ولو أني استطعت غضضت طرفي فلم أبصر به حتى أراكا
وفي آخرها:وأنى شئت يا طرقي فكوني أذاة أو نجاة أو هلاكا
الخيل والليل والبيداء تعرفني والحرب والضرب والقرطاس والقلم
حاشى الرقيب فخانته ضمائره وغيض الدمع فانهلت بوادره
وكاتم الحب يوم البين منهتك وصاحب الدمع لا تخفى سرائره
يا من تحكم في نفسي فعذبني ومن فؤادي على قتلي يظافره
تمضي الركائب والأبصار شاخصة منها إلى الملك الميمون طائره
حلو خلائقه شوس حقائقه يحصى الحصى قبل أن يحصى مآثره
تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت كصدره لم تضق فيها عساكره
لك يا منازل في القلوب منازل أقفرت أنت وهن منك أواهل
[ ص: 168 ] يعلمن ذاك وما علمت وإنما أولاكما يبكى عليه العاقل
وأنا الذي اجتلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
أثني عليك ولو تشاء لقلت لي قصرت فالإمساك عني نائل
لا تجسر الفصحاء تنشد ها هنا بيتا ولكني الهزبر الباسل
ما نال أهل الجاهلية كلهم شعري ولا سمعت بسحري بابل
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني فاضل
قد علم البين منا البين أجفانا تدمى وألف في ذا القلب أحزانا
قد كنت أشفق من دمعي على بصري فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
تهدي البوارق أخلاف المياه لكم وللمحب من التذكار نيرانا
إذا قدمت على الأهوال شيعني قلب إذا شئت أن يسلاكم خانا
لا أستزيدك فيما فيك من كرم أنا الذي نام إن نبهت يقظانا
كل يوم لك احتمال جديد ومسير للمجد فيه مقام
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل دعا فلباه قبل الركب والإبل
ظللت بين أصيحابي أكفكفه فظل يسفح بين العذر والعذل
أشكو النوى ولهم من مقلتي أرق كذاك أشكو وما أشكو سوى الكلل
وما صبابة مشتاق على أمل من اللقاء كمشتاق بلا أمل
الهجر أقتل لي مما أراقبه أنا الغريق فما خوفي من البلل
قد ذقت شدة أيام ولذتها فما حصلت على صاب ولا عسل
[ ص: 169 ] وقد أراني الشباب الروح في بدني وقد أراني المشيب الروح في بدلي
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي وللحب ما لم يبق مني وما بقي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ولكن من يبصر جفونك يعشق
وبين الرضى والسخط والقرب والنوى مجال لدمع المقلة المترقرق
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقي
وما كمد الحساد مما قصدته ولكنه من يزحم البحر يغرق
من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلى والمطايا والجلابيب
إن كنت تسأل شكا في معارفها فمن بلاك بتسهيد وتعذيب
كم زورة لك في الأعراب خافية أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب
أزورهم وسواد الليل يشفع لي وأنثني وبياض الصبح يغري بي
قد حالفوا الوحش في سكنى مراتعها وخالفوها بتقويض وتطنيب
جيرانها وهم شر الجوار لها وصحبها وهم شر الأصاحيب
فؤاد كل محب في بيوتهم ومال كل أخيذ المال مسلوب
أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
ولا برزن من الحمام مائلة أوراكهن صقيلات العراقيب
ومن هوى كل من ليست مموهة تركت لون مشيبي غير مخضوب
كأن كل سؤال في مسامعه قميص يوسف في أجفان يعقوب
أنت الحبيب ولكني أعوذ به من أن أكون محبا غير محبوب