ثم دخلت سنة ستين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خلع على أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن رضوان في دار الخلافة الخلع الكاملة والطيلسان ، ورد إليه النظر في المارستان .
وبنيت تربة قبر
معروف في ربيع الأول ، وعقد مشهده أزاجا بالجص والآجر .
[زلزلة بأرض فلسطين]
وفي جمادى الأولى: كانت زلزلة بأرض
فلسطين أهلكت بلد
الرملة ، ورمت شرافتين من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولحقت
وادي الصفراء وخيبر ، وانشقت الأرض عن كنوز من المال ، وبلغ حسها إلى
الرحبة والكوفة ، وجاء كتاب بعض التجار في هذه الزلزلة ، ويقول: إنها خسفت
الرملة جميعها حتى لم يسلم منها إلا دربان فقط ، وهلك منها خمسة عشر ألف نسمة ، وانشقت الصخرة التي
ببيت المقدس ، ثم عادت فالتأمت بقدرة الله تعالى ، وغار البحر مسيرة يوم وساح في البر ، وخرب الدنيا ، ودخل الناس إلى أرضه يلتقطون فرجع إليهم فأهلك خلقا عظيما منهم .
قال المصنف: وقرأت بخط
nindex.php?page=showalam&ids=12628أبي علي بن البناء ، قال: اجتمع الأصحاب وجماعة الفقهاء وأعيان أصحاب الحديث في يوم السبت النصف من جمادى الأولى من سنة ستين بالديوان العزيز ، وسألوا إخراج الاعتقاد القادري وقراءته ، فأجيبوا ، وقرئ هناك بمحضر من الجمع ، وكان السبب أن
ابن الوليد المعتزلي عزم على التدريس ، وحرضه
[ ص: 106 ] على ذلك جماعة من أهل مذهبه ، وقالوا: قد مات الأجل بن يوسف وما بقي من ينصرهم ، فعبر
الشريف أبو جعفر إلى
جامع المنصور ، وفرح أهل السنة بذلك ، وكان
أبو مسلم الليثي البخاري المحدث معه كتاب "التوحيد"
لابن حزمة فقرأه على الجماعة ، وكان الاجتماع يوم السبت في الديوان لقراءة الاعتقاد القادري والقائمي ، وفيه قال السلطان: وعلى
الرافضة لعنة الله وكلهم كفار ، قال: ومن لا يكفرهم فهو كافر ، ونهض
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك قائما فلعن المبتدعة ، وقال: لا اعتقاد لنا إلا ما اشتمل عليه هذا الاعتقاد ، فشكرته الجماعة على ذلك .
وكان
الشريف أبو جعفر والزاهد
أبو طاهر الصحراوي ، وقد سألا أن يسلم إليهم الاعتقاد ، فقال لهما الوزير
nindex.php?page=showalam&ids=13046ابن جهير: ليس هاهنا نسخة غير هذه ونحن نكتب لكم نسخة لتقرأ في المجالس ، فقال: هكذا فعلنا في أيام القادر ، قرئ في المساجد والجوامع ، وقال: هكذا تفعلون فليس اعتقاد غير هذا . وانصرفوا شاكرين .
وفي يوم الأحد سابع جمادى الآخرة: قرأ
الشريف أبو الحسين بن المهتدي الاعتقاد القادري والقائمي
بباب البصرة ، وحضر الخاص والعام ، وكان قد سمعه من القادر .
وفي يوم الثلاثاء ثامن ذي القعدة
خرج توقيع الخليفة إلى الوزير فخر الدولة أبي نصر محمد بن محمد بن جهير متضمنا بعزله بمحضر من قاضي القضاة
nindex.php?page=showalam&ids=14275الدامغاني ، وعددت فيه ذنوبه ، فمنها: أنه قيل له: إنك بدلت أشياء في الخدمة ، فوفيت بالبعض ، ومنها: أنك تحضر باب الحجرة من غير استئذان ، وقد قلت: ما يجب أن يدخل هذا المكان غيري ، ومنها: أنك لبست خلع
عضد الدولة في الدار العزيزة في أشياء أخر .
وقيل له: انظر إلى أي جهة تحب أن تقصدها لنوجهك لنوصلك إليها . فبكى في الجواب بكاء شديدا ، وقلق قلقا عظيما ، واعتذر عن كل ذنب بما يصلح ، وقال: إذا رئي إبعادي فإلى حلة
ابن مزيد ، وبعد فأنا أضرع إلى العواطف المقدسة في إجرائي
[ ص: 107 ] على كريم العادة المألوفة في ترك المؤاخذة ، فخرج الجواب عن الفصل الأخير المتعلق [بالمسير إلى] الحلة بأن الأمر يجري عليه ، واطرح جواب ما عداه ، ثم أذن له في بيع غلاته والتصرف في ماله ، وباع أصحابه ما لهم من الرحل والمتاع [وطلقوا النساء] ، وظهر من الاغتمام عليه من جميع أهل دار الخليفة الأمر العظيم ، وكانوا يحضرون عنده فيبكي ويبكون ، وخرج غلمانه وأصحابه في يوم الخميس عاشر ذي القعدة ، وقدم له وقت العتمة من ليلة الجمعة سميرية خالية من فرش وبارية ، وجاء هو وأولاده حتى وقف عند شباك المدورة وظن أن الخليفة في الشباك ، فقبل الأرض عدة دفعات وبكى بكاء شديدا ، وقال: الله بيني وبين من ثقل قلبك علي يا أمير المؤمنين ، فارحم شيبتي وأولادي وذلي وموقفي ، وارع لحرمتي . فلما يئس نزل إلى
دجلة معضدا بين نفسين وهو يبكي ، والعامة تبكي لبكائه ، وتدعو له ، فيرد عليهم ويودعهم ، ثم أعيد إلى الوزارة بشفاعة
nindex.php?page=showalam&ids=15861دبيس بن مزيد .