ثم دخلت
سنة ست وأربعين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أن الأتراك اجتمعوا في دار المملكة وتفاوضوا بينهم الشكوى من وزير السلطان فيما يشعره عليهم من الأمتعة ويطلق لهم من الأموال المتفاوتة القيمة وأن الوزير قد استعصم بالحريم وتفرقوا على شغب اعتزموه فضربوا الخيم على شاطئ
دجلة وركبوا بالسلاح وصار قوم منهم إلى الديوان فخاطبوا على أمر الوزير وقالوا: من الواجب على صاحب الحريم أن يقوم بأمورنا ليلتزمنا طاعته وركبوا على نفور وكثرت الأراجيف وخيفت الفتنة وغلقت الدروب وذلك في يوم الجمعة ولم يصل الجمعة يومئذ في جامع القصر وصلي في غيره ونقل الناس أموالهم إلى باب النوبة وباب المراتب وكان ذلك من العجب لأن تلك الأماكن كانت مقصودة ، ونودي في البلد متى وجد الوزير في دار أحد فقد حل دمه وماله ومن دل عليه حسنت مكافأته ، فركب الأتراك بالسلاح إلى دار الروم وفيها دور أبي الحسن بن عبيد كاتب البساسيري [وغيره] فنهبوا ودخلوا البيعة وأخذوا أموالا كثيرة وأحرقوا البيعة وعدة دور وقاتلهم العوام وعبر أهل الكرخ والقلائين ونهر طابق وباب البصرة والحربية إلى باب الغربة للحراسة وراسل الخليفة الأتراك وقال عرفتم طلبنا للوزير وقبضنا على أصحابه وهذا غاية الممكن ولم يبق إلا الفتنة التي تهلك
[ ص: 344 ] النفس فإن كانت مطلوبكم فأمهلونا أياما إلى أن نتأهب لسفرنا ونخرج إلى حيث يعرف فيه حقنا فأجابوه بالطاعة وقررت لهم أشياء فأخذوها وسكنوا ثم إن الوزير ظهر فطولب فجرح نفسه بسكين ثم تسلمه البساسيري وتقلد الوزارة أبو الحسين بن عبد الرحيم .
وغزا
nindex.php?page=showalam&ids=16254طغرلبك بلاد الروم .
وفي مستهل ربيع الآخر: انقطع الماء من
الفرات على نهر عيسى انقطاعا تلف به ما كان من زرع وتعذرت الطحون وأدرك الناس بذلك ضرر شديد .
وفي هذا الشهر: ورد من الصراصير ما زاد وكثر وسمع لها بالليل دوي كدوي الجراد إذا طار .
وخلع الخليفة على رئيس الرؤساء خلعة حسنة وكتب له درجا قرأه قائما [في] يوم الخميس لعشرين من جمادى الأولى من هذه السنة ، وعبر يوم الجمعة فصلى بجامع المنصور .
وقصد
قريش بن بدران الأنبار ففتحها وخطب بها وبالموصل وفتح السوق .
وورد
أبو الحارث المظفر البساسيري إلى
بغداد منصرفا عن الوقعة مع بني خفاجة فسار إلى داره بالجانب الغربي ولم يلم بدار الخليفة على رسمه وتأخر عن الخدمة بعد ذلك وبانت منه آثار النفرة وخرج إلى دجيل فاجتازت به سفينة لبعض أقارب رئيس الرؤساء فأعتقها وطالبها بالضريبة وكثرت دواعي الوحشة فراسله الخليفة بما طيب قلبه فقال: ما أشكو إلا من النائب في الديوان ثم خرج إلى طريق
خراسان فثقل على ضياع الديوان .
وفي ذي الحجة: توجه إلى
الأنبار فخرج إليه الأتراك والعوام طامعين في النهب فوصل إليها ففتحها وقطع أيدي عالم فيها وكان معه
دبيس بن علي بن مزيد وذلك بعد أن
[ ص: 345 ] أحرق دمما والفلوجة ثم قدم فتقرر أنه يحضر بيت النوبة ويخلع عليه فجاء إلى أن حاذى بيت النوبة وخدم وانصرف ولم يعبر .