ذكر
من توفي في هذه السنة من الأكابر
3527 - الأستاذ
أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي .
ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، وتفقه
بفارس على
أبي الفرج ابن البيضاوي ، [ ص: 229 ] وبالبصرة على
الجزري ،
وببغداد على
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب الطبري ، وسمع
nindex.php?page=showalam&ids=13254أبا علي بن شاذان nindex.php?page=showalam&ids=13855والبرقاني وغيرهما ، وبنى له
نظام الملك المدرسة
بنهر المعلى ، وصنف "المهذب" "والتنبيه" و "النكت" في الخلاف ، و "اللمع" و "التبصرة" و "المعونة" و "طبقات الفقهاء" وكانت له اليد البيضاء في النظم .
أخبرنا
محمد بن ناصر قال: أنشدني
أبو زكريا بن علي السلار العقيلي: كفاني إذا عز الحوادث صارم ينيلني المأكول بالأثر والأثر يقد ويفري في اللقاء كأنه
لسان أبي إسحاق في مجلس النظر
وكثر أتباعه ومالوا إليه ، وانتشرت تصانيفه لحسن نيته وقصده ، وكان طلق الوجه ، دائم البشر ، مليح المحاورة ، يحكي الحكايات الحسنة ، وينشد الأشعار المليحة ، وذلك أنه حضر عند
يحيى بن علي بن يوسف بن القاسم بن يعقوب الصوفي برباطه
بغزنة يعزيه عن ابن شيخه
المطهر بن أبي سعيد بن أبي الخير ، وكان قد غرق في الماء
بالنهروان فأنشد .
غريق كأن الموت رق لأخذه فلان له في صورة الماء جانبه
أبى الله أن أنساه دهري فإنه توفاه في الماء الذي أنا شاربه
وكان يعيد الدرس في بدايته مائة مرة .
قال [المصنف رحمه الله: قال] شيخنا
أبو بكر محمد بن عبد الباقي: قال
nindex.php?page=showalam&ids=11815أبو إسحاق الشيرازي : كنت أشتهي وقت طلبي العلم الثريد بماء الباقلاء فلا يتيسر لي سنين ، فما صح لي لاشتغالي بالدرس وأخذي السبق بالغدوات والعشيات ، وكان يقول بترك التكلف حتى إنه حضر يوما الديوان فناظر مع
أبي نصر ابن القشيري فأحس
[ ص: 230 ] في كمه بثقل فقال له: يا سيدي ، ما هذا؟ فقال: قرصني الملاح .
وكان قشف العيش متورعا ، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: "يا شيخ" فكان يفتخر بهذا ويقول: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخا .
وحكى
أبو سعد بن السمعاني عن جماعة من أشياخه: أنه لما قدم
nindex.php?page=showalam&ids=11815أبو إسحاق الشيرازي رسولا إلى
نيسابور تلقاه الناس ، وحمل
إمام الحرمين أبو المعالي الجويني غاشيته ، ومشى بين يديه [كالخدم] وقال: أنا أفتخر بهذا .
أنشدنا
أبو نصر أحمد بن محمد الطوسي قال: أنشدنا
أبو إسحاق لنفسه:
سألت الناس عن خل وفي فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود حر فإن الحر في الدنيا قليل
وأنبأنا
أبو نصر قال: صحبت الشيخ أبا
إسحاق الشيرازي في طريق فأنشدني:
إذا طال الطريق عليك يوما فليس دواؤه إلا الرفيق
تحدثه وتشكو ما تلاقي ويقرب بالحديث لك الطريق
وسئل يوما ما التأويل فقال: حمل الكلام على أخفى محتمله .
توفي ليلة الأحد الحادي والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة في دار
المظفر ابن رئيس الرؤساء بدار الخلافة من الجانب الشرقي ، وغسله
nindex.php?page=showalam&ids=13372أبو الوفاء بن عقيل ، وصلى عليه
بباب الفردوس لأجل
نظام الملك ، وأول من صلى عليه
المقتدي بأمر [ ص: 231 ] الله ، وتقدم في الصلاة عليه
أبو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء وهو حينئذ نائب بالديوان ، ثم حمل إلى
جامع القصر فصلي عليه ، ودفن
بباب أبرز ، وقبره ظاهر .
والعجب أنه لم يقدر له الحج ، قال بعض أصحابه: لم يكن له شيء يحج به ، ولو شاء لحملوه على الأحداق . قال: وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14275أبو عبد الله الدامغاني لم يقدر له الحج ، إلا أن ذاك كان يمكنه ولم يفعل .
وحدثني
أبو يعلى بن الفراء قال: رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=11815أبا إسحاق الشيرازي في المنام فقلت له:
أليس قد مت؟ فقال: لا والله ما مت ، ثم أبرأ إلى الله من المدرسة وما فيها . قلت: أليس قد دفنت في التربة التي تعرف ببيت فلان؟ فقال: لا والله ما مت .
3528 -
طاهر بن الحسين بن أحمد بن عبد الله ، أبو الوفاء القواس .
ولد سنة تسعين وثلاثمائة ، وقرأ القرآن الكريم على
أبي الحسن الحمامي ، وسمع الحديث من
nindex.php?page=showalam&ids=14146هلال الحفار ، وأبي الحسين بن بشران وغيرهما ، وتفقه على
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبي الطيب الطبري ، ثم تركه وتفقه على
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى ، وأفتى ودرس ، وكانت له حلقة
بجامع المنصور وللمناظرة والفتوى ، وكان ثقة ورعا زاهدا ، ولازم مسجده المعروف
بباب البصرة لا يبرح منه خمسين سنة ، روى لنا عنه أشياخنا .
وتوفي يوم الجمعة سابع عشر شعبان من هذه السنة ، ودفن إلى جانب
الشريف أبي جعفر في دكة الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
3529 -
عبد الله بن عطاء بن عبد الله ، أبو محمد الإبراهيمي .
من أهل
هراة ، رحل في طلب الحديث ، وعني بجمعه ، سمع
بهراة من
أبي عمر المليحي ، وأبي إسماعيل الأنصاري وغيرهما ،
وببوشنج من
أبي الحسن [ ص: 232 ] عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي ، وكان يخرج الأمالي ، وسمع
بنيسابور ، وبأصبهان ، وببغداد ، حدثنا عنه مشايخنا ، وكان حافظا متقنا .
قال
أبو زكريا بن منده الحافظ: كان حافظا صدوقا . وقدح فيه
هبة الله بن المبارك السقطي فقال: كان يصحف أسماء الرواة والمتون ، ويصر على غلطه ، ويركب الأسانيد على متون .
والسقطي لا يقبل قوله . توفي
[أبو محمد بن عطاء] يوم الجمعة في هذه السنة في طريق
مكة حين عاد منها .
3530 -
محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن مفلح ، أبو طاهر بن أبي السقر الأنباري الخطيب .
ولد ليلة الأربعاء منتصف ذي الحجة سنة ست وسبعين وثلاثمائة ، وسمع خلقا كثيرا ، وكان من الجوالين في الآفاق ، والمكثرين من شيوخ الأمصار ، وكان يقول: هذه كتبي أحب إلي من وزنها ذهبا ، وكان ثقة ثبتا فاضلا صواما قواما ، حدثنا عنه جماعة من أشياخنا ، و قد سمع منه
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر الخطيب ، روي عنه في مصنفاته فقال: حدثنا
محمد بن أحمد بن محمد اللخمي .
توفي في شعبان هذه السنة ، وقيل: في جمادى الآخرة ودفن
بالأنبار .
3531 -
محمد بن أحمد بن الحسن ، أبو عبد الله بن جردة
أصله من
عكبرا ، ورد
بغداد فزوجه
أبو منصور بن يوسف ابنته ، وكان شيخا لم ير أحسن منه ، وأظهر صباحة ، وكان [أصل] بضاعته [عشرة نصافي] ينحدر بها من
[ ص: 233 ] عكبرا إلى
بغداد ، ووسع عليه الرزق حتى كان يحزر بثلاثمائة ألف دينار ، وهو الذي دفع إلى
قريش بن بدران عند مجيئه مع
nindex.php?page=showalam&ids=13870البساسيري عشرة آلاف دينار حتى حمى داره من النهب ، وكان فيها
خاتون خديجة زوجة
القائم ، ولما اجتمعت بعمها السلطان
nindex.php?page=showalam&ids=16254طغرلبك أخبرته بحقه عليها ، فجاء إلى داره شاكرا ، وكانت داره
بباب المراتب يضرب بها المثل ، وكانت تشتمل على ثلاثين دارا وعلى بستان وحمام ، ولها بابان على كل باب مسجد ، إذا أذن في أحدهما لم يسمع الآخر ، وكان لا يخرج عن حال التجار في ملبسه ومأكله ، وهو الذي بنى المسجد المعروف به
بنهر معلى ، وقد ختم فيه القرآن ألوفا ، توفي ليلة الأربعاء ، ودفن يوم الأربعاء عاشر ذي القعدة من هذه السنة في التربة الملاصقة
لتربة القزويني بالحربية . [ ص: 234 ]