[ ص: 252 ] ثم دخلت سنة سبع وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[ وفاة القرمطي صاحب هجر ]
أنه ورد الخبر في صفر إلى
الكوفة بوفاة
أبي يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي [ القرمطي ] صاحب
هجر ، فأغلقت أسواق
الكوفة ثلاثة أيام .
وفي ربيع الأول: زلزلت
بغداد ،
وفي ربيع الآخر: عبر
عز الدولة إلى الجانب الغربي على
جسر عقدة ، ودخل إلى
قطربل ، وتفرق عنه ديلمته ، ودخل أوائل أصحاب
عضد الدولة ، ثم نزل
عضد الدولة بالخيم في الشفيعي ، وخرج
الطائع متلقيا له ، وضربت القباب المزينة ، ودخل البلد ، ثم
خرج عضد الدولة ومعه الطائع ، ليقاتل عز الدولة بختيار ، فلما أراد الخروج دخل عليه
أبو علي الفارسي ، فقال له: ما رأيك في صحبتنا ؟ فقال: أنا من رجال الدعاء لا اللقاء ، فخار الله للملك في عزيمته وأنجح قصده في نهضته ، وجعل العافية زاده والظفر تجاهه ، والملائكة أنصاره ، ثم إنه أنشأ يقول:
ودعته حيث لا تودعه نفس ولكنها تسير معه ثم تولى وفي الفؤاد له
ضيق محل وفي الدموع سعه
[ ص: 253 ] فقال له
عضد الدولة : بارك الله فيك ، فأنى أثق بطاعتك ، وأتيقن صفاء طويتك ، وقد أنشدنا بعض أشياخنا
بفارس :
قالوا له إذ سار جانبه فبدلوه البعد بالقرب
والله ما شطت نوى ظاعن سار من العين إلى القلب
فدعا له
أبو علي ، وقال: ائذن مولانا في نقل هذين البيتين ، فأذن له فاستملاهما منه ، فلما خرج للقتال التقوا فأخذ
عز الدولة أسيرا ، وقتل ، ثم ركب بعد ذلك
عضد الدولة إلى دار
nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله في يوم الأحد لتسع خلون من جمادى الأولى ، ومعه أصناف الجند ، والأشراف والقضاة والشهود والأماثل ، والوجوه ، فخلع عليه الخلع السلطانية ، وتوجه بتاج مرصع بالجوهر ، وطوقه وسوره وقلده سيفا وعقد له لوائين بيده أحدهما مفضفض على رسم الأمراء ، والآخر مذهب على رسم ولاة العهود ، ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيره قبله ، ممن يجري مجراه ، ولقبه: تاج الملة ، مضافا إلى
عضد الدولة ،
وكتب له عهدا ، وقرئ العهد بحضرته ، ولم تجر العادة بذلك ، وإنما كانت العهود تدفع إلى الولاة بحضرة الخلفاء ، فإذا أخذه الرجل منهم قال له: هذا عهدي إليك ، فاعمل [ به ] وحمله على فرس بمركب ذهب ، وقاد بين يديه آخر بمركب مثله ، فخرج وجلس في الطيار إلى داره ، وجلس من الغد بالخلع والتاج على السرير للهناء ، وتقدم بإخراج عشرين ألف درهم في الصدقات ، ففرقت على سائر الملل ، وبعث إليه
الطائع هدايا كثيرة طريفة ، فبعث هو خمسمائة جمل ، وحمل خمسين ألف ألف دينار ، وألف ألف درهم ، وخمسمائة ثوب أنواعا وثلاثين صينية فضة فيها العنبر والمسك والنوافح .
وفي شهر رمضان: وردت المدود العظيمة
بسامراء فقلعت
سكر السهلية ، وتناهت زيادة
دجلة حتى انتهت إلى إحدى وعشرين ذراعا ، وانفجر بالزاهر من الجانب
[ ص: 254 ] الشرقي بثق غرق الدور والشوارع ، وانفجر بثق من الخندق غرق
مقابر باب التبن ،
وقطيعة أم جعفر ، وخرج سكان الدور الشارعة على
دجلة منها ، وغار الماء من آبارها وبلاليعها ، وأنقم الناس نفوسهم خوفا من غرق البلد كله ، ثم نقص الماء .
وفي يوم الأحد سابع ذي القعدة كانت
بسيراف زلزلة هدمت المنازل ، وأتت على ما فيها من الأموال ، وهلك بها أكثر من مائتي إنسان .