فصل
وولي هاشم بعد أبيه عبد مناف السقاية والرفادة ، وأطعم الناس ، فحسده
أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكان ذا مال فتكلف ، أن يصنع صنيع هاشم ، فعجز عنه ، فشمت به ناس من قريش ، فغضب ونال من
هاشم ، فدعاه إلى المنافرة ، فكره
هاشم ذلك ، فلم تدعه قريش ، وأحفظوه ، قال: فإني أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق ، تنحرها [ببطن]
مكة ، والجلاء عن
مكة عشر سنين . فرضي بذلك
أمية ، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي ، فنفر هاشما عليه ، فأخذ هاشم الإبل فنحرها ، وأطعمها من حضره ،
[ ص: 213 ] وخرج
أمية إلى
الشام ، فأقام بها عشر سنين فكانت هذه
أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية .
أنبأنا
يحيى بن الحسن البنا . قال: أخبرنا
ابن المسلمة قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15183المخلص قال: أخبرنا
أحمد بن سليمان الطوسي قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار قال: حدثني
عمر بن أبي بكر الموصلي قال: حدثني
يزيد بن عبد الملك بن المغيرة ، عن
نوفل ، عن أبيه قال :
اصطلحت قريش على أن يولى
هاشم بن عبد مناف السقاية والرفادة ، وذلك أن
عبد شمس كان يسافر قبل ما يقيم
بمكة ، وكان رجلا مقلا ، وكان هاشم رجلا موسرا ، وكان إذا حضر الحج قام في قريش ، وقال: يا معشر قريش ، إنكم جيران الله ، وأهل بيته ، وإنه يأتيكم في هذا الموسم نفار الله ، يعظمون حرمة بيته ، وهم ضيف الله ، وأحق الضيف بالكرامة [ضيفه] وقد خصكم الله بذلك ، وأكرمكم به ، فأكرموا ضيفه ، فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد ، وقد أوجفوا وثقلوا وأرملوا ، فأقروهم وأعينوهم ، فكانت قريش ترافد على ذلك حتى إن كان أهل البيت ليرسلون بالشيء اليسير على قدرهم ، وكان هاشم يخرج كل سنة مالا كثيرا ، فكان يأمر بحياض من أدم فيجعل في موضع
زمزم قبل أن تحفر ، ثم يستقي فيها من الآبار التي
بمكة فيشرب الحاج ، وكان يطعمهم قبل التروية بيوم
بمكة وبمنى وبجمع وبعرفة ، وكان يثرد لهم الخبز والشحم والسمن والسويق [والتمر] ويحمل لهم الماء ، وكان هاشم
أول من سن الرحلتين: رحلة إلى أرض الحبشة إلى nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ورحلة إلى أرض الشام ، وربما دخل على قيصر فيكرمه ، فمات
بغزة . [ ص: 214 ]
قال
الزبير وحدثني
محمد بن حسن عن
محمد بن طلحة ، عن
عثمان بن عبد الرحمن [قال] : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
والله لقد علمت قريش أن أول من أخذ لها الإيلاف وأجاز لها العيرات هاشم ، والله ما نبذت قريش خيلا ، ولا أناخت بعيرا بحضر إلا لهاشم ، والله إن أول من سقى
بمكة ماء عذبا وجعل باب الكعبة ذهبا لعبد المطلب .
أخبرنا
عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب الطبري قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15263المعافى بن زكريا قال: أخبرنا
عبيد الله بن محمد جعفر الأزدي قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12455أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني
محمد بن الحسين قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب قال: أخبرنا
أبو هلال الراسبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال قال:
تفاخر رجلان من قريش رجل من
بني هاشم ورجل من
بني أمية ، فقال هذا:
قومي أسخى من قومك . وقال هذا: قومي أسخى من قومك . فقال: سل في قومك حتى أسأل في قومي . فافترقا على ذلك فسأل الأموي عشرة من قومه فأعطوه مائة ألف ، كل واحد [منهم] عشرة آلاف . قال: وجاء الهاشمي إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس فأعطاه مائة ألف ، ثم أتى
الحسن بن علي فسأله: هل أتيت أحدا قبلي؟ نعم
عبد الله بن العباس فأعطاني مائة ألف . قال : فأعطاه
الحسن مائة ألف وثلاثين ألفا ، ثم أتى
الحسين فسأله ، فقال: هل أتيت أحدا قبلي قبل أن تأتيني ؟ قال: نعم ، أخاك
الحسن ، فأعطاني مائة ألف وثلاثين ألفا ، قال: لو أتيتني قبل أن تأتي أخي أعطيتك أكثر من ذلك ولكن لا أزيد على سيدي [قال] : فأعطاه مائة ألف وثلاثين ألفا .
[ ص: 215 ]
قال: فجاء الأموي بمائة ألف من عشرة . وجاء الهاشمي بثلاثمائة ألف وستين ألف من ثلاثة . فقال الأموي: سألت عشرة من قومي فأعطوني مائة ألف . وقال الهاشمي: سألت ثلاثة من قومي فأعطوني ثلاثمائة ألف وستين ألفا . قال: فعجز الهاشمي [على] الأموي ، فرجع الأموي إلى قومه فأخبرهم الخبر ، ورد عليهم المال فقبلوه ، ورجع الهاشمي إلى قومه فأخبرهم الخبر ورد عليهم المال فأبوا أن يقبلوه ، وقالوا: لم نكن لنأخذ شيئا قد أعطيناه . .
وقد روى
هشام عن أشياخ له: أن
عبد المطلب بن هاشم وحرب بن أمية رحلا إلى النجاشي [الحبشي] فأبى أن ينفر بينهما فجعلا بينهما
نفيل بن عبد العزى بن رباح فقال لحرب: يا أبا عمرو ، أتنافر رجلا هو أطول منك قامة ، وأعظم منك هامة ، وأوسم منك وسامة وأكثر منك ولدا ، فنفره عليه ، فقال له حرب: إن من انتكاث [الزمان] أن جعلناك حكما .
وكان
أول من مات من ولد عبد مناف ابنه هاشم ، مات
بغزة من أرض
الشام ، ثم مات
عبد شمس بمكة فقبر
بأجياد ، ثم مات
نوفل بالسلمان من طريق
العراق ، ثم مات المطلب بردمان من أرض
اليمن ، وكانت الرفادة ، والسقاية بعد
هاشم إلى أخيه المطلب .
[ ص: 216 ]