ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أن
أهل الكرخ أغلقوا دكاكينهم يوم عاشوراء ، وأحضروا نساء فنحن على الحسين عليه السلام على ما كانوا قديما يستعملونه ، واتفق أنه حملت جنازة رجل من
باب المحول إلى
الكرخ ومعها الناحة ، فصلي عليها ، وناح الرجال بحجتها على
الحسين ، وأنكر الخليفة
على الطاهر أبي الغنائم المعمر بن عبيد الله نقيب الطالبيين تمكينه من ذلك ، فذكر أنه لم يعلم به إلا بعد فعله ، وأنه لما علم أنكره وأزاله ، فقيل له: لا تفسح بعدها في شيء من البدع التي كانت تستعمل .
واجتمع في يوم الخميس رابع عشر المحرم خلق كثير من
الحربية ، والنصرية ، وشارع دار الرقيق ، وباب البصرة ، والقلائين ، ونهر طابق بعد أن أغلقوا دكاكينهم ، وقصدوا دار الخلافة وبين أيديهم الدعاة والقراء وهم يلعنون أهل
الكرخ ، واجتمعوا وازدحموا على
باب الغربة ، وتكلموا من غير تحفظ في القول ، فراسلهم الخليفة ببعض الخدم أننا قد أنكرنا ما أنكرتم ، وتقدمنا بأن لا يقع معاودة ، ونحن نغفل في هذا ما لا يقع به المراد . فانصرفوا وقبض على
ابن الفاخر العلوي في آخرين ، ووكل بهم في الديوان ،
[ ص: 95 ] وهرب صاحب الشرطة؛ لأنه كان أجاز لأهل
الكرخ ما فعلوا ، وركب أصحاب السلطان فأرهبوا العامة ، وقد كانوا على التعرض بأهل
الكرخ وإيقاع الفتنة ، ثم واصل أهل
الكرخ التردد إلى الديوان ، والتنصل مما كان ، والاحتجاج بصاحب الشرطة ، وأنه أمرهم بذلك ، والسؤال في معنى المعتقلين ، فأفرج عنهم في ثامن عشر المحرم بعد أن خرج توقيع بلعن من يسب الصحابة ، ويظهر البدع .