ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين
[قدوم الأفشين على المعتصم ببابك وأخيه]
فمن الحوادث فيها:
قدوم الأفشين على nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم ببابك وأخيه ، وذلك في ليلة الخميس لثلاث خلون من صفر في
سامراء .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم يوجه كل يوم إلى
الأفشين من حين فصل من
برزند إلى أن وافى
سامراء فرسا وخلعة ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم لعنايته بأمر
بابك وأخباره ، ولفساد الطريق بالثلج وغيره ، جعل من
سامراء إلى
عقبة حلوان [خيلا] مضمرة على رأس كل فرسخ فرسا معه مجر مرتب ، فكان يركض بالخبر [ركضا] حتى يؤديه واحد إلى واحد ، وكانت خريطة الكتب تصل من عسكر
الأفشين إلى
سامراء في أربعة أيام وأقل ، فلما صار
الأفشين بقناطر حذيفة تلقاه
هارون بن المعتصم وأهل بيته ، فلما دخل أنزل
بابك في قصر ، فجاء
أحمد بن أبي دواد متنكرا في الليل فأبصره وكلمه ورجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم فوصفه له ، فركب ودخل إليه متنكرا ، فتأمله
وبابك لا يعرفه ، فلما كان من الغد قعد له واصطف الناس ، وأراد
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم أن يشهره ويريه الناس ، فقال: على أي شيء يحمل هذا وكيف يشهر؟ فقال حزام: يا أمير المؤمنين ، لا شيء أشهر من الفيل . فقال:
[ ص: 77 ]
صدقت ، فأمر بتهيئة الفيل فأدخل على أمير المؤمنين ، وأحضر جزار ليقطع يديه ورجليه ، ثم أمر أن يحضر سياف
بابك ، فأمره أمير المؤمنين أن يقطع يديه ورجليه فقطعهما فسقط ، فأمر أمير المؤمنين بذبحه ، ووجه برأسه إلى
خراسان ، وصلب بدنه
بسامراء عند العقبة ، فموضع خشبته مشهور ، وأمر بحمل أخيه
عبد الله إلى إسحاق بن إبراهيم خليفته
بمدينة السلام ، وأمره بضرب عنقه ، وأن يفعل به مثل ما فعل بأخيه ، وصلبه ، فقال للذي معه: اضرب لي فالوذجة ، فعملت له ، فأكل وامتلأ ثم قال: اسقيني نبيذا ، فأعطاه ، فشرب أربعة أرطال ، ثم قدم به على
إسحاق فأمر بقطع يديه ورجليه ، فلم ينطق ولم يتكلم ، وصلب في الجانب الشرقي بين الجسرين
بمدينة السلام ، وتوج
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم الأفشين بتاج من الذهب ، وألبسه وشاحين من الجوهر ، ووصله بعشرين ألف ألف درهم منها عشرة آلاف [ألف] صلة . وعشرة آلاف [ألف] يفرقها في عسكره ، وعقد له على
السند ، وأدخل عليه الشعراء يمدحونه ، فأمر لهم بصلات ، وذلك في يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر .
أخبرنا
[محمد] بن طاهر قال: أنبأنا
علي بن المحسن ، عن أبيه: أن أخا
بابك الخرمي قال له لما أدخلا على
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم: يا
بابك ، إنك قد عملت عملا لم يعمله أحد ، فاصبر الآن صبرا لم يصبره أحد ، فقال له: سترى صبري . فلما صار بحضرة
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم أمر بقطع أيديهما بحضرته ، فبدئ
ببابك فقطعت يمناه ، فلما جرى دمها مسح به وجهه كله ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم: سلوه لم فعل هذا؟ فسئل ، فقال: قولوا للخليفة: إنك أمرت بقطع أربعتي وفي نفسك - ولا شك - أنك لا تكويها وتمنع دمي [حتى] ينزف إلى أن تضرب رقبتي ، فخفت أن يخرج الدم مني فيبقى في وجهي صفرة يقدر لأجلها من حضر ، أني قد فزعت من الموت ، وأنها لذلك لا من
[ ص: 78 ] خروج الدم ، فغطيت وجهي لذلك حتى لا تبين الصفرة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم: لولا أن فعاله لا توجب العفو عنه لكان حقيقا بالاستبقاء لهذا الفضل ، وأمر بإمضاء أمره فيه ، فقطعت أربعته ، ثم ضربت عنقه ، وجعل على بطنه [حطب] ، وصب عليه النفط ، وضرب بالنار ، وفعل [مثل] ذلك بأخيه ، فما فيهما من صاح ولا تكلم .