وفي شوال: وقعت
الفتنة بين السنة والشيعة ، وتفاقم الأمر إلى أن نهبت قطعة من
نهر الدجاج ، وطرحت النار ، وكان ينادى على نهوب
الشيعة إذا بيعت في الجانب الشرقي: هذا مال
الروافض وشراؤه وتملكه حلال .
وفي ذي الحجة:
قدم السلطان أبو الفتح ملك شاه إلى بغداد ألزمته خاتون بهذا لتنقل ابنتها إلى الخليفة ، فدخل
دار المملكة والعوام يترددون إليه ولا يمنعون ، وضرب الوزير
نظام الملك سرادقة في
الزاهر ليقتدي به العسكر ولا ينزلون في دور الناس ، فلم يقدم أحد على النزول في دار أحد ، وركب السلطان إلى
مشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه فزاره ، وعبر إلى قبر
معروف وقبر
موسى بن جعفر والعوام بين يديه ، وانحدر إلى
سلمان فزاره ، وأبصر إيوان
كسرى ، وزار
مشهد الحسين عليه السلام ، وأمر بعمارة سوره ، ويمم إلى مشهد
علي عليه السلام فأطلق لمن فيه ثلاثمائة دينار ، وتقدم باستخراج نهر من
الفرات يطرح الماء إلى
النجف فبدئ فيه ، وعمل له الطاهر نقيب
العلويين [المقيم هناك] سماطا كبيرا .
[ ص: 260 ]
وفي ليلة الاثنين سابع ذي الحجة:
مضت والدة الخليفة وعمته إلى خاتون في دار المملكة ، فضربت سرادقا من الدار إلى دجلة ، ونزلت إليهما فخدمتهما ، وصعدتا إلى دار
المملكة ، ثم نزلتا وهي معهما وانحدرن .
وفي ليلة الخميس سابع عشر هذا الشهر:
وصل النظام إلى الخليفة من التاج ومشى وحده إلى أن وصل إليه وهو جالس من وراء الشباك فخدم ، فقربه وأدناه وأخرج يده من الشباك إليه فقبلها ووضعها على عينه ، وخاطبه بما جمله به .
وكان جماعة من الفقراء يأوون إلى كويخات بباب الغربة ، فتقدم أمير المؤمنين بأن يشتري لكل واحد دارا بالمقتدية ، وبالمسعودة ، والمختارة ، وملكوها ونقضت كويخاتهم .
وتوفي فقير صاحب مرقعة
بجامع المنصور كان يسأل الناس ، فوجدوا في مرقعته ستمائة دينار مغربية .
وظهر فيها بين ديار
بني أسد وواسط عيار مقطوع اليد اليسرى ، كان يقع على القفل بنفسه فيقتل ويمثل ويأخذ المال ، وكان يغوص عرض
دجلة في غوصتين ، وكان يقفز خمسة عشر ذراعا ، ويتسلق الحيطان الملس ، ولا يقدر عليه فخرج عن أرض
العراق سالما .
وفي هذه السنة:
صنع سيف الدولة سماطا للسلطان جلال الدولة بظاهر الأجمة في الجانب الشرقي ، ذكر أنه ذبح ألف كبش ومائة رأس دواب وجمال ، وأنه سبك عشرين ألفا منا سكرا ، وكان السماط أحسن شيء ، وقد علق عليه ما صنع من منفوخ السكر من الطيور والوحوش ، وأنواع التماثيل ، فحضر السلطان ، وأشار إلى شيء منه ، ثم نهب وانتقل إلى طعام خاص ، ومجلس عبي له سرادق ديباج فيه خيم ديباج اشتمل على خمسمائة قطعة من أواني الفضة ، وزين بتماثيل الكافور والعنبر و [الندو]
[ ص: 261 ]
المسك الأذفر ، فجلس وقضى منه وطرا ، فلما نهض خدم
سيف الدولة بحمل عشرين ألف دينار ، والسرادق والأواني ، وقبل الأرض بين يديه وانصرف .
وفي هذه السنة:
وقعت العرب على الحاج فقاتلوهم يومهم ، وأمسوا يسألون الله النجاة ، فبلغ
العرب أن قوما منهم علموا خلو أبياتهم فاستاقوا مواشيهم فولوا .