد الرحمن بن جبلة .
وكان السبب أنه لما أمنه طاهر أقام يريه أنه مسالم له ، راض بعهده ، ثم اغتره وأصحابه ، فهجم بأصحابه عليهم ، فوضعوا فيهم السيف ، فثاروا إليهم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم أصحاب
عبد الرحمن ، وترجل هو وجماعة من أصحابه فقاتل حتى قتل .
وفي هذه السنة : طرد طاهر عمال محمد عن قزوين وسائر كور الجبل .
وفيها : ظهر
السفياني بالشام ، واسمه
علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية ، فدعا لنفسه ، وذلك في ذي الحجة . وطرد عنها
سليمان بن أبي جعفر بعد أن حصره
بدمشق - وكان عامل
محمد عليها - ثم أفلت منه بعد اليأس ، فوجه إليه
محمد بن الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان ، فلم يصل إليه ، وأقام
بالرقة .
وحج بالناس في هذه السنة
داود بن موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو كان العامل على
مكة والمدينة من قبل
محمد ، وكان على
[ ص: 15 ] الكوفة العباس بن موسى الهادي ، وعلى البصرة
nindex.php?page=showalam&ids=17153منصور بن المهدي ،
وبخراسان nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون .