[ ص: 219 ] ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها :
استئمان جعفر بن أحمد السجان إلى الموفق في يوم الثلاثاء غرة المحرم ، وكان هذا
السجان أحد ثقات
الخبيث الزنجي ، فأمر له
أبو أحمد بخلع وصلات ، فكلم أصحاب
الزنجي وقال : إنكم في غرور ، وإني [ قد ] وقفت على كذب هذا الرجل وفجوره . فاستأمن يومئذ خلق كثير ، وما زال
الموفق ينظر في كل يوم موضعا يجلب منه الميرة إلى بلد القوم فيمنعها ، حتى ضاق الأمر بهم ، حتى أكلوا لحوم الناس ، ونبشوا القبور فأكلوا لحوم الموتى ، وكان المستأمن منهم يسأل : كم عهدكم بالخبز؟ فيقول : سنة وسنتان ، فلما رأى
الموفق ما قد جرى عليهم ، رأى أن يتابع الإيقاع بهم ليزيدهم بذلك ضرا وجهدا . فخرج إلى
الموفق في هذا الوقت في الأمان خلق كثير ، واحتاج من كان مقيما مع أولئك إلى الاحتيال في القوت ، فتفرقوا عن معسكرهم إلى القرى والأنهار النائية ، فأمر
الموفق جماعة من قواده وغلمانه
السودان أن يقصدوا القوم ، ويستميلوهم ، فمن أبى قتلوه ، فواظبوا على ذلك فحصلوا جماعة كثيرة .
واتفق في هذه السنة : أنه كان أول يوم من رمضان يوم الأحد ، وكان الأحد
[ ص: 220 ] الثاني منه الشعانين ، وكان الأحد الثالث الفصح ، وكان الأحد الرابع النيروز ، وكان الأحد الخامس انسلاخ الشهر .
وحج بالناس في هذه السنة :
هارون بن محمد بن إسحاق الهاشمي ، وكان
ابن أبي الساج على الأحداث .