وذكر بعض العلماء بالأخبار أن
سابور لما أثخن في العرب وأجلاهم عن [ ص: 87 ] نواحي فارس والبحرين واليمامة ذهب إلى
الشام والروم ، وأعلم أصحابه أنه عزم على دخول
الروم ليبحث عن أسرارهم ، فدخل وبلغه أن
قيصر أولم وجمع الناس ، فانطلق
سابور على هيئة السؤال ، حتى شهد ذلك الجمع لينظر إلى
قيصر ، ففطن له وأخذ ، وأمر به
قيصر فأدرج في جلد ثور .
ثم سار بجنوده إلى
أرض فارس ، ومعه
سابور على تلك الحالة ، فأكثر من القتل وخراب القرى حتى انتهى إلى مدينة
جنديسابور ، وقد تحصن أهلها ، فنصب المجانيق ، وهدم بعضها ، فبينما هم كذلك ذات يوم إذ غفل
الروم الموكلون بحراسة
سابور ، وكان بقربه قوم من سبي
الأهواز ، فأمرهم أن يلقوا على القد الذي كان عليه زيتا ، ففعلوا فلان الجلد ، فانسل منه ، فلم يزل يدب حتى دنا من باب المدينة ، وأخبر حراسها باسمه ، فلما دخلها ارتفعت أصوات أهلها بالحمد ، فانتبه أصحاب
قيصر بأصواتهم ، وجمع
سابور من كان في المدينة وعبأهم ، [ وخرج ] إلى
الروم سحرا ، فقتلهم وخرج وأخذ
قيصر أسيرا ، وغنم أمواله ونساءه ، وأثقله بالحديد ، وأخذه بعمارة ما أخرب ، ثم قطع عقبه ، وبعث به إلى
الروم على حمار .
ثم أقام
سابور حينا ، ثم غزا
الروم ، فقتل وسبى ، ثم استصلح
العرب ، وأسكن بعضهم
للأهواز وكرمان ، وبقي في مملكته اثنتين وسبعين سنة .