3547 -
محمد بن علي [بن محمد] بن الحسين بن عبد الملك بن عبد الوهاب بن حمويه ، أبو عبد الله الدامغاني :
ولد في ليلة الاثنين ثامن ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة
بدامغان ، وتفقه ببلده ، ثم دخل إلى
بغداد يوم الخميس سادس عشرين رمضان سنة تسع عشرة فتفقه على
أبي عبد الله الحسين بن علي الصيمري ، وأبي الحسين أحمد بن محمد القدوري ، وسمع منهما الحديث ، وبرع في الفقه ، وخص بالعقل الوافر والتواضع ، فارتفع وشيوخه أحياء ، وانتهت إليه الرئاسة في مذهب العراقيين ، وكان فصيح العبارة ،
[ ص: 250 ] كثير التشوار في درسه ، سهل الأخلاق ، روى عنه شيوخنا ، وعانى الفقر في طلب العلم ، فربما استضوأ بسراج الحارس .
وحكى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13372أبو الوفاء ابن عقيل أنه قال: كان لي من الحرص على الفقه في ابتداء أمري أني كنت آخذ المختصرات وأنزل إلى
دجلة أطلب أفياء الدور الشاطئية والمسنيات ، فأنظر في الجزء وأعيده ، ولا أقوم إلا وقد حفظته ، فأدى بي السعي إلى مسناة الحريم الطاهري ، فجلست في فيئها الثخين ، وهوائها الرقيق ، واستغرقني النظر ، فإذا شيخ حسن الهيئة قد اطلع علي ، ثم جاءني بعد هنيهة فراش فقال: قم معي . فقمت معه حتى جاء بي إلى باب كبير وعليه جماعة حواش ، فدخل بي إلى دار كبيرة وفيها دست مضروب ليس فيها أحد ، فأدناني منه فجلست ، وإذا بذلك الشيخ الذي اطلع علي قد خرج فاستدناني منه ، وسألني عن بلدي فقلت:
دامغان ، وكان علي قميص خام وسخ وعليه آثار الحبر ، فقال: ما مذهبك ، وعلى من تقرأ؟ فقلت: حنفي ، قدمت منذ سنين وأقرأ على
الصميري ، وابن القدوري . فقال: من أين مؤنتك؟ قلت: لا جهة لي أتمون منها . فقال: ما تقول في مسألة كذا وكذا من الطلاق؟ وبسطني ثم قال: تجيء كل خميس إلى ها هنا . فلما جئت أقوم أخذ قرطاسا وكتب شيئا [ودفعه إلي] وقال: تعرض هذا على من فيه اسمه وتأخذ ما يعطيك . فأخذته ودعوت له ، فأخرجت من باب آخر غير الذي دخلت منه ، وإذا عليه رجل مستند إلى مخدة ، فتقدمت [إليه فقلت] : من صاحب هذه الدار؟ فقال: هذا
ابن المقتدر بالله . فقال: فما معك؟
فقلت: شيء كتبه لي . فقال: بخطه ، أين كان الكاتب؟ فقلت: على من هذا؟ فقال: على رجل من أهل
باب الأزج: عشر كارات دقيق سميد فائق ، وكانت الكارة تساوي ثمانية دنانير ، وكتب لك بعشرة دنانير . فسررت ومضيت إلى الرجل ، فأخذ الخط ودهش ، وقال: هذا خط مولانا الأمير ، فبادر فوزن الدنانير وقال: كيف تريد الدقيق؟
[ ص: 251 ]
جملة أو تفاريق؟ فقلت: أريد كارتين منها ، وثمن الباقي . ففعل فاشتريت كتبا فقهية بعشرين وكاغدا بدينارين .
وشهد عند
أبي عبد الله بن ماكولا قاضي القضاة في يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ، فلما توفي
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14932القائم بأمر الله لأبي منصور بن يوسف: قد كان هذا الرجل - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا - قاضيا حسنا نزها ، ولكنه كان خاليا من العلم ، ونريد قاضيا عالما دينا . فنظر
ابن يوسف إلى
عميد الملك الكندري هو المستولي على الدولة ، وهو الوزير ، وهو شديد التعصب لأصحاب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، فأراد التقرب إليه ، فاستدعى
أبا عبد الله الدامغاني فولي قاضي القضاة يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة سبع وأربعين ، وخلع عليه ، وقرئ عهده ، وقصد خدمة السلطان
nindex.php?page=showalam&ids=16254طغرلبك في يوم الأربعاء عاشر ذي القعدة ، فأعطاه دست ثياب وبغلة ، واستمرت ولايته ثلاثين سنة ، ونظر نيابة عن الوزارة مرتين: مرة
nindex.php?page=showalam&ids=14932للقائم بأمر الله ، ومرة
nindex.php?page=showalam&ids=15298للمقتدي .
وكان يوصف بالأكل الكثير ، فروى الأمير
باتكين بن عبد الله الزعيمي قال: حضرت طبق الوزير
فخر الدولة ابن جهير ، وكان يحضره الأكابر ، فحضر قاضي القضاة
محمد بن علي ، فأحببت أن أنظر إلى أكله ، فوقفت بإزائه ، فأبهرني كثرة أكله حتى جاوز الحد ، وكان من عادة الوزير أن ينادم الحاضرين على الطبق ، ويشاغلهم حتى يأكلوا ، ولا يرفع يده إلا بعد الكل ، فلما فرغ الناس من الأكل قدمت إليهم أصحن الحلوى ، وقدم بين يدي قاضي القضاة صحن فيه قطائف بسكر [وكانت الأصحن] كبارا ، يسع الصحن منها أكثر من ثلاثين رطلا ، فقال له الوزير يداعبه: هذا برسمك .
فقال: هلا أعلمتموني . ثم أكله حتى أتى على آخره .
مرض
nindex.php?page=showalam&ids=14275أبو عبد الله الدامغاني يوم الأربعاء سابع عشر رجب ، وكان الناس يدخلون فيعودونه إلى آخر يوم الأربعاء الرابع والعشرين من رجب ، فحجب عن الناس الخميس
[ ص: 252 ] والجمعة وتوفي ليلة السبت الرابع والعشرين من رجب . وقد ناهز الثمانين . فنزع الفقهاء طيالستهم يوم موته ، وصلى عليه ابنه
أبو الحسن ، ودفن بداره
بنهر القلائين ، ثم نقل إلى
مشهد أبي حنيفة .
3548 -
محمد بن علي بن المطلب ، أبو سعد :
كان قد قرأ النحو واللغة ، والسير ، والآداب ، وأخبار الأوائل ، وقال شعرا كثيرا ، إلا أنه كان كثير الهجو ، ثم مال عن ذلك ، وأكثر الصوم والصلاة والصدقة ، وروى الحديث عن
ابن بشران ، وابن شاذان ، وغيرهما ، وغسل مسودات شعره ، وأحرق بعضها بالنار ، وتوفي في هذه السنة وهو ابن ست وثمانين سنة .
3549 -
محمد بن أبي طاهر ، العباسي ، ويعرف بابن الرجحي :
تفقه على
أبي نصر ابن الصباغ وشهد عند
nindex.php?page=showalam&ids=14275الدامغاني وناب في القضاء فحمدت طريقته وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن
بمقبرة الجامع .
3550 -
منصور [بن دبيس] بن علي بن مزيد :
توفي [وتولى الإمارة ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16151سيف الدولة صدقة] وتوفي في رجب هذه السنة .
[ ص: 253 ]
3551 -
هبة الله [بن عبد الله] بن أحمد بن السيبي ، أبو الحسن :
ولد سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وسمع
أبا الحسين بن بشران ، nindex.php?page=showalam&ids=12477وابن أبي الفوارس ، وابن الحمامي ، وابن شاذان ، وكان مؤدبا
nindex.php?page=showalam&ids=15298للمقتدي ، ثم أدب أولاده .
توفي في محرم هذه السنة ، ودفن
بمقبرة باب حرب ، وبلغ خمسا وثمانين سنة .
وكان ينشد من إنشائه:
رجوت الثمانين من خالقي لما جاء فيها عن المصطفى فبلغنيها وشكرا له
وزاد ثلاثا بها أردفا وها أنا منتظر وعده
لينجزه فهو أهل الوفا
3552 -
أبو البركات الموسوي الشريف:
كان له نقابة المشهد
بسامراء ، وكان من ظراف البغداديين وكرمائهم ، وكان يصلي عامة الليل ، وتوفي في شعبان هذه السنة ، عن ثلاثة عشر ولدا ذكرا ، وبنت واحدة .
3553 -
الجهة القائمية: أم ولد القائم بأمر الله ، الذخيرة والسيدة:
توفيت يوم الجمعة رابع عشرين جمادى الآخرة ، وأخرجت عشية الجمعة ، وصلى عليها ابن ابنها
nindex.php?page=showalam&ids=15298المقتدي بأمر الله ، وحملت في الطيا إلى
باب الطاق ، فوصلت بعد عتمة ، ومشى الناس كلهم سوى الوزير إلى التربة بشارع
الرصافة ، وجلس للعزاء بها ثلاثة أيام ، وكانت قد أوصت بجزء من مالها للحج والصدقات والقرب ، ويذكر عنها الصوم والصلاة والورع .
[ ص: 254 ]
3554 -
يحيى بن محمد بن القاسم ، أبو المعمر المعروف: بابن طباطبا العلوي :
وكان بقية شيوخ الطالبيين ، وكان هو وأخوه نسابتهم ، وكان ينزل بالبركة من ربع
الكرخ ، وكان مجمعا لظراف الطالبيين وعلمائهم وشعرائهم وفضلائهم ، وكان يذهب مذهب
الإمامية وقد قرأ طرفا من الأدب .
وتوفي في رمضان هذه السنة ، وهو آخر
بني طباطبا ولم يعقب .
[ ص: 255 ]