[ترتيب أبي جعفر عبد الله الدامغاني حاجب الباب]
وفي هذه السنة رتب
أبو جعفر عبد الله الدامغاني حاجب الباب ، ولقب
بمهذب الدولة ، وخلع عليه فخلع الطيلسان ، وقد كان إليه القضاء بربع الطاق وقطعة كبيرة من البلاد نيابة عن أخيه ، فشق ذلك على أخيه لكونه قاضي القضاة .
[وصول رأس أحمد بن عبد الملك ابن عطاش ورأس ولده معه]
وفي آخر ذي الحجة: وصل إلى
بغداد رأس
أحمد بن عبد الملك بن عطاش ، ورأس ولده معه ، وهو متقدم الباطنية بقلعة
أصفهان ، وهذه القلعة بناها السلطان
جلال الدولة ملك شاه ، وسبب بنائه لها أنه ورد عليه بعض متقدمي الروم ، وأظهر الإسلام فخرج معه في بعض الأيام للصيد فهرب منه كلب معروف بجودة العدو إلى الجبل ، فصعد السلطان وراءه وطاف في الجبل حتى وجده ، فقال [له] الرومي: لو كان هذا الجبل عندنا لبنينا عليه قلعة ينتفع بها ويبقى ذكرها ، فثبت هذا الكلام في قلبه فبناها ، وأنفق عليها ألف ألف ومائتي ألف دينار ، فكان أهل أصفهان يقولون حين ابتلوا بابن عطاش: انظروا إلى هذه القلعة كان الدليل على موضعها كلبا ، والمشير ببنائها كافرا ، وخاتمة أمرها هذا الملحد .
ولما رجع هذا الرومي إلى بلده ، قال: إني نظرت إلى
أصفهان وهو بلد عظيم والإسلام به ظاهر فلم أجد شيئا أشتت به شملهم غير مشورتي على السلطان ببناء هذه القلعة .
ولما مات السلطان آل أمرها إلى الباطنية ، فاستولى عليها
ابن عطاش اثنتي عشرة سنة ، فلما سيقت الممالك للسلطان محمد اهتم بأمر الباطنية ، فنزل بهذه القلعة ،
[ ص: 102 ] فحاصرها سنة فأرسلوا إليه أن ينفذ إليهم من يناظرهم ، فأنفذ فلم يرجعوا ، ثم ضاق الأمر بهم فأذعنوا بالطاعة فأخرجهم إلى أماكن التمسوها ونقضها في ذي القعدة من هذه السنة ، وقتل رئيسها ابن عطاش وسلخه ، وقتل ابنه وألقت زوجته نفسها من أعلى القلعة ومعها جوهر نفيس ، فهلكت وما معها .
وكان هذا
ابن عطاش في أول أمره طبيبا ، فأخذ أبوه في أيام طغرلبك لأجل مذهبه ، فأراد قتله فأظهر التوبة ومضى إلى الري ، وصاحب
أبا علي النيسابوري وهو متقدمهم هناك وصاهره ، وصنف رسالة في الدعاء إلى هذا المذهب سماها "العقيقة" .
ومات في سواد الري ، فمضى ولده إلى هذه القلعة .