ثم دخلت
سنة أربع وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه اضطرب أمر
أبي الحسن علي بن عيسى بن الجراح ، وجرت بينه وبين
أم موسى القهرمانة نفرة شديدة ، فامتنع من كلامها وواصل الاستعفاء ، فقبض عليه وعلى أنسابه ، ونهبت دورهم دونه ولم يتعرض لشيء من أملاكه .
وأخرج
أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات ، فقلد الوزارة وخلع عليه يوم التروية سبع خلع ، وحمل إليه من دار السلطان ثلاثمائة ألف درهم ، وعشرون خادما ، وثلاثون دابة لرحله وخمسون دابة لغلمانه وخمسون بغلا لنقله وبغلان للعمارية بقبابها وثلاثون جملا ، وعشر تخوت ثياب . وركب معه
nindex.php?page=showalam&ids=16864مؤنس الخادم وغلمان
nindex.php?page=showalam&ids=15297المقتدر [بالله] وصار إلى داره بسوق العطش ، وردت عليه ضياعه ، وأقطع الدار التي
بالمخرم [فسكنها] ، وسقى الناس في داره في ذلك اليوم وتلك الليلة أربعون ألف
[ ص: 167 ] رطل من الثلج ، وزاد ثمن الشمع والكاغد يومئذ ، فكان هذا من فضائله ، وكان بين اعتقاله وبين رجوعه إلى الوزارة خمس سنين وأربعة أيام ، وسمع بعض العوام يوم خلع عليه يقول: "وا لك خذ إليك أخذوا منا مصحفا وأعطونا طنبورا" فبلغ ذلك الخليفة ، فكان ذلك سبب الإحسان إلى
علي بن عيسى ، وحسن النية فيه إلى أن أخرج عن الحبس .
وفى فصل الصيف من هذه السنة: تفزع الناس من شيء من الحيوان يسمى الزبزب ، ذكروا أنهم يرونه بالليل على سطوحهم ، وأنه يأكل أطفالهم ، وربما قطع يد الإنسان إذا كان نائما ، وثدي المرأة فيأكله ، فكانوا يتحارسون طول الليل ، ويتزاعقون ، ويضربون الطسوت والهواوين والصواني ليفزعوه فيهرب . وارتجت
بغداد من الجانبين بذلك ، واصطنع الناس لأطفالهم مكاب من سعف يكبونها عليهم بالليل ، ودام ذلك حتى أخذ السلطان حيوانا أبلق كأنه من كلاب الماء ، وذكروا أنه الزبزب ، وأنه صيد ، فصلب عند رأس الجسر الأعلى
بالجانب الشرقي فبقي مصلوبا إلى أن مات ، فلم يغن ذلك شيئا ، وتبين الناس أنه لا حقيقة لما توهموه ، فسكنوا إلا أن اللصوص وجدوا فرصة بتشاغل الناس بذلك الأمر ، وكثرت النقوب وأخذ الأموال .
وورد الخبر في هذه السنة من
خراسان أنه وجد
بالقندهار في أبراج سورها أزج متصل بها فيه ألف رأس في سلاسل ، من هذه الرءوس تسعة وعشرون رأسا ، في أذن
[ ص: 168 ] كل رأس رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم كل رجل منهم ، وكان من الأسماء
شريح بن حيان ، وخباب بن الزبير ،
والخليل بن موسى ، وطلق بن معاذ ،
وحاتم بن حسنة ، وهانئ بن عروة . وفي الرقاع تاريخ من سنة سبعين من الهجرة ، فوجدوا على حالاتهم لم تتغير شعورهم إلا أن جلودهم قد جفت ، وقلد
سنان ابن ثابت الطبيب أمر المارستانات
ببغداد وكانت خمسة .