[ ص: 214 ] ثم دخلت سنة اثنتين وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[ دخول جموع الروم إلى بلاد الإسلام ]
دخول جموع
الروم إلى بلاد الإسلام ، فإنهم دخلوا
نصيبين واستباحوا ، وقتلوا كثيرا من رجالها ، وسبوا من نسائها وصبيانها ، وأقاموا بها نيفا وعشرين يوما ، وغلبوا على
ديار ربيعة بأسرها ، وورد إلى
بغداد خلق كثير من أهل تلك البلاد ، فاستقروا في الجوامع ، وكسروا المنابر ، ومنعوا الخطبة ، وحاولوا الهجوم على دار
nindex.php?page=showalam&ids=15258المطيع لله ، واقتلعوا بعض شبابيكها ، حتى غلقت أبوابها ، ورماهم الغلمان بالنشاب من رواشنها وحيطانها ، وخاطبوه بما نسبوه فيه إلى العجز عن ما أوجبه الله على الأئمة ، وأفحشوا القول ، ووافق ذلك شخوص
عز الدولة من
واسط للزيارة ، فخرج إليه أهل الستر والصيانة من
أهل بغداد ، منهم:
أبو بكر الرازي الفقيه ، وأبو الحسن علي بن عيسى النحوي ، وأبو القاسم الداركي ، وابن الدقاق الفقيهان ، وشكوا إليه ما طرق المسلمين من هذه الحادثة ، فوعدهم بالغزو ، واستنفر الناس ، فخرج من العوام عدد الرمل ثم أنفذ جيشا ، فهزم
الروم ، وقتل منهم خلق كثير ، وأسر أميرهم ، وجماعة من بطارقته ، وأنفذت رءوس القتلى إلى
بغداد ، وكتب معهم كتاب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15258المطيع يبشر بالفتح .
[ ص: 215 ] وفي شهر رمضان: قتل رجل من صاحب المعونة في الكرخ ، فبعث
nindex.php?page=showalam&ids=14606أبو الفضل الشيرازي ، وكان قد أقامه
معز الدولة مقام الوزير ، في طرح النار من
النخاسين إلى
السماكين ، فاحترقت أموال عظيمة ، وجماعة من الرجال والنساء والصبيان في الدور والحمامات ، فأحصى ما احترق فكان سبعة عشر ألف وثلاثمائة دكان ، وثلاثمائة وعشرين دارا ، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألف دينار ، ودخل في الجملة ثلاثة وثلاثون مسجدا .
فقال رجل
لأبي الفضل : أيها الوزير ، أريتنا قدرتك ، ونحن نأمل من الله تعالى أن يرينا قدرته فيك . فلم يجبه ، وكثر الدعاء عليه ، ووزر بعد
معز الدولة لابنه
عز الدولة بختيار ، فقبض عليه ، وسلمه
للشريف أبي الحسن محمد بن عمر العلوي ، فأنفذه إلى
الكوفة ، فسقى ذراريح ، فتقرحت مثانته ، فمات في ذي الحجة من هذه السنة .
وفي يوم الجمعة الثامن من شهر رمضان: دخل
أبو تميم معد بن إسماعيل ، الملقب بالمعز لدين الله مصر ، ومعه توابيت آبائه ، وكان قد مهد له
أبو الحسن جوهر الأمور ، وأقام له الدعوة ، وبنى له القاهرة ، فنزلها ، وكان
جوهر قد دخل إلى
مصر سنة ثمان وخمسين ، ووطأ الأمر
للمعز ، وأقام له الخطبة .
وخلع
nindex.php?page=showalam&ids=15258المطيع في هذه السنة على
أبي طاهر بن بقية وزير
عز الدولة بختيار ، ولقبه الناصح ، وكان واسع النفس ، وكانت وظيفته كل يوم من الملح ألف رطل ، وراتبه من الشمع في كل شهر ألف من ، وكان
عز الدولة قد استوزر
أبا الفضل العباس بن [ ص: 216 ] الحسين الشيرازي صهر
المهلبي في سنة سبع وخمسين ، فبقي في وزارته سنتين وشهرين وثلاثة أيام ، وعزله
بأبي الفرج محمد بن العباس بن فسانجس ، فوزر له ثلاثة عشر شهرا ، وعشرة أيام ، ثم أعاد
أبا الفضل إلى الوزارة فعادى الناس ، وأحرق
الكرخ ، فكثر الدعاء عليه ، فقبض عليه
بختيار ، قيل: وكان
أبو الحسن محمد بن محمد بن بقية يخدم في مطبخ
معز الدولة ، وينوب عنه أخوه
أبو طاهر بن بقية ، ثم خدم
عز الدولة في مطبخه ، وارتفع أمره إلى أن احتاج إليه الوزير
أبو الفضل في حفظ غيبه عند
عز الدولة ، ثم ضعف أمر
الوزير أبي الفضل ، ثم هلك فقلد
عز الدولة وزارته
أبا طاهر ابن بقية فقال الناس: من الغضارة إلى الوزارة ، وكان كريما يغطي كرمه عيوبه ، ووزر له أربع سنين وأحد عشر يوما ، وسمله عضد الدولة ، وقتله وصلبه ، وهو ابن نيف وخمسين سنة .