ذكر
من توفي في هذه السنة من الأكابر
3939 -
أحمد بن محمد بن محمد ، أبو الفتوح الغزالي الطوسي :
أخو
أبي حامد ، كان متصوفا متزهدا في أول أمره ، ثم وعظ فكان متفوها وقبله العوام . وجلس في
بغداد في التاجية ورباط
بهروز ، وجلس في دار السلطان
محمود فأعطاه ألف دينار ، فلما خرج رأى فرس الوزير في دهليز الدار بمركب ذهب وقلائد وطوق فركبه ومضى فأخبر الوزير ، فقال: لا يتبعه أحد ولا يعاد إلى الفرس ، وخرج يوما
[ ص: 238 ]
إلى ناعورة فسمعها تئن ، فرمى طيلسانه عليها ، وكان له نكت لطيفة إلا أن الغالب على كلامه التخليط ورواية الأحاديث الموضوعة والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة ، وقد علق عنه كثير من ذلك ، وقد رأينا من كلامه الذي علق عنه وعليه خطه إقرار بأنه كلامه .
فمن ذلك أنه قال: قال موسى رب
أرني أنظر إليك ، قيل له:
لن تراني ، فقال :
هذا شأنك تصطفي
آدم ثم تسود وجهه وتخرجه من الجنة ، وتدعوني إلى
الطور ثم تشمت بي الأعداء ، هذا عملك بالأخيار ، كيف تصنع بالأعداء؟
وقال: نزل
إسرافيل بمفاتيح الكنوز على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجبريل جالس عنده فاصفر وجه
جبريل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا
إسرافيل ] هل نقص مما عنده شيئا ، قال: لا ، قال: ما لا ينقص الواهب ما أريده . وقال: دخل يهودي إلى الشيخ
أبي سعيد ، فقال أريد أن أسلم ، فقال له: لا ترد ، فقال الناس: يا شيخ تمنعه من الإسلام ، فقال له: تريد ولا بد ، قال: نعم ، قال:
برئت من نفسك ومالك ، قال: نعم ، قال: هذا الإسلام عندي احملوه الآن إلى الشيخ
أبي حامد حتى يعلمه لا - لا المنافقين يعني لا إله إلا الله - قال
أحمد الغزالي: الذي يقول لا إله إلا الله غير مقبول ظنوا أن قول لا إله إلا الله منشور ولايته أفنسوا عزله .
وحكى عنه
القاضي أبو يعلى أنه صعد المنبر يوما ، فقال: معاشر المسلمين كنت دائما أدعوكم إلى الله فأنا اليوم أحذركم منه ، والله ما شدت الزنانير إلا من حبه ، ولا أديت الجزية إلا في عشقه .
[وأنبأنا
محمد بن ناصر الحافظ ، عن
محمد بن طاهر المقدسي قال: كان
أحمد الغزالي آية من آيات الله تعالى في الكذب ، توصل إلى الدنيا بالوعظ ، سمعته يوما
بهمذان يقول: رأيت إبليس في وسط هذا الرباط يسجد لي فقال له: ويحك ، إنه الله
[ ص: 239 ] عز وجل أمره بالسجود
لآدم فأبى . فقال: والله لقد سجد لي أكثر من سبعين مرة . فعلمت أنه لا يرجع إلى دين ومعتقد . قال: وكان يزعم أنه يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم عيانا في يقظته لا في نومه ، وكان يذكر على المنبر أنه كلما أشكل عليه أمر رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله على ذلك المشكل فدله على الصواب .
قال: وسمعته يوما يحكي عن بعض المشايخ ، فلما نزل سألته عنها فقال: أنا وضعتها في الوقت .
قال: وله من هذه الجهالات والحماقات ما لا يحصى .
قال مؤلف الكتاب:] وكان
أحمد الغزالي يتعصب لإبليس ويعذره ، حتى قال يوما: لم يدر ذاك المسكين أن أظافر القضاء إذا حكت أدمت وقسي القدر إذا رمت أصمت ثم أنشد .
وكنا وليلى في صعود من الهوى فلما توافينا ثبت وزلت
وقال: التقى
موسى وإبليس عند عقبة
الطور ، فقال: يا إبليس لم لم تسجد
لآدم؟ فقال كلاما كنت لأسجد لبشر يا
موسى ادعيت التوحيد وأنا موحد ، ثم التفت إلى غيره وأنت قلت أرني فنظرت إلى الجبل فأنا أصدق منك في التوحيد ، قال: أسجد للغير ما سجدت من لم يتعلم التوحيد من إبليس فهو زنديق ، يا موسى كلما ازداد محبة لغيري ازددت له عشقا .
قال المصنف : لقد عجبت من هذا الهذيان الذي قد صار عن جاهل بالحال ، فإنه لو كان إبليس [غار ] لله محبة ما حرض الناس على المعاصي ، ولقد أدهشني نفاق هذا الهذيان في
بغداد وهي دار العلم ، ولقد حضر مجلسه
يوسف الهمذاني ، فقال: مدد كلام هذا شيطاني لا رباني ذهب دينه والدنيا لا تبقى له .
وشاع عن
أحمد الغزالي أنه كان يقول بالشاهد ، وينظر إلى المردان
[ ص: 240 ] ويجالسهم ، حتى حدثني
أبو الحسين بن يوسف أنه كتب إليه في حق مملوك له تركي ، فقرأ الرقعة ثم صاح باسمه ، فقام إليه وصعد المنبر فقبل بين عينيه ، وقال: هذا جواب الرقعة .
توفي
أبو الفتوح في هذه السنة .