فصل
وأما الإشارة إلى مذاهبهم : فإن
مقصودهم الإلحاد ، وتعطيل الشرائع ، وهم يستدرجون الخلق إلى مذاهبهم بما يقدرون عليه ، فيميلون إلى كل قوم بسبب يوافقهم ويميزون من يمكن أن ينخدع ممن لا يمكن ، فيوصون دعاتهم فيقولون للداعي : إذا وجدت من تدعوه فاجعل التشيع دينك ، ادخل عليه من جهة ظلم الأمة
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب [ عليه السلام ] ، وقتلهم
الحسين ، وسبيهم لأهله ، والتبري من
تيم وعدي وبني أمية وبني العباس ، وقل بالرجعة ، وأن
عليا يعلم الغيب .
فإذا تمكنت منه أوقفته على مثالب
علي وولده ، وبينت له بطلان ما عليه أهل ملة
محمد [ عليه السلام ] وغيره من الرسل [ عليهم السلام ] ، وإن كان يهوديا فادخل عليه من جهة انتظار
المسيح ، وأن المسيح هو
محمد بن إسماعيل بن جعفر ، وهو المهدي ، واطعن في
النصارى والمسلمين ، وإن كان نصرانيا فاعكس ، [ وإن كان
صابئيا فتعظيم الكواكب ، وإن كان مجوسيا فتعظيم النار والنور ] ، وإن وجدت فيلوسوفيا فهم عمدتنا لأنا نتفق وهم على إبطال نواميس الأنبياء وعلى قدم العالم .
ومن أظهرت له التشيع فأظهر له بغض
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، ثم أظهر له العفاف والتقشف وترك الدنيا والإعراض عن الشهوات ، ومر بالصدق والأمانة ، والأمر بالمعروف ، فإذا استقر عنده ذلك فاذكر له
[ ص: 294 ] زلل
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، وإن كان سنيا فاعكس ، وإن كان مائلا إلى المجون والخلاعة ، فقرر عنده أن العبادة بله ، والورع حماقة ، وإنما الفطنة في اتباع اللذة ، وقضاء الوطر من الدنيا الفانية . وقد يستصحبون من له صوت طيب بالقرآن ، فإذا قرأ تكلم داعيهم ، ووعظ وقدح في السلاطين ، وعلماء الزمان ، وجهال العامة ، ويقول : الفرج منتظر ببركة
آل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وربما قال : إن لله عز وجل في كلماته أسرارا لا يطلع عليها إلا من اجتباه الله .
ومن مذاهبهم أنهم لا يتكلمون مع عالم ، بل مع الجهال ، ويجتهدون في تزلزل العقائد بإلقاء المتشابه ، وكل ما لا يظهر للعقول معناه فيقولون : ما معنى الاغتسال من المني دون البول؟ ولم كانت أبواب الجنة ثمانية ، وأبواب النار سبعة؟ وقوله :
عليها تسعة عشر أترى ضاقت القافية ما نظن هذا إلا لفائدة لا يفهمها كثير من الناس ، ويقولون : لم كانت السموات سبعا؟ ثم يشوقون إلى جواب هذه الأشياء ، فإن سكت السائل سكتوا ، وإن ألح قالوا : عليك بالعهد والميثاق على كتمان هذا السر ، فإنه الدر الثمين ، فيأخذون عليه العهود والميثاق على كتمان هذا ، ويقولون في الأيمان "وكل مالك صدقة وكل امرأة لك طالق ثلاثا إن أخبرت بذلك" ثم يخبرونه ببعض الشيء ، ويقولون : هذا لا يعلمه إلا
آل رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقولون : هذا الظاهر له باطن ، وفلان يعتقد ما نقول ، ولكنه يستره ويذكرون له بعض الأفاضل ، ولكنه ببلد بعيد .