ذكر الحوادث التي كانت سنة سبع من مولده صلى الله عليه وسلم
من ذلك:
كفالة عبد المطلب له:
أخبرنا
محمد بن أبي طاهر البزاز قال: أخبرنا
الحسن بن علي الجوهري قال:
[ ص: 274 ]
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه قال: أخبرنا
أحمد بن معروف قال: حدثنا
الحارث بن أبي أسامة قال:
حدثنا
محمد بن سعد قال: حدثنا
محمد بن عمر بن واقد قال: حدثني
محمد بن عبد الله قال: أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري .
قال: وحدثني
عبد الله بن جعفر ، عن
عبد الواحد بن حمزة ، عن
عبد الله .
قال:
وحدثنا
هاشم بن عاصم الأسلمي ، عن
المنذر بن جهم قال:
وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن
أبي نجيح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال:
وأخبرنا
عبد الرحمن بن عبد العزيز ، عن
أبي الحويرث قال:
وأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12503ابن أبي سبرة ، عن
سلمان بن سحيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير - دخل حديث بعضهم في بعض - قالوا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون مع أمه
آمنة بنت وهب ، فلما توفيت قبضه إليه جده عبد المطلب وضمه ورق عليه رقة لم يرقها على ولده ، وكان يقربه منه ويدنيه ويدخل عليه إذا خلا وإذا نام وكان يجلس على فراشه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك: دعوا ابني ، إنه ليؤنس ملكا .
وقال قوم من مدلج لعبد المطلب: احتفظ به ، فإنا لم نر قدما أشبه بالقدم التي في المقام منه . فقال عبد المطلب لابنه
أبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء ، فكان أبو طالب يحتفظ به .
وقال
عبد المطلب: لأم أيمن - وكانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بركة ، لا تغفلي عن ابني ، فإنني وجدته مع غلمان قريبا من السدرة فإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني نبي هذه الأمة ، وكان عبد المطلب لا يأكل طعاما إلا قال: علي بابني . فيؤتى به إليه .
فلما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله وحياطته .
[ ص: 275 ]
ومن ذلك:
خروج عبد المطلب برسول الله صلى الله عليه وسلم عن منام رقيقة:
أخبرنا
عبد الله بن علي المقرئ ، ومحمد بن ناصر الحافظ قالا: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16249طراد بن محمد قال: أخبرنا
علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا
الحسن بن صفوان قال:
حدثنا
عبد الله بن محمد القرشي قال: أخبرنا
زكريا بن يحيى الطائي قال: حدثني
زحر بن حصين ، عن جده
حميد بن منهب قال: قال عمي
عروة بن مضرس .
تحدث
nindex.php?page=showalam&ids=7839مخرمة بن نوفل عن أمه
رقيقة ابنة صفي بن هاشم وكانت لدة
عبد المطلب قالت: تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأدقت العظم . فبينا أنا نائمة اللهم - أو مهمومة - إذا هاتف يصرخ بصوت حمل يقول: يا معشر قريش ، إن هذا النبي المبعوث [فيكم] قد أظلتكم أيامه ، وهذا إبان نجومه فحيهلا بالحيا والخصب ، ألا فانظروا رجلا منكم وسيطا عظاما جساما ، أبيض بضا أوطف الأهداب ، سهل الخدين ، أشم العرنين ، له فخر يكظم [عليه] وسنة تهدي إليه فليخلص هو وولده ، وليهبط إليه من كل بطن رجل ، فليسنوا من الماء ، وليمسوا من الطيب ، ثم ليستلموا الركن ، ثم ليرتقوا أبا قبيس ، فليستسق الرجل ، وليؤمن القوم ، فغثتم ما شئتم .
فأصبحت علم الله مذعورة ، وقد اقشعر جلدي ووله عقلي ، واقتصصت رؤياي ، فو الحرمة والحرم ما بقي أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد .
فتتامت إليه رجالات قريش ، فهبط إليه من كل بطن رجل ، فسنوا ومسوا واستلموا ، ثم ارتقوا أبا قبيس وطبقوا جانبيه فما يبلغ سعيهم مهله ، حتى إذا استووا بذروة الجبل قام عبد المطلب ، ومعه رسول الله [صلى الله عليه وسلم وهو] غلام قد أيفع أو كرب ، فقال:
[ ص: 276 ]
"اللهم ساد الخلة ، وكاشف الكربة ، أنت معلم غير معلم ، ومسئول غير مبخل ، وهؤلاء عبادك وإماؤك بغدرات حرمك يشكون إليك سنتهم ، أذهبت الخف والظلف ، اللهم فأمطرنا غيثا مغدقا ممرعا" .
فو الكعبة ما زالوا حتى تفجرت السماء بمائها واكتظ الوادي بثجيجه ، فلسمعت شيخان قريش وجلتها:
عبد الله بن جدعان ، وحرب بن أمية ، وهشام بن المغيرة ، يقولون لعبد المطلب: هنيئا لك أبا البطحاء .
أي: عاش بك أهل البطحاء . وفي ذلك تقول رقيقة:
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا لما فقدنا الحيا واجلوذ المطر فجاد بالماء جوني له سبل
سحا فعاشت به الأنعام والشجر [منا من الله بالميمون طائره
وخير من بشرت يوما به مضر] مبارك الأمر يستسقى الغمام به
ما في الأنام له عدل ولا خطر
ومن الحوادث هذه السنة:
خروج عبد المطلب لتهنئة سيف بن ذي يزن بالملك ، وتبشير سيف عبد المطلب بأنه سيظهر رسول الله من نسله:
أنبأنا
عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا
عاصم بن الحسن قال: أخبرنا
أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا
عثمان بن أحمد الدقاق قال: أخبرنا
أبو الحسن محمد بن أحمد البراء قال: حدثني
يزيد بن رجاء الغنوي قال: حدثني
أبو الصهباء أحمد بن محمد العبدي قال: حدثني
ابن مزروع الكلبي عن أبيه قال:
[ ص: 277 ]
لما ملك سيف بن ذي يزن أرض اليمن وقتل الحبش وأبادهم ، وفدت إليه أشراف العرب ورؤساؤهم ليهنئوه بما ساق الله عز وجل إليه من الظفر ، ووفد [وفد] قريش وكانوا خمسة من عظمائهم:
عبد المطلب بن هاشم ، وأمية بن عبد شمس ، وعبد الله بن جدعان ، وخويلد بن أسد ، ووهب بن عبد مناف بن زهرة فساروا حتى وافوا مدينة
صنعاء ، وسيف بن ذي يزن نازل بقصر يسمى
غمدان وكان أحد القصور التي بنتها الشياطين
لبلقيس بأمر
سليمان ، فأناخ عبد المطلب وأصحابه ، واستأذنوا على سيف فأذن لهم ، فدخلوا وهو جالس على سرير من ذهب وحوله أشراف
اليمن على كراسي من الذهب وهو متضمخ بالعنبر ، وبصيص المسك يلوح من مفارق رأسه فحيوه بتحية الملك ، ووضعت لهم كراسي الذهب ، فجلسوا عليها إلا عبد المطلب ، فإنه قام ماثلا بين يديه واستأذنه في الكلام ، فقيل له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فتكلم .
فقال: أيها الملك ، إن الله قد أحلك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا منيفا وأنبتك منبتا طابت أرومته ، وعزت جرثومته ، وثبت أصله ، وبسق فرعه في أطيب مغرس وأعذب منبت ، فأنت أيها الملك ربيع العرب الذي إليه الملاذ ، وذروتها الذي إليه المعاد ، وسلفك لنا خير سلف ، وأنت لنا منهم خير خلف ، لن يهلك من أنت خلفه ، ولن يخمل من أنت سلفه ، ونحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيت الله ، أوفدنا إليك
[ ص: 278 ] الذي أبهجنا من كشف الضر الذي فدحنا ، فنحن وفد التهنئة لا وفد الترزئة فقال سيف: أنتم قريش الأباطح؟ قالوا: نعم .
قال: مرحبا وأهلا ، وناقة ورحلا ومناخا سهلا ، وملكا سمحلا يعطي عطاء جزلا ، قد سمع الملك مقالتكم ، وعرف فضلكم ، فأنتم أهل الشرف والحمد والثناء والمجد فلكم الكرامة ما أقمتم ، والحباء الواسع إذا انصرفتم .
ثم قال لعبد المطلب: أيهم أنت؟ قال: أنا
عبد المطلب بن هاشم . قال: إياك أردت ، ولك حشدت ، فأنت ربيع الأنام ، وسيد الأقوام ، انطلقوا فانزلوا حتى أدعو بكم ثم أمر بإنزالهم وإكرامهم ، فأقاموا شهرا لا يدعوهم ، حتى انتبه لهم ذات يوم فأرسل إلى عبد المطلب: ائتني وحدك من بين أصحابك فأتاه فوجده مستخليا لا أحد عنده ، فقربه حتى أجلسه معه على سريره ، ثم قال له: يا عبد المطلب ، إني أريد أن ألقي إليك من علمي سرا لو غيرك [يكون] لم أبح به إليه ، غير أني رأيتك معدنه ، فليكن عندك مصونا حتى يأذن الله عز وجل فيه بأمره ، فإن الله منجز وعده ، وبالغ أمره .
قال عبد المطلب: أرشدك الله أيها الملك .
قال سيف: أنا أجد في الكتب الصادقة ، والعلوم السابقة التي اختزناها لأنفسنا ، وسترناها عن غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما ، فيه شرف الحياة ، وفخر الممات للعرب عامة ، ولرهطك كافة ، ولك خاصة .
فقال
عبد المطلب: أيها الملك ، لقد أبت بخير كثير ما آب به وافد ، ولولا هيبة الملك وإعظامه لسألته أن يزيدني من سروره إياي سرورا .
[ ص: 279 ]
فقال سيف:
نبي يبعث من عقبك ، ورسول من فرعك ، اسمه محمد وأحمد ، وهذا زمانه الذي يولد فيه ، ولعله قد ولد ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، والله باعثه جهارا ، وجاعل له أنصارا يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ، تخمد عند مولده النيران ، ويعبد الواحد الديان ، ويزجر الكفر والطغيان ، ويكسر اللات والأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله .
قال عبد المطلب: علا كعبك ، ودام فضلك ، وطال عمرك ، فهل الملك ساري بإفصاح وتفسير وإيضاح؟
فقال سيف: والبيت ذي الحجب ، والآيات والكتب إنك يا عبد المطلب لجده بلا كذب . فخر عبد المطلب ساجدا فقال: ارفع رأسك ، ثلج صدرك ، وطال عمرك وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئا مما ذكرت؟
قال عبد المطلب: نعم أيها الملك ، كان لي ولد كنت [به] معجبا فزوجته كريمة من كرائم قومي تسمى:
آمنة بنت وهب ، فجاءت بغلام سميته: محمدا وأحمد ، مات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه .
قال: [هو] هو لله أبوك ، فاحذر عليه أعداءه ، وإن كان الله لم يجعل لهم عليه سبيلا ، ولولا علمي بأن الموت مجتاحي قبل ظهوره لسرت بخيلي ورجلي حتى أجعل مدينة
يثرب [دار ملكي ، فإني أجد في كتب آبائي أن
بيثرب] استتباب أمره ، وهم أهل دعوته ونصرته ، وفيها موضع قبره ، ولولا ما أجد من بلوغه الغايات ، وأن أقيه الآفات ، وأن أدفع عنه العاهات ، لأظهرت اسمه ، وأوطأت العرب عقبه وإن أعش فسأصرف ذلك إليه ، قم فانصرف ومن معك من أصحابك . ثم أمر لكل رجل منهم بمائتي بعير وعشرة أعبد من الحبش وعشرة أرطال من الذهب ، وحلتين من البرود ، وأمر
[ ص: 280 ] لعبد المطلب بمثل جميع ما أمر لهم ، وقال له: يا عبد المطلب ، إذا شب محمد وترعرع فأقدم علي بخبره . ثم ودعوه وانصرفوا إلى
مكة .
وكان عبد المطلب يقول: لا تغبطوني بكرامة الملك إياي دونكم ، وإن كان ذلك جزيلا ، وفضل إحسانه إلي ، وإن كان كثيرا ، اغبطوني بأمر ألقاه إلي فما فيه شرف لي ولعقبي من بعدي فكانوا يقولون له: ما هو؟ فيقول لهم: ستعرفونه بعد حين .
فمكث سيف
باليمن عدة أحوال ، وإنه ركب يوما كنحو ما كان يركب للصيد ، وقد كان اتخذ من
السودان نفرا يجهزون بين يديه بحرابهم ، فعطفوا عليه يوما فقتلوه ، وبلغ
كسرى أنوشروان فرد إليها وهرز وأمره أن لا يدع أسود إلا قتله .
قال مؤلف الكتاب: وقد روي لنا أن هذه
الوفاة إلى ابن ذي يزن كانت في سنة ثلاث من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روينا ذلك عن
الكلبي عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والرواية التي ذكرنا آنفا أصح ، لأن في الروايتين يقول عبد المطلب: توفي أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه . وأم رسول الله لم تمت حتى بلغ ست سنين