ثم دخلت سنة خمس عشرة وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أن
السلطان محمودا خرج من بغداد متصيدا ، فورد الخبر إليه بوفاة جدته أم أبيه ، فعاد عن متصيده وجلس للعزاء بها في حجرة من
دار المملكة هو وخواصه ، وجلس وزيره
أبو طالب علي بن أحمد وكافة أرباب الدولة وأعيان العسكر في صحن الدار ، وحضر عندهم الوزير
أبو علي بن صدقة والموكب في الأيام الثلاثة بثياب العزاء ، ونصب كرسي للوعظ ، فتكلم عليه
أبو سعد إسماعيل بن أحمد ، وأبو الفتوح أحمد بن محمد الغزالي إلى الطوسيان ، وجاء
ابن صدقة في اليوم الرابع ومعه الموكب لإقامة السلطان من العزاء وإفاضة الخلع عليه ، ففعل ذلك وعزم السلطان
محمود على الخروج من
بغداد فقيل له: من دار الخلافة ينبغي أن تقيم في هذا الصيف عندنا ، وكان ذلك من خوف
سيف الدولة ، فقال : إن معي هذه العساكر ، فقيل له: إنا لا نترك غاية فيما يعود إلى الإقامة ، واستقر أن يزيحوا العلة في نفقة أربعة أشهر ، ففرغت خزائن الوكلاء ، واستقر أن يؤخذ من دور الحريم ودكاكينه ومساكنه أجرة شهر ، فكتبت بذلك الجرائد ، ورتب لذلك الكتاب والمشرف والجهبذ ، وجبي من ذلك مبلغ وافر في مدة ثلاثة أيام ، فكثرت الشكايات ، فنودي برفع ذلك وإعادة ما جبى على أربابه ، والتفت إلى الاستقراض من ذوي الأموال .
وفي صفر: وجد مقتولا بالمختارة ، فجاء أصحاب الشحنة فكبسوا المحلة وطلبوا الحامي ، فهرب فجاء نائب الشحنة إلى باب العامة بالعدد الكثيرة والسلاح الظاهر ،
[ ص: 193 ] وتوكل بدار
ابن صدقة الوزير ووكل به عشرة ، وبدار
ابن طلحة صاحب المخزن ، وبدار حاجب الباب
nindex.php?page=showalam&ids=12783ابن الصاحب ، وقال: أنا أطالبكم بجناية المقتول .
وفي ربيع الآخر: أعيدت المطالبة بما ينسب إلى حق البيعة ، وتزايد الأمر في ذلك وكثر الأذى .
وفي يوم الجمعة ثامن ربيع الأول: استدعي
nindex.php?page=showalam&ids=13317علي بن طراد النقيب بحاجب من الديوان ، فلما حضر قرأ عليه الوزير
ابن صدقة توقيعا مضمونه: قد استغني عن خدمتك ، فمضى وأغلق بابه وكانت ابنته متصلة بالأمير
أبي عبد الله بن المستظهر وهو المقتفي ، فكان الوزير
ابن صدقة يتقرب منه ولا يباسطه في دار الخلافة ، فلما كان يوم الأربعاء سابع عشر ربيع الأول انحدر الوزير
أبو طالب السمري متفرجا ، فلما حاذى
باب الأزج عبر إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13317علي بن طراد وذكر له الحال فوعده ثم خاطبه في حقه فرضي عنه ، وأعيد إلى النقابة في ثاني ربيع الآخر .
وفي عشية [يوم] الثلاثاء خامس ربيع الأول
انقض كوكب ، وصارت منه أعمدة عند انقضاضه وسمع عند ذلك صوت هزة عظيمة كالزلزلة .
وفي ليلة النصف من ربيع الأول
خلع في دار السلطان على القاضي أبي سعد الهروي ، وركب إلى داره بقراح بن رزين ، ومعه كافة الأمراء ، ونفذ أمره في القضاء بجميع الممالك سوى
العراق مراعاة لقاضي القضاة
nindex.php?page=showalam&ids=14448أبي القاسم الزينبي لما يعلم من ميل
nindex.php?page=showalam&ids=15218المسترشد إليه ، وخرج
الهروي في هذا الشهر إلى
سنجر برسالة من
nindex.php?page=showalam&ids=15218المسترشد ومن السلطان
محمود وأصحب تشريفات وحملانا ، وسار في تجمل كثير .
وفي يوم الثلاثاء تاسع جمادى الأولى: صرف كاتب ديوان الزمام عنه ، وهو
شمس [ ص: 194 ] الدولة أبو الحسن علي بن هبة الله بن الزوال ، ووقع بذلك بالنظر في ديوان الزمام مضافا إلى ديوان الإنشاء .