ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وأربعمائة
فمن الحوادث فيها :
أنه كان حاج
العراق تأخر عن الحج سنة عشر وسنة إحدى عشرة ، فلما جاءت سنة اثنتي عشرة قصد جماعة من الناس
يمين الدولة أبا القاسم محمود [بن سبكتكين ] وقالوا له : أنت سلطان الإسلام وأعظم ملوك الأرض ، وفي كل سنة تفتتح من بلاد الكفر قطعة والثواب في فتح طريق الحج أعظم ، والتشاغل به أوجب ، وقد كان
بدر بن حسنويه ، وما في أصحابك إلا من هو أكبر شأنا منه ، يسير الحاج بماله وتدبيره عشرين سنة ، فانظر لله تعالى ، واجعل لهذا الأمر حظا من اهتمامك ، فتقدم إلى
أبي محمد الناصحي قاضي القضاة في مملكته بالتأهب للحج ، ونادى في سائر أعمال
خراسان بالتأهب للمسير ، وأطلق
للعرب في البادية ثلاثين ألف دينار ، وسلمها إلى
الناصحي سوى ما أطلقه من الصدقات ، فحج بهم
الناصح أبو الحسن الأقساسي ، فلما بلغوا
فيد حاصرهم
العرب ، فبذل لهم
الناصحي خمسة آلاف دينار ، فلما لم يقنعوا وصمموا على أخذ الحاج ، وكان متقدمهم رجل يقال له
جماز بن عدي بضم العين من
بني نبهان وكان جبارا فركب فرسه وعليه درعه وبيده رمحه وجال جولة يرهب بها ، وكان في جماعة
[ ص: 146 ] السمرقنديين غلام يعرف
بابن عفان يوصف بجودة الرمي ، فرماه بنبلة ، فوصلت إلى قلبه فسقط ميتا وأفلت الحاج وساروا [فحجوا ] وعادوا سالمين .
وفي هذه السنة :
قلد القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني الحسبة والمواريث ، وقرأ الوزير
ابن حاجب النعمان عهده ، وركب بالسواد ،
وخلع على أبي علي الحسن بن الحسين الرخجي خلع الوزارة ، ولقب
مؤيد الملك ، وقبض
قرواش بن المقلد على أبي القاسم المغربي الوزير وأطلقه ، وعلى
أبي القاسم سليمان بن فهد فقتل
سليمان نفسه .