[ذكر خبر غزو بخت نصر للعرب]
إن
بخت نصر إنما حارب بني إسرائيل لقتلهم
يحيى بن زكريا ، وليس بصحيح على ما سيأتي بيانه ، ثم حارب العرب في زمن
معد بن عدنان ، فجمع من في بلاده من تجار العرب فبنى لهم حيرا على النجف ، وضمهم فيه ، ووكل بهم من يحفظهم ، ثم تأهب للخروج إلى قتال العرب ، فأقبلت طوائف منهم مسالمين ، فأنزلهم على شاطئ الفرات ، فابتنوا موضع معسكرهم فسموه الأنبار ، وخلى عن أهل
الحيرة ، فاتخذوها منزلا في حياة
بخت نصر . [ ص: 408 ]
فلما مات انضموا إلى أهل
الأنبار وبقي ذلك الحير خرابا .
وقال قوم: خرج
بخت نصر فالتقى هو وعدنان ، ورجع
بخت نصر بالسبايا فألقاهم
بالأنبار ، فقيل: أنبار العرب ، ثم مات
عدنان وبقيت بلاد العرب خرابا . فلما مات
بخت نصر خرج
معد بن عدنان ومعه أنبياء بني إسرائيل حتى أتى
مكة ، فأقام أعلامها وحج ، وحج معه الأنبياء وأفنى أكثر جرهم ، وتزوج
معانة بنت جوشم ، فولدت له
نزار بن معد ، وولد
لنزار مضر وربيعة وإياد وأنمار ، فقسم ماله بينهم .
وأنبأنا
الحسين بن محمد الدياس ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12894أبو جعفر بن المسلمة ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15183أبو طاهر المخلص ، قال: أخبرنا
أحمد بن سليمان الطوسي ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار ، قال: حدثني
عقبة المكرم ، قال: حدثني
محمد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=889085 "لا تسبوا مضر وربيعة فإنهما كانا مسلمين" .
أنبأنا
محمد بن عبد الباقي البزاز ، قال: أنبأنا
أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا
أحمد بن كامل بن شجرة ، قال: حدثنا
أبو أحمد محمد بن موسى بن حمار البربري ، قال: أخبرنا
أبو جعفر محمد بن أبي السري ، قال: أخبرنا
هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن
معاوية بن عميرة ، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس وقد سأله عن ولد
نزار بن معد ، قال: "هم أربعة:
مضر ، وربيعة ، وإياد ، وأنمار ، بنو
نزار بن معد بن عدنان ، فكثر أولاد
معد ونموا وتلاحقوا ، ومنازلهم
مكة وما والاها من
تهامة ، فانتشروا وتنافسوا في المنازل والمحال ، وأرض العرب يومئذ خاوية ليس فيها كبير أحد إلا خراب
بخت نصر وإياها ، وأجلى أهلها إلا من كان اعتصم برؤوس الجبال ، ولجأ إلى أوديتها وشعابها ، ولحق بالمواضع التي لا يقدر عليه فيها ، متنكبا لمسالك جنده ، فاقتسموا الغور ،
غور تهامة على سبعة أقسام لمنازلهم ومسارح أنعامهم ومواشيهم ، وإنما سميت بلاد العرب الجزيرة
[ ص: 409 ] لإحاطة البحر والأنهار بها ، فصاروا في مثل الجزيرة من جزائر البحر .
وذلك أن الفرات أقبل من بلاد الروم ، فظهر بناحية قنسرين ، ثم انحط على الجزيرة وسواد العراق حتى وقع في البحر من ناحية
البصرة والأيلة ، فامتد البحر من ذلك الموضع مطيفا ببلاد العرب ، فأتى منها على
صفوان وكاظمة ، ونفذ إلى
القطيف وهجر وعمان والشحر ، ومال منه عنق إلى
حضرموت وناحية
أبين وعدن ، واستطال ذلك العنق فطعن في
تهائم اليمن ، ومضى إلى
ساحل جدة .
وأقبل
النيل في غربي هذا العنق من أعلى بلاد
السودان مستطيلا معارضا للبحر معه حتى وقع في بحر
مصر والشام .
ثم أقبل ذلك البحر من
مصر حتى بلغ بلاد
فلسطين ، فمر
بعسقلان وسواحلها ، وأتى على
بيروت ونفذ إلى سواحل
حمص وقنسرين حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات فخطا على أطراف
قنسرين والجزيرة إلى
سواد العراق .
وأقبل جبل الصراة من قعر
اليمن حتى بلغ أطراف
الشام ، فسمته العرب حجازا؛ لأنه حجز بين
الغور ونجد ، فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيه الغور وما دونه في شرقيه النجد .
فصار
لعمرو بن معد بن عدنان ، وهو
قضاعة جدة وما دونها إلى منتهى
ذات عرق إلى حيز الحرم ، فانتشروا فيها ، وكان
لجنادة بن معد الغمر .
وصار
لمضر بن نزار حيز الحرم إلى
السروات .
وصار
لربيعة بن نزار مهبط الجبل من
غمر ذي كندة وبطن ذات عرق إلى عمرة وما صاقبها من
بلاد نجد الغور من
تهامة .
وصار
لإياد وأنمار ما بين حذاء من
مصر إلى
أرض نجران وما قاربها .
وصار لباقي ولد
معد أرض
مكة وأوديتها وشعابها وجبالها وبطاحها وما صاقبها من البلاد ، فأقاموا بها مع من كان في الحرم من
جرهم . وسنذكر أحوال بني نزار في نسب نبينا صلى الله عليه وسلم .
وفي ذلك الزمان
تفرقت بنو إسرائيل ونزل بعضهم أرض الحجاز بيثرب ، ووادي القرى وغيرهما .
[ ص: 410 ]
ثم أوحى الله تعالى إلى
أرميا: أني عامر بيت المقدس ، فاخرج إليها فانزلها ، فخرج حتى قدمها وهي خراب ، فقال في نفسه: متى تعمر هذه ، فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، وقيل: هو
عزير عليه السلام .