[ليلة
القادسية ]
فأصبحوا صبيحة ليلة الهرير -وهي تسمى
ليلة القادسية - والناس حسرى لم يغمضوا ليلتهم كلها ، ثم اقتتلوا حتى قام قائم الظهيرة ، وهبت ريح عاصف فمال الغبار على المشركين ، فانتهى
القعقاع وأصحابه إلى سرير
رستم ، وقد قام عنه ، فاستظل في ظل بغل عليه مال ، فضرب
هلال بن علفة الحمل الذي رستم تحته ، فقطع حباله ، ووقع عليه إحدى العدلين ، فأزال من ظهره فقارا ، ومضى
رستم نحو العتيق فرمى نفسه فيه ، واقتحمه
هلال فأخذ برجله ثم خرج به ، فقتله ثم جاء به حتى رمى به بين أرجل البغال ، وصعد السرير ، ثم نادى: قتلت رستم ورب الكعبة ، إلي إلي ، فأطافوا به ، فانهزم المشركون وتهافتوا في العتيق ، فقتل المسلمون منهم ثلاثين ألفا ، وقتلوا في المعركة عشرة آلاف سوى من قتل قبل ذلك ،
وكان المسلم يدعو الكافر فيأتي إليه [ ص: 177 ] فيقتله ، وثبت جماعة من المشركين استحياء من الفرار ، فقتلهم المسلمون .
وقتل ليلة الهرير ويوم القادسية من المسلمين ستة آلاف .
ولما انهزموا أمر سعد
زهرة بن الحوية باتباعهم ، فتبعهم
والجالنوس يحميهم ، فقتله
زهرة ، وقتل خلقا كثيرا منهم ، ثم رجع بأصحابه فبات
بالقادسية ، واستكثر سعد سلب
الجالنوس ، فكتب إلى عمر ، فكتب إليه: إني قد نفلت من قتل رجلا سلبه ، فأعطاه إياه ، فباعه بسبعين ألفا ، وجمع من الأسلاب والأموال ما لم يجمع مثله .
وكان
أهل فارس قد خرجوا بأموالهم ليردوا بها إلى
المدينة ليغزوا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقضى الله بها للمسلمين . وكان مع رستم ستمائة ألف ألف ، وأصاب صاحب الفرسين يومئذ سبعا وعشرين ألفا ، ولم يعبؤوا بالكافور لأنهم ما عرفوه ، فباعوه من قوم مروا بهم كيلا من الكافور بكيل من الملح الطيب ، وقالوا: ذاك ملح مر .
[أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14986عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال: أخبرنا
أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرني
أبو الحسن محمد بن عبد الواحد ، قال: حدثنا
أحمد بن إبراهيم ، قال:
حدثنا
محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي ، قال: حدثني جدي ، قال:
حدثنا
إبراهيم بن إسماعيل ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ] عن
حبيب بن صهبان ، قال: شهدت
القادسية ، قال: فانهزموا حتى أتوا المدائن ، قال: وسبقناهم فانتهينا إليها وهي تطفح ، فأقحم رجل منا فرسه وقرأ:
وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا . قال: فعبر ثم تبعوه الناس أجمعون ، فعبروا فما فقدوا عقالا ما خلا رجلا منهم انقطع منه قدح كان معلقا بسرجه ، فرأيته يدور في الماء . قال: فلما رأونا انهزموا من غير قتال . قال: فبلغ سهم الرجل ثلاث عشرة دابة ، وأصابوا من الجامات الذهب
[ ص: 178 ] والفضة . قال: فكان الرجل منا يعرض الصحفة الذهب يبدلها بصحفة من فضة يعجبه بياضها فيقول: من يأخذ صفراء بيضاء .
قال علماء السير: وخرج صبيان العسكر في القتلى ومعهم الأداوي يسقون من به رمق من المسلمين ، ويقتلون من به رمق من المشركين ، ثم إن الفرس قصدوا المدائن يريدون
نهاوند ، فاحتملوا معهم الذهب والفضة والديباج والسلاح وبنات كسرى ، وخلوا ما سوى ذلك ، واتبعهم سعد بالطلب ، فبعث
خالد بن عرفطة ، nindex.php?page=showalam&ids=360وعياض بن غنم في آخرين ، فلما صلح مرض سعد اتبعهم بمن بقي معه من المسلمين حتى أدركهم دون
دجلة على
بهرسير ، فطلبوا المخاضة فلم يهتدوا [لها] ، فدلهم رجل من أهل المدائن على مخاضة
بقطربل ، فخاضوا ثم ساروا حتى أتوا
جلولاء ، فكانت بها وقعة هزم الله فيها الفرس ، وأصاب المسلمون بها من الفيء أفضل ما أصابوا
بالقادسية ، ثم كتب
سعد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالفتح ، فكتب إليه عمر: قف مكانك ولا تتبعهم ، واتخذ للمسلمين دار هجرة ومنزل جهاد ، ولا تجعلن بيني وبين المسلمين بحرا ، فنزل
الأنبار فاجتواها ، فنزل موضع
الكوفة اليوم ، وخط مسجدها ، وخط فيه الخطط للناس .
وقيل: إن بقيلة قال له: ألا أدلك على أرض ارتفعت عن البر وانحدرت عن الفلاة ، فدله على موضع
الكوفة اليوم .
وقيل: كان ذلك في سنة خمس عشرة .
[أخبرنا
محمد بن الحسين ، وإسماعيل بن أحمد السمرقندي ، قالا: أخبرنا
أبو الحسين بن النقور ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15183أبو طاهر المخلص ، أخبرنا
أحمد بن سيف ، أخبرنا
السري بن يحيى ، أخبرنا
شعيب بن إبراهيم ، حدثنا
سيف بن عمر] ، عن
مجالد بن سعيد ، قال:
لما أتى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخبر بنزول رستم
القادسية كان يستخبر
[ ص: 179 ] الركبان عن
أهل القادسية من حين يصبح [إلى انتصاف] النهار ، ثم يرجع إلى أهله ، فلما لقيه البشير سأله: من أين جاء؟ فأخبره ، قال: يا عبد الله ، أخبرني ، قال: هزم الله العدو ، وعمر يحث معه ويستخبره ، والبشير يسير يحث ناقته لا يعرفه حتى دخل
المدينة ، فإذا الناس يسلمون عليه بإمرة المؤمنين ، فقال الرجل: فهلا أخبرتني -رحمك الله- أنك أمير المؤمنين ، فجعل عمر رضي الله عنه يقول: لا عليك يا أخي .
وهذه
وقعة القادسية قد ذكرنا أنها كانت سنة أربع عشرة .
[وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : كانت سنة خمس عشرة] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي : سنة ست عشرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : وهو الثبت عندنا