ثم دخلت
سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[وصول
بركيارق إلى
خوزستان بحال سيئة]
أن
بركيارق وصل إلى
خوزستان بحال سيئة لميل الناس إلى السلطان
محمد ، وكان مع
بركيارق ينال ، وهو أمير عسكره ، ثم خاف منه فرحل عنه إلى
الأهواز ، فصادر أهلها ، وأصعد
بركيارق إلى
واسط ، فهرب أعيان البلد ، فدخل العسكر فعاثوا ونهبوا وقلعوا الأبواب ، واستخرجوا الذخائر ، وفعلوا ما لا يفعل الروم ، وحمل إلى السلطان قوم ذكر أنهم جاءوا للفتك ، وأقر رئيسهم بذلك ، فأمر به السلطان فبطح وضربه فقسمه نصفين ، ثم رحل السلطان إلى بلاد سيف الدولة صدقة ، ففعلت العساكر نحوا مما فعلت
بواسط ، والتقى سيف الدولة بالسلطان ، وأصعد معه إلى
بغداد ، وكان
سعد الدولة الكوهرائين مخيما بالشفيعي ، مقيما على المباينة لبركيارق ، والطاعة للسلطان
محمد ، فلما علم بوصوله إلى زريران رحل إلى
النهروان في ليلة الجمعة النصف من صفر ، وسارت معه زوجة مؤيد الملك وهي ابنة
القاسم بن رضوان ، فلما كان يوم الجمعة منتصف صفر قطعت خطبة
محمد ، وأقيمت
لبركيارق .
[خروج الوزير عميد الدولة لاستقبال السلطان]
وفي يوم السبت سادس عشر صفر: خرج الوزير
عميد الدولة لاستقبال السلطان
بركيارق إلى جسر صرصر في الموكب ، وعاد من يومه ، ودخل السلطان بغداد يوم
[ ص: 53 ] الأحد ، وجلس على السرير في دار المملكة ، وسر العوام والنساء والصبيان قدومه ، ونفذ الخليفة إليه هدية تشتمل على خيل وسلاح .
[تقرر وزارة العميد
أبي المحاسن]
وفي ربيع الأول: تقررت له وزارة العميد
أبي المحاسن عبد الجليل بن علي بن محمد الدهستاني ، ولقب بنظام الدين ، وجلس للنظر في دار المملكة ، وخرج إلى
حلوان فانضاف إليه
سعد الدولة وغيره ، ودخلوا معه إلى
بغداد ، فخرج الموكب يتلقاه ، ثم نفذت له الخلع في يوم آخر مع
عميد الدولة ، فاحتبسه عنده ، واستدعى
أبا الحسن الدامغاني ، وأبا القاسم الزينبي ، وأبا منصور حاجب الباب ، وقال لهم
أبو المحاسن: إن السلطان يقول لكم: قد عرفتم ما نحن فيه من الإضاقة ومطالبة العسكر ، وهذا الوزير
nindex.php?page=showalam&ids=13046ابن جهير قد تصرف هو وأبوه في
ديار بكر والجزيرة والموصل في أيام
جلال الدولة ، وجبوا أموالها ، وأخذوا ارتفاعها ، وينبغي أن يعاد كل حق إلى حقه .
فخرجوا إلى الوزير فأعلموه بالحال ، فقال: أنا مملوك ولا يمكنني الكلام إلا بإذن مولاي . فاستأذنوا في الانصراف فأذن لهم ، فعرفوا الخليفة الحال ، فكتب الخليفة إلى السلطان كتابا مشحونا بالعتب والتهديد والغلظة ، وقال فيه: فلا يغرك إمساكنا عن مقابلة الفلتات ، فوحق السالف من الآباء المتقدمين بحكم رب السماء لئن قصر في أن يعاد شاكرا وبالحباء موفورا لنفعلن! فقرئ الكتاب على السلطان ، وآل الأمر إلى أن أحضر عميد الدولة بين يدي السلطان ، ووعده عنه وزيره بالجميل ، وقال: السلطان يقول لك: إننا ثقلنا عليك كما يثقل الولد على والده لضرورات دعت ، فانطلق والأمراء بين يديه ، وصحح مائة ألف وستين ألف دينار .
والتقى السلطان
بركيارق ومحمد في يوم الأربعاء رابع رجب بمكان قريب من
همذان ، وكانت الغلبة لأصحاب
محمد ، فانهزم
بركيارق في خمسين فارسا ، فنزل على فرسخ من المصاف حتى استراح والتأم إليه عسكره ، فلقي أخاه
سنجر ، فانهزم أصحاب
سنجر ثلاثين فرسخا ، فاشتغل أصحاب بركيارق بالنهب ، وأسرت أم أخوي السلطان
سنجر ومحمد فأكرمها ، وقال: إنما ارتبطتك ليطلق أخي من عنده من الأسارى ، فأنفذ
سنجر من كان عنده من الأسارى وأطلقها .