[ ص: 337 ] ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد الخبر في المحرم بأن
ابن الجراح الطائي خرج على الحاج بين
سميراء وفيد ، ونازلهم ، ثم صالحهم على ثلاثمائة ألف درهم وشيء من الثياب المصرية والأمتعة اليمنية ، فأخذه وانصرف .
وفي هذه السنة انتقل
السلطان شرف الدولة إلى قصر
معز الدولة بباب الشماسية ؛ لأن الأطباء أشاروا عليه ، بذلك وزعموا أن الهواء هناك أصح ، وكان قد ابتدأ به المرض من سنة ثمان وسبعين [ من فساد مزاج ] فشغب
الديلم وطلبوا أرزاقهم ، فعاد إلى داره وراسلهم ، وقبض على جماعة اتهموا بالسعي في الفساد .
وفي يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة:
أنفذ nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله الرئيس أبا الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان كاتبه إلى دار nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله ، وهو أمير ، ليقبض عليه ، فهرب منه ، وكان السبب أنه لما توفي
إسحاق بن المقتدر والد القادر جرت بين
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر وبين
آمنة أخته بنت معجبة منازعة في ضيعة ، واتفق أن عرض
nindex.php?page=showalam&ids=14680للطائع علة صعبة ، ثم أبل منها ، فسعت
آمنة بالقادر إلى
الطائع وقالت: إنه شرع في تقلد الخلافة عند مرضك ، وراسل أرباب الدولة ، فظن أن ذلك حق؛ فتغير رأيه فيه ، وأنفذ
ابن حاجب النعمان في جماعة للقبض عليه ، وكان يسكن الحريم الطاهري ، فقالوا: أمير المؤمنين
[ ص: 338 ] يستدعيك ، فقام ، وقال له
أبو الحسن : إلى أين ؟ فقال: ألبس ثيابا تصلح للقاء الخليفة ، فعلق به ومنعه ، فعرف
الحرم ما يراد به ، فانتزعوه من يده وبادر إلى سرداب ، فتخلص منهم ، فعادوا إلى
الطائع ، وعرفوه الصورة ، وانحدر
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله إلى
البطيحة ، فأقام بها عند
مهذب الدولة إلى أن قبض
nindex.php?page=showalam&ids=15575بهاء الدولة على
الطائع ، وأظهر أمر
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر ،
وفي جمادى الأولى: زاد مرض
شرف الدولة ، وتوفي ، وعهد إلى ولده
أبي نصر ، فاجتمع العسكر وطالبوه برسم البيعة ، فخوطبوا في أن يقنع كل واحد منهم بخمسمائة [ درهم ] وإلى ستمائة فأبوا ، فخاطبهم
أبو نصر وأعلمهم خلو الخزائن ، ووعدهم أن يكسروا الأواني ويعطيهم ، وتردد بين
أبي نصر وبين
الطائع مراسلات انتهت إلى أن حلف كل [ واحد ] منهما لصاحبه على التصافي وصحة العقيدة ، وكل ذلك في ليلة السبت سادس جمادى الآخرة .
وركب
nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله الطيار وسار إلى دار المملكة
بالمخرم لتعزية
أبي نصر ، والشطان منغصان بالنظارة ، فنزل
[ الأمير ] أبو نصر متشحا بكساء طبري ،
والديلم والأتراك بين يديه ، وحواليه إلى المشرعة التي قدم إليها الطيار ، وقبل الأرض وقبلها العسكر بتقبيله ، وصعد الرئيس
أبو الحسن علي بن عبد العزيز إلى
الأمير أبي نصر ، فأدى إليه رسالة
الطائع بالتعزية ، فقبل الأرض ثانيا وشكر ودعا ، فعاد
أبو الحسن إلى
الطائع ، فأعلمه شكره ودعاءه ، وعادوا الصعود إلى
أبي نصر لوداعه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله ، فقبل الأرض ثالثا وانحدر الطيار على مثل ما أصعد ، ورجع
الأمير أبو نصر إلى داره .
فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ركب
الأمير أبو نصر إلى حضرة
الطائع ، وحضر الأشراف والقضاة وجلس
nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله في الرواق الذي في صحن السلم
[ ص: 339 ] متقلدا سيفا ، وأدخل السلطان إلى بيت في جانب الرواق مما يلي
دجلة ، وخلع عليه فيه الخلع السلطانية ، وخرج وعليه سبع طاقات أعلاها سواد وعلى رأسه عمامة سوداء ، وعلى عنقه طوق كبير ، وفي يده سواران ، ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق ، فلما حصل بين يدي
nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله قبل الأرض ، فأومأ إليه [
الطائع ] بالجلوس ، وطرح له كرسي فقبل الأرض دفعة ثانية ، وجلس وقرأ
أبو الحسن علي بن عبد العزيز عهده ، وقدم إلى
الطائع لواءاه حتى عقدهما بيده ولقب
بهاء الدولة وضياء الملة ، فسار بين يديه العسكر كله إلى
باب الشماسية في القباب المنصوبة ، وانحدر في الطيار إلى دار المملكة ، وأقر الوزير
أبا منصور ابن صالحان على الوزارة ، وخلع عليه .
وفي هذه السنة: عمر
مهذب الدولة علي بن نصر السقايات
بواسط ، فغرم عليها ستة آلاف ، وفيها بنى
جامع القطيعة ،
أخبرنا
عبد الرحمن [ بن محمد ] القزاز ، أخبرنا
أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني
هلال بن المحسن الكاتب : أن الناس تحدثوا في سنة تسع وسبعين وثلاثمائة بأن
امرأة من أهل الجانب الشرقي رأت في منامها النبي صلى الله عليه وسلم [ كأنه ] يخبرها بأنها تموت من غد عصرا ، وأنه يصلي في مسجد
بقطيعة أم جعفر من الجانب الغربي في القافلاءين ، ووضع كفه في حائط القبلة ، وأنها ذكرت هذه الرؤية عند انتباهها من نومها ، فقصد الموضع ، ووجد أثر الكف ، وماتت المرأة في ذلك الوقت .
وعمر المسجد ووسعه
أبو أحمد الموسوي بعد ذلك ، وبناه ، وعمر واستأذن
nindex.php?page=showalam&ids=14680الطائع لله في أن يجعل مسجدا تصلى فيه الجمعات ، واحتج بأنه من وراء خندق وأنه يقطع بينه وبين البلد ، ويصير به ذلك الصقع بلدا آخر ، فأذن له في ذلك ، وصار جامعا يصلى فيه الجمعات .