[ ص: 83 ] ثم دخلت سنة سبع وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها :
أنه
في تاسع المحرم باض ديك لرجل يعرف بابن عامر بيضة ، وباض بازي
لعلي بن حماد بيضتين ، وباضت نعامة لا ذكر معها بيضة ، ذكر ذلك
أبو العباس الماندائي القاضي .
و [في هذه السنة ] من الحوادث : أن
يعقوب الخطاط توفي
برباط بهروز وكانت له غرفة في النظامية ، فحضر الذي ينوب في التركات وختموا على غرفته في المدرسة فخاصمهم الفقهاء وضربوهم وأخذوا التركة ، وهذه عادتهم في الحشريين ، فمضوا شاكين فقبض حاجب الباب على رجلين من الفقهاء وعاقبهم بباب النوبي وحملهما [حمل ] اللصوص ، فأغلق الفقهاء المدرسة وأخرجوا كرسي الوعاظ فرموه وسط الطريق ، فلما كانت عشية تلك الليلة صعد الفقهاء سطح المدرسة واستغاثوا وأساءوا الأدب في استغاثتهم وكان المدرس أبو النجيب يومئذ فجاء فرمى نفسه تحت التاج في اليوم الثاني واعتذر وكشف رأسه ، فقيل له : قد عفي عنك فامض إلى بيتك والزم زاويتك ، وهرب الفقهاء إلى دار الملك وتبعهم فبقوا أياما فبعث شحنة
بغداد وهو المسمى
بمسعود بلال مع
أبي النجيب وجمع أصحابه فرجع هو والفقهاء إلى المدرسة بغير إذن أمير المؤمنين فجلس ودرس ووعظ وتكلم بالكلمات بالعجمية لا يعرفها إلا
[ ص: 84 ] أعجمي ، فلما كان يوم الخميس سابع رجب وصلت الأخبار بموت السلطان مسعود ، وأنه مات
بباب همذان فعقد العسكر السلطنة
لملكشاه بن محمد فقام بأمره خاصبك ثم إن خاصبك قبض على ملك شاه وخاطب أخاه
محمدا وهو
بخوزستان ، فلما وصل إلى
همذان سلم السلطنة إليه وكانت مكاتبته حيلة ليحصله فعلم فقتل خاصبك ولما ورد موت السلطان اختلط الناس وهرب
مسعود الشحنة إلى تكريت فظفروا بخيله [وبعض سلاحه ] ونادى الخليفة أنه من تخلف من الجند ولم يحضر الديوان ليكتب اسمه ويجري على عادته في إقطاعه أبيح دمه وماله ، وقعد الوزير للعزاء في بيت النوبة ، ونفد أستاذ الدار يومئذ ومعه من ينقض فنقضوا دار تتر التي على المسناة وتقدم إلى ابن النظام أن يمضي إلى المدرسة ليدرس بها فمضى في موكب ، وقبض على
أبي النجيب وحمل إلى الديوان وأهين وحبس ، وقبض على الحيص بيص الشاعر ، وأخذ من بيته حافيا ماشيا مهانا وحمل إلى حبس اللصوص وقصد من كان له تعلق بالعسكر ثم أخرج أبو النجيب إلى باب النوبي فأقيم على الدكة الظاهرة بين اثنين وكشف رأسه وضرب بالدرة خمس مرات تولى ذلك غلام الحسبة بتقدم وأعيد إلى حبس الجرائم وذلك في آخر رجب .
في يوم السبت : أخذ البديع صاحب
أبي النجيب وكان متصوفا يعظ الناس ، فحمل إلى الديوان وأخذ من عنده ألواح من طين فيها [قبل وعليها مكتوب ] أسماء الأئمة الاثنا عشر ، فاتهموه بالرفض ، فشهر بباب النوبي وكشف رأسه وأدب وألزم بيته .
وكان
مهلهل قد ضمن الحلة في كل سنة بتسعين ألف دينار فأقبل
السلاركرد إلى الحلة فهرب
مهلهل إلى مشهد علي عليه السلام فكتب
سلاركرد إلى
مسعود الشحنة وهو في
تكريت فلحق به فلما اجتمعا قبض
مسعود على
سلار فغرقه فجهز أمير المؤمنين العساكر وكانوا ثلاثة آلاف ومن تبعهم فعبروا وضربوا تحت الرقة في تاسع عشر شعبان وقدم
كرساوج من
همذان فتلقي بالموكب وخلع عليه وأعطي الشحنكية وخرج
[ ص: 85 ] الوزير
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة في سابع عشرين شعبان فسار معه العسكر إلى الحلة فسبقت مقدمته فانهزم الشحنة فعادوا يبشرون الوزير وقد كان تهيأ للقتال فعاد الوزير وبلغ أمير المؤمنين تخبيط
بواسط فأخرج سرادقه فضربه تحت الرقة وأخرج الكوسات وكانت أحدا وعشرين حملا وبعددها الأعلام .
وخرج يوم الاثنين الحادي والعشرين من شوال على ساعتين من النهار في سفينة وولي العهد في سفينة والوزير في سفينة والخدم في سفن ولم يتمكن أحد من العوام أن يركب في سفينة فوقف الناس ينظرون من جانبي دجلة ووقف الناس وصعد من السفينة وأرباب الدولة بين يديه فظهر للناس ظهورا بينا وأشار إلى أصحابه أن لا يضربوا أحدا بمقرعة فركب وولي العهد وسارا والناس متسابقين بين أيديهما حتى نزلا السرادق ، ثم رحل إلى أن نزل
بواسط فهرب أولاد الطرنطاي [وأعاد ]
خطلبرس إلى الشحنكية
بواسط ، ثم مضى إلى الحلة
والكوفة وعاد إلى
بغداد في ذي القعدة فنزل بدار يرنقش التي على الصراة ، ثم دخل إلى داره وعلقت بغداد سبعة أيام .
ثم خطب لولي العهد يوم الجمعة غرة ذي الحجة من هذه السنة فعاد التعليق ، وعلقت القباب فعمل الذهبيون قبة على باب الخان العتيق عليها صورة مسعود وخاصبك وعباس وغيرهم من الأمراء بحركات تدور وعلق
ابن المرخم قبة فيها خيل تدور وعليها فرسان بحركات وعلقت بنت قاورت بباب درب المطبخ قبة فيها صورة السلطان وعلى رأسه شمسة وعلق ترشك قبة على سطح داره على تماثيل صور أتراك يرمون بالنشاب وعلق ابن مكي الأحدب قبة عليها جماعة من الحدب وعلق
جعفر الرقاص بباب الغربة قبة عليها مشاهرات فاكهة أترج ونارنج ورمان وثياب ديباج وغير ذلك وأقام السودان الكلالة فوق القبة يغنون ويرقصون وعمل أهل باب الأزج حذاء المنظرة أربعة أرحي تدور وتطحن الدقيق لا يدرى كيف دورانها وعمل الملاحون سميرية تسير على عجل وانطلق الناس في اللعب وبقي التعليق إلى يوم العيد .