ثم دخلت
سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في المحرم لقب
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي بالله نفسه
إمام الحق ، وضرب ذلك على الدنانير والدراهم ، فكان يخطب له بلقبين:
إمام الحق ، والمستكفي بالله .
[وفي صفر: أدخل من السواد رجل يعرف
بابن أبي علي يقطع الطريق ويقتل ، فشهر على جمل فقتله العامة قبل أن يصل إلى دار السلطان] .
وورد الخبر بأن
معز الدولة أبا الحسين أحمد بن بويه قد نزل
بباجسرى فاضطرب الناس ، واستتر
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي بالله ، وعبر
الأتراك إلى
الجانب الغربي ، وساروا إلى
الموصل ، وبقي
الديلم ببغداد ، ووجه
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي بألطاف وفاكهة وطعام
لأبي الحسين بن بويه ودخل
أبو الحسين فلقي
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي بالله ووقف بين يديه طويلا وأخذت عليه البيعة
للمستكفي ، واستحلف له بأغلظ الأيمان ولخواصه ، وحلف
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي لأبي الحسين بن بويه وأخويه ، وكتب بذلك كتاب ، ووقعت فيه الشهادة عليهما ، ولبس
أبو الحسين الخلع ، وطوق ، وسور ، وعقد له لواء ، وجعل أمير الأمراء وهو [أول] ملوك
بني بويه ، ولقب أخواه الأكبر
[علي] عماد الدولة ، وأخوه
[ ص: 43 ] الأوسط
أبو علي الحسن ركن الدولة ، وأمر أن تضرب ألقابهم وكناهم على الدنانير والدراهم ، ونزل
الديلم والأتراك دور الناس ، ولم يكن يعرف
ببغداد قبل هذا التنزل ، فصار من هذا اليوم رسما .
أنبأنا
محمد بن عبد الباقي أنبأنا
علي بن المحسن التنوخي ، عن أبيه قال:
ومن أعجب الأشياء المتولدة في زمن
معز الدولة السعي والصراع وذلك أن
معز الدولة احتاج إلى السعاة ليجعلهم فيوجا بينه وبين أخيه
ركن الدولة إلى
الري ، فيقطعون تلك المسافة البعيدة في المدة القريبة وأعطى على جودة السعي والرغائب ، فحرص أحداث
بغداد وضعفاؤهم على ذلك حتى انهمكوا فيه وأسلموا أولادهم إليه فنشأ ركابيان بباب
معز الدولة يعرف أحدهما بمرعوش ، والآخر بفضل ، يسعى كل واحد منهما نيفا وثلاثين فرسخا [في يوم] من طلوع الشمس إلى غروبها يترددون ما بين
عكبرا وبغداد وقد رتب على كل فرسخ من الطريق قوما يحضون عليهم ، فصاروا أئمة السعاة
ببغداد ، وانتسب السعاة إليهم ، وتعصب الناس لهم ، واشتهى
معز الدولة الصراع ، فكان يعمل بحضرته حلقة في ميدانه ، ويقيم شجرة يابسة تنصب في الحال ويجعل عليها الثياب الديباج والعتابي والمروزي ، وتحتها أكياس فيها [دنانير و]
[ ص: 44 ]
دراهم ، ويجمع على سور الميدان المخانيث بالطبول والزمور ، وعلى باب الميدان الدبادب ، ويؤذن للعامة في دخول الميدان ، فمن غلب أخذ الثياب والشجرة والدراهم ، ثم دخل في ذلك أحداث
بغداد فصار في كل موضع صراع ، فإذا برع أحدهم صارع بحضرة
معز الدولة ، فإن غلب أجريت عليه الجرايات ، فكم من عين ذهبت بلطمة ، وكم من رجل اندقت عنقه وشغف شبان
معز الدولة بالسباحة ، فتعاطاها أهل
بغداد حتى أحدثوا فيها الطرائف ، فكان الشاب يسبح قائما وعلى يده كانون فوقه حطب يشتعل تحت قدر إلى أن تنضج ، ثم يأكل منها إلى أن يصل إلى دار السلطان .
وفي ربيع الآخر: قلد القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=11864أبو السائب عتبة بن عبيد الله القضاء في
الجانب الشرقي ، وأقر القاضي
أبو طاهر على
الجانب الغربي .
وقلد
أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي [قضاء
مدينة أبي جعفر .
وفي هذه السنة جمع القاضي
أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي] أبا عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي وأبا نصر يوسف بن أبي الحسين عمر بن محمد القاضي في منزله حتى اصطلحا وتعاقدا على التصافي ، وأخذ كل واحد منهما خط صاحبه بتزكيته ، وربما توكد الصلح بينهما ، وكانا قد خرجا إلى أقبح المباينة حتى أشهد
أبو نصر وهو والي قضاء
مدينة السلام على نفسه بإسقاط
أبي عبد الله ، وأنه غير موضع للشهادة ، وسعى
أبو عبد الله في صرفه ومعارضته بما يكره حتى تهيأ له في ذلك ما أراد .
[ ص: 45 ]
وفي يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة: انحدر
معز الدولة إلى دار الخلافة فسلم على الخليفة ، وقبل الأرض ، وقبل يد
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي ، وطرح له كرسي فجلس ، ثم تقدم رجلان من
الديلم فمدا أيديهما إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي وطالبا بالرزق فلما مدا أيديهما ظن أنهما يريدان تقبيل يده فناولهما يده فجذباه فنكساه من السرير ، ووضعا عمامته في عنقه وجراه ونهض
معز الدولة واضطرب الناس ودخل
الديلم إلى دور الحرم ، وحمل
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي راجلا إلى دار
معز الدولة فاعتقل بها وخلع من الخلافة ، ونهبت الدار حتى لم يبق بها شيء ، وسمل
nindex.php?page=showalam&ids=15227المستكفي ، وكانت مدة خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين ، وأحضر
الفضل بن المقتدر يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة فبويع ولقب
nindex.php?page=showalam&ids=15258المطيع لله .
[ ص: 46 ]