[ ص: 204 ] ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر سنة إحدى وعشرين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في ليلة عاشوراء أغلق أهل الكرخ أسواقهم وعلقوا المسوح على دكاكينهم رجوعا إلى عادتهم الأولى في ذلك وسكونا إلى بعد الأتراك ، وكان السلطان قد انحدر عنهم ، فحدثت الفتنة ووقع القتال بينهم وبين أهل القلائين ، وروسل
nindex.php?page=showalam&ids=15194المرتضى في إنفاذ من يحط التعاليق ، فحط والفتنة قائمة بين العوام واستمرت بعد ذلك ، وقتل من الفريقين ، وخربت عدة دكاكين ورتب بين الدقاقين والقلائين من يمنع القتال .
وفي ليلة السبت مستهل صفر: كبس جماعة من العيارين يزيدون على خمسين رجلا على مصلحي بنهر الدجاج فقتلوه وقتلوا قوما كانوا معه وأخربوا الدار ، ولم يتجاسر أحد من الجيران أن ينذر بهم خوفا منهم .
وفي هذا الشهر: كثرت العملات والكبسات في الجانب الشرقي من المعروف بالبرجمي متقدم العيارين ، ووصل إلى عدة مخازن ومنازل ، وأخذ منها شيئا كثيرا ، واستمر ذلك فلقي الناس منه أمرا عظيما .
وفي يوم الأحد النصف من صفر: عصفت ريح شديدة ، وسمع في أثنائها دوي أفزع ، وتلاه برد كهيئة التين في حجمه ، وتحدد رأسه .
وفي يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر: ورد الكتاب بدخول الملك جلال
[ ص: 205 ] الدولة والأصفهلارية والغلمان
الأهواز ، فضربت البوقات للبشارة بذلك ، وخلع على الركابية وطيف بهم في الأسواق ، وذلك أنه لما امتنع عليهم قتال من
بواسط عمدوا إلى قصد
الأهواز ، وأطعموا العسكر في المنهب ، فلما مضوا إليها تخاذل من [كان] بها من الأتراك ، وهرب الديلم فدخلوا فنهبوا ما يتجاوز حد الحصر ، واستمر النهب ستة عشر يوما حتى أنه أخذ من دار ميمون [البائع] وخان أنباره ما قدره سبع مائة ألف دينار ، وزاد المأخوذ من البلد على خمسة آلاف ألف دينار ، وألفي جارية وحرائر ، وأتلف وأحرق ما لا يمكن ضبطه .
وفي يوم الجمعة لليلتين خلتا من جمادى الأولى: سقطت قنطرة الزياتين على نهر عيسى .
وفي يوم الأحد الثامن عشر [من] هذا الشهر: جلس الخليفة
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله وأذن للخاصة والعامة فدخلوا عليه وشاهدوه ، وذلك عقب شكاة عرضت له ، ووقع الإرجاف معها به ، وأظهر في هذا اليوم تقليد الأمير
أبي جعفر عبد الله ولده ولاية عهده ، وكانت الأقوال قبل هذا قد كثرت في معنى الأمير
أبي جعفر وتوليته العهد ، وتوقف الخليفة عن ذلك ، ثم ابتدئت الحال بأن ذكر على المنابر [بالحضرة] في ذي الحجة من السنة الماضية في عرض الدعاء للخلفية ، وقيل: اللهم أمتعه بذخيرة الدين المرجو لولاية عهده في المسلمين إشارة إليه من غير إفصاح باسمه ولا نص عليه ، فلما جلس في هذا اليوم تقدم الصاحب
أبو الغنائم محمد بن أحمد وقوم من الأتراك ، وقال
أبو الغنائم في أثناء ضجة ، وازدحام: خدم مولانا أمير المؤمنين الغلمان داعون له بإطالة البقاء وإدامة الدولة وشاكرون لما
[ ص: 206 ] بلغهم من نظره لهم وللمسلمين باختيار الأمير
أبي جعفر لولاية العهد ، فقال الخليفة: من هذا المتكلم ولم يفهم قوله ، فقيل الناظر في أمور الأتراك ، فقال للأمير
أبي جعفر : اسمع ما يقوله: فأعاد الصاحب القول ، فقال الخليفة: إذا كان الله قد أذن في ذلك فقد أذنا فيه ، فقال [الأمير]
أبو جعفر : مولانا يقول: إذا كان الله قد أذن في ذلك فنرجو الخيرة فيه فقال [الخليفة] وزحف من مخاده حتى أشرف على الناس من أعلى سريره بصوت عال: وقد أذنا فيه ، فقال نظام الحضرتين
أبو الحسن الزينبي: قد سمع قول مولانا أمير المؤمنين وحفظ والله يقرن ذلك بالخيرة والسعادة ، ومدت الستارة في وجهه ، وجلس الأمير
أبو جعفر على السرير الذي كان قائما عليه بين يديه وخدمه الحاضرون بالدعاء والتهنئة ، وتقدم
أبو الحسن ابن حاجب النعمان فقبل يده وهناه ودعا له ، فقال له:
ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال اتهاما له فساد رأي الخليفة فيه ، فبكى وأكب على تقبيل قدمه وتعفير خده ولحيته بين يديه ، قال قولا كثيرا في التبري والاستغفار والاستعطاف ، فلما كان يوم الجمعة لسبع بقين من الشهر ذكر في الخطبة على منابر الحضرة بالقائم بأمر الله ولي عهد المسلمين ، وأثبت ذلك على سكة العين والورق .