ذكر
خبر اليرموك
لما اجتمع القوم
باليرموك أخذ الرهبان يحرضونهم وينعون إليهم النصرانية ، فخرجوا للقتال في جمادى الآخرة ، فقام خالد في الناس ، فقال: اجتمعوا وهلموا فلنتعاور الإمارة ، فليكن عليها بعضنا اليوم ، والآخر غدا ، والآخر بعد غد ، [حتى يتأمر كلكم] ، ودعوني اليوم إلى أمركم ، فإنا إن رددنا القوم إلى خندقهم لم نزل نردهم ، وإن هزمونا لم نفلح بعدها .
فأمروه ، فخرجت الروم في تعبية لم ير الراءون مثلها ، وخرج
خالد في ستة وثلاثين كردوسا إلى أربعين ، فجعل القلب كراديس ، وأقام فيه
أبا عبيدة ، وجعل الميمنة كراديس وعليها
nindex.php?page=showalam&ids=13عمرو بن العاص وفيها
شرحبيل بن حسنة ، وجعل الميسرة كراديس وعليها
nindex.php?page=showalam&ids=293يزيد بن أبي سفيان ، وكان على كردوس من كراديس
العراق القعقاع بن عمرو ، وعلى كردوس
مذعور بن عدي ، nindex.php?page=showalam&ids=360وعياض بن غنم على كردوس ،
[ ص: 119 ] وهاشم بن عتبة على كردوس ،
وزياد بن حنظلة على كردوس ،
وخالد في كردوس .
وعلى فالة
nindex.php?page=showalam&ids=2467خالد بن سعيد دحية بن خليفة على كردوس ،
وأبو عبيدة في كردوس ،
وسعيد بن خالد على كردوس ،
وأبو الأعور بن سفيان على كردوس ،
وابن ذي الخمار على كردوس ، وفي الميمنة
عمارة بن مخشي بن خويلد على كردوس ،
وشرحبيل على كردوس ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=2467خالد بن سعيد ، وعبد الله بن قيس على كردوس ،
وعمرو بن عبسة على كردوس ،
والسمط بن الأسود على كردوس ،
وذو الكلاع على كردوس ،
ومعاوية بن حديج على كردوس ،
وجندب بن عمرو بن حممة على كردوس ، وعلى هذا بقية الكراديس .
وكان قاضي القوم
nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء ، وكان القاص فيهم
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب ، يسير فيهم فيقف على الكراديس فيقول الله الله ، إنكم أنصار الإسلام ، اللهم هذا يوم من أيامك ، اللهم أنزل نصرك على عبادك .
وكان على الطلائع
قباث بن أشيم ، وعلى الأقباض
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود .
فشهد
اليرموك ألف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيهم نحو مائة من أهل بدر .
ونشب القتال ، والتحم الناس ، وتطارد الفرسان ، فإنهم على ذلك إذ قدم البريد من
المدينة ، وهو
محمية بن زنيم ، فأخذته الخيول ، وسألوه الخبر ، فلم يخبرهم إلا بسلامة ، وأخبرهم عن أمداد ، وإنما جاء بموت
أبي بكر وتأمير
أبي عبيدة ، فأبلغوه
خالدا ، فأسر إليه خبر
أبي بكر رضي الله عنه ، فأخبره بما قال للجند ، فقال: أحسنت ، وأخذ الكتاب وجعله في كنانته ، وخاف إن هو أظهر ذلك أن ينتشر عليه أمر الخيل ، فوقف
محمية [بن زنيم] مع
خالد .
[أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12685ابن الحصين ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12886ابن المذهب ، قال: أخبرنا
أحمد بن جعفر ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا
محمد بن جعفر ، قال:
[ ص: 120 ] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
سماك ، قال: سمعت]
عياضا الأشعري ، قال:
شهدت
اليرموك وعلينا خمسة أمراء:
nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة بن الجراح ، ويزيد بن أبي سفيان ، وابن حسنة ، nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد ، وعياض - وليس
عياض هذا بالذي حدث
سماكا عنه - قال: وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: إذا كان قتال فعليكم
أبو عبيدة ، قال: فكتبنا إليه: إنه قد جاش إلينا الموت واستمددناه . فكتب إلينا: إنه قد جاءني كتابكم تستمدوني ، وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا ، الله عز وجل ، فاستنصروه ، فإن
محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم ، فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني .
قال: فقتلناهم فهزمناهم ، وقتلناهم أربع فراسخ . قال: وأصبنا أموالا ، فتشاوروا ، فأشار علينا
عياض: أن نعطى عن كل رأس عشرة ، قال: وقال
أبو عبيدة: من يراهني؟ فقال شاب: أنا إن لم تغضب . قال: فسبقه ، فرأيت عقيصتي
أبي عبيدة تنفران وهو خلفه على فرس عربي .
قال علماء السير: وخرج
جرجة ، حتى كان بين الصفين ، ونادى: ليخرج إلي
خالد ، فخرج إليه
خالد وأقام
أبا عبيدة مكانه ، [فوافقه بين الصفين ، حتى اختلفت أعناق دابتيهما ، وقد أمن أحدهما صاحبه] فقال
جرجة: يا
خالد ، أصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله ، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاكه . فلا تسله على أحد إلا هزمتهم؟ قال: لا ، قال:
فبم سميت سيف الله؟ قال: إن الله عز وجل بعث فينا نبيه ، فدعانا فنفرنا
[ ص: 121 ] منه ، ونأينا عنه ، ثم بعضنا صدقه وتابعه ، وبعضنا باعده وكذبه ، فكنت فيمن كذبه وقاتله ، ثم إن الله تعالى أخذ بقلوبنا فهدانا به ، فتابعناه . فقال:
"أنت سيف من سيوف الله سله على المشركين" ، ودعا لي بالنصر ، فسميت سيف الله بذلك ، فأنا من أشد المسلمين على المشركين . فقال: صدقتني يا
خالد ، أخبرني إلام تدعون؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن
محمدا عبده ورسوله ،
والإقرار بما جاء به من عند الله ، قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية ، قال: فإن لم يجبكم ويعطها ، قال: نؤذنه بحرب ، ثم نقاتله ، قال: فما منزلة الذي [يدخل فيكم و] يجيبكم إلى هذا الأمر اليوم؟
قال: منزلتنا [واحدة] قال: هل لمن دخل فيه اليوم مثل ما لكم من الأجر؟ قال: نعم ، قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه ، قال: إنا دخلنا في هذا الأمر ونبينا حي بين أظهرنا يأتيه خبر السماء ، وحق لمن رأى ما رأينا أن يسلم ويتابع ، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا ، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج ، فمن دخل في هذا الأمر بنية حقيقية كان أفضل ، فقال له: صدقتني ، وقلب الترس ومال مع
خالد ، وقال: علمني الإسلام ، فمال به
خالد إلى فسطاطه ، فشن عليه ماء ، ثم صلى به ركعتين ، وحملت الروم مع انقلابه إلى
خالد ، وهم يرون أنها منه حيلة ، فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية ، عليهم
عكرمة والحارث بن هشام .
وركب
خالد ومعه
جرجة وتراجعت الروم إلى مواقفهم فزحف
خالد حتى تصافحوا بالسيوف ، فضرب فيهم
خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب ، ثم أصيب
جرجة ، ولم يصل صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما ، وصلى الناس الظهر والعصر إيماء ، وتضعضع الروم ، ونهد
خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم وهربوا ، فانفرج المسلمون لهم ، فذهبوا في البلاد ، وأقبل المسلمون على الرجل ففضوهم ، فاقتحموا في خندقهم ، فتهافت عشرون ومائة ألف ،
[ ص: 122 ] وكان
الفيقار قد بعث رجلا عربيا ، فقال: ادخل في هؤلاء القوم يوما وليلة ، ثم ائتني بخبرهم ، فجاء فقال: بالليل رهبان وبالنهار فرسان ، ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده ، ولو زنا رجم لإقامة الحق فيهم ، فقال: لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها ، فلما أقبلوا تجلجل
الفيقار وأشراف من الروم برانسهم ، ثم جلسوا وقالوا: لا نحب أن نرى يوم السوء إذا لم نستطع أن نرى يوم السرور ، وإذ لم نستطع أن نمنع النصرانية فأصيبوا في تزملهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل يومئذ: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل موطن ، وأفر منكم اليوم ، ثم نادى: من يبايع على الموت؟ فبايعه
nindex.php?page=showalam&ids=14062الحارث بن هشام ، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم ، فقاتلوا قدام فسطاط
خالد حتى أثبتوا جميعا جراحا . وأتى
خالد [بعد ما أصبحوا]
بعكرمة جريحا ، فوضع رأسه على فخذه ،
وبعمرو بن عكرمة فوضع رأسه على ساقه ، وجعل يمسح عن وجوههما ، ويقطر في حلوقهما الماء ، [ويقول: كلا ، زعم
ابن الحنتمة أنا لا نستشهد] .
وأصيبت يومئذ عين
أبي سفيان ، فأخرج السهم من عينه
[أبو] حثمة . وقاتل النساء يومئذ ، منهن
جويرية بنت أبي سفيان .
وقتل الله أخا
هرقل ، وأخذ
التذارق ، وانتهت الهزيمة إلى
هرقل وهو دون مدينة
حمص ، فارتحل فجعل مدينة
حمص بينه وبينهم .
[ ص: 123 ]
كانت وقعة
اليرموك في سنة ثلاث عشرة ، وكانت أول فتح فتح على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بعد عشرين ليلة من متوفى
أبي بكر رضي الله عنه .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي فإنه يقول في سنة خمس عشرة .
[أخبرنا
عبد الوهاب بن المبارك ، ومحمد بن ناصر ، قالا: أخبرنا
ابن المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا
أبو محمد الجوهري ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103أبو عمرو بن حيويه ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا
أحمد بن عبيد] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ، قال: استشهد
باليرموك nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل ، nindex.php?page=showalam&ids=3795وسهيل بن عمرو ، والحارث بن هشام ، وجماعة من بني المغيرة ، فأتوا بماء وهم صرعى ، فتدافعوه حتى ماتوا ولم يذوقوه . أتي
عكرمة بالماء ، فنظر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو ينظر إليه ، فقال: ابدءوا بذا ، فنظر
سهيل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14062الحارث بن هشام ينظر إليه ، فقال: ابدءوا بذا ، فماتوا كلهم قبل أن يشربوا ، فمر بهم
خالد ، فقال: بنفسي أنتم . كذا في هذه الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي .
فأما
عكرمة فاستشهد ، وأما
الحارث وسهيل فاستشهدا بعد ذلك بزمان .
قال علماء السير: وأتى
خالد دمشق فجمع له صاحب
بصرى ، فسار إليه هو
وأبو عبيدة ، فظفروا بالعدو ، وطلب العدو الصلح فصولحوا على كل رأس دينار في كل عام ، وجريب حنطة ، ثم رجع العدو على المسلمين ، فتوافت جنود المسلمين والروم
بأجنادين ، فالتقوا يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الأولى ، فظهر المسلمون على المشركين ، وقتل خليفة
هرقل في رجب .