[ذكر ملوك فارس]
قد ذكرنا ملوك بني إسرائيل في ذلك الزمان ، فأما ملوك فارس فإنه كان قد ملك
إقليم بابل والمشرق من ملوك فارس
"كيقباذ" ، وقد ذكرنا الملوك قبله في قصة
يوشع .
ثم ملك بعده
"كيقابوس" ، وكان يسكن بلخ ، وولد له ولد لم ير أحسن منه ولا أكمل ، فسماه
سياوخش ، وكان قد تزوج بنت
"فراسياب" ملك الترك ، فهويت
سياوخش ودعته إلى نفسها ، فامتنع فأفسدت ما بينه وبين أبيه ، فبعثه أبوه لحرب
"فراسياب" لأمر جرى بينهما ، فلما صار إلى هناك جرى بينه وبين ملك الترك صلح ، فكتب إلى أبيه
[ ص: 401 ] يخبره ، فكتب إليه أبوه يأمره بمناهضة
"فراسياب" ، فرأى أن الحرب بعد الصلح لا يحسن ، فراسل
فراسياب في أخذ الأمان منه ، فأجابه وزوجه ابنته ، فحملت منه فأشفق على ملكه منه لما رأى من كماله ، وحرض عليه فقتله .
فبلغ الخبر أباه ، فبعث من غزا الترك وأثخن فيهم ، وجاء بزوجة ابنه وولدها ، واسمه
"كيخسرو" فقام بالملك بعد جده
كيقابوس .
ثم نهض طالبا بثأر أبيه ، فلقي
"فراسياب" ، فقتل بينهما مائة ألف ، ثم ظفر
"بفراسياب" فقتله .
ثم زهد في الملك وتنسك بعد أن ملك مملكة الفرس ستين سنة ، وأعلم الوجوه من أهله بذلك ، فجزعوا وتضرعوا إليه أن لا يفعل ، فلم يقبل منهم .
قالوا: فسم لنا من يملك . وكان "لهراسب" حاضرا ، فأشار إليه ، فلما ولي الأمر بنى مدينة
بلخ ، وأقام بها يقاتل الترك . ودون الدواوين ، وعمر الأرض ، وجبى الخراج ، وكان بعيد الهمة ، محمود السيرة ، تقر له الملوك بأنه ملكهم ، وفي زمانه بعث
"أرميا"