ثم دخلت سنة تسعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها :
[ظهور معدن الذهب بأرض سجستان ]
أنه ظهر في أرض
سجستان معدن الذهب ، كانوا يحفرون فيه آبارا ويخرجون من التراب الذهب الأحمر .
[تقليد القاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون مدينة المنصور مضافة إلى الكرخ والكوفة ]
ومن الحوادث أنه : في يوم الخميس لسبع بقين من شوال قلد
القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون [الضبي ]
مدينة المنصور مضافة إلى
الكرخ والكوفة ، وشقي
الفرات ،
وقلد القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد الأكفاني الرصافة ، وأعمالها عوضا عن المدينة التي كان يليها ، وقلد القضاء
أبو الحسن الخزري الواسطي طريقي
دجلة وخراسان مضافا إلى عمله بالحضرة ، وقرئت عهودهم على ذلك
وولي أبو خازم محمد بن الحسن الواسطي القضاء بواسط وأعمالها ، وقرئ عهده بالموكب بدار الخلافة وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=14934الإمام القادر بالله لمحمد بن عبد الله بن الحسن وقد ولاه
[بلاد جيلان ] كتابا اختصرته وفيه :
[ ص: 18 ]
"بسم الله الرحمن الرحيم - من
عبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين إلى
محمد بن عبد الله بن الحسن حين بلا حقائق أخباره استشف مواقع آثاره ، وأنهى إلى أمير المؤمنين رسوخه في العلم وسمته بالفهم ، فاستخار الله عز وجل فيما يعتمده عليه ، وسأله التسديد فيما يفوضه إليه ، فقلده الصلاة ، والخطابة على المنابر والقضاء والحكم ببلاد جيلان أسودها وأبيضها ، وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله ، عليه توكله وإليه في كل حال موئله ، وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل أمره بخشية الله ، فإنها مزية العلماء ومراقبته فإنها خاصة الأدباء ، وتقواه ما استطاع ، فإنها سكة من أطاع وجنة من تجاذبه الأطماع ، وأن يأخذ لأمر الله أهبته ويعد له عدته ، ولا يترخص فيه فيفرط ، ولا يضيع وظيفة من وظائفه فيتورط ، وأن يستعمل نفسه في المهل ، ويؤذنها بقرب الأجل ولا يغرها أنه منتظر ، وإن عصى فيغفر ، فقد قال الله تعالى :
حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير - 3 .
وأمره بقراءة القرآن وتلاوته والمحافظة عليه ودراسته ، وأمره بمداومة الطهر فإنه أمان من الفقر ولا يقنع به في الجوارح ، أو أن يكون مثله فيما بين الجوائح . فإن النقاء هناك هو النقاء الذي يتم به البهاء ، وحينئذ تكمل الطهارة ، وتزول الأدران ، وأمره بمراقبة مواقيت الصلاة للجمع ، فإذا حانت سعى إليها ، وإذا وجبت جمع عليها بالأذان الذي يسمع به مؤذنوه الملأ ، والإقامة الذي يقوم به فرض الله عز وجل ، وأمره بالإحسان [في الموعظة ] مستقصيا للمناصحة ، وأمره بالنداء على المنابر ، وفي سائر المحافل والمعاقل بالشعار الأعلى والفرض الأوفى من ذكر دولة أمير المؤمنين ، وحث الأمة على طاعته أجمعين ، قال الله عز وجل :
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم .
وأن يديم التصفح لأحوال البلاد التي ولي فيها ما وليه من قواعد الشريعة ، وليقابل
[ ص: 19 ] نعمة الله بشكر الصنيعة ، فإن وجد فيها نافرا عن فريضة الدعوة الشريفة القادرية اجتذبه إليها بالموعظة الحسنة والدلالة الصريحة ، فإن استبصر لرشده وراجع المفروض بجهده فقد فاز وغنم ، وإن تشاوس وعند استنفر عليه الأمم وقمعه بما يوجبه الحكم .
وأمره بصلوات الأعياد والخسوف والاستسقاء ، وأمره أن يكون لأمر الله متأهبا ، ولنزول الموت مترقبا ولطروقه متوقعا ، وأمره أن لا يخلي من فوضه إليه من ظهير يستنيبه وأمره أن يتبع شرائع الإسلام ، وأن يواصل تلاوة القرآن ويستنبط منه ويهتدي به فإنه جلاء للبصائر ، ومنار الحكم ، ولسان البلاغة ، وأمره أن يخلي ذهنه إذا انتدب للنظر ، ويقضي أمامه كل وطر ، ويأخذ لجوارحه بحظ يعينها فإن القلب إذا اكتنفته المآرب يعرض له التعب ، وأمره بالجلوس للخصوم في مساجد الجوامع ليتساووا في لقائه ، وأن يقسم لحظه ولفظه بين جمهورهم .
وأمره بالنظر في الأمور بالعدل ، وأمره بانتخاب الشهود والفحص عن أحوالهم ، وأمره بالتناهي في تفقد الأيتام ، فإنهم أسراء الإسلام ، وأمره بتعهد الوقوف وإجراء أحوالها على ما يوجبه التوقيف من أربابها .
هذا عهد أمير المؤمنين إليك وحجته المنعم بها عليك ، وتذكرته المستودعة فوائد توفيقه فانصب لمحاورته واصغ لمخاطبته ، وأغرس مواعظه في قلبك تجن من ثمرها الفوز عند ربك" .
وكتب
علي بن عبد العزيز بن إبراهيم في شهر ربيع الأول سنة تسعين وثلاثمائة