ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
218 -
أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس .
كان أبوه شريفا في الجاهلية ، رئيس الأوس يوم بعاث ، وكان
أسيد بعد أبيه شريفا في قومه ، يعد من ذوي العقول والآراء ، وكان يكتب بالعربية ، ويحسن العوم والرمي ، وكان في الجاهلية يسمون من جمع فيه هذه الخصال: "الكامل" . وأسلم هو
nindex.php?page=showalam&ids=307وسعد بن معاذ على يدي
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير في يوم واحد ،
وشهد أسيد العقبة الأخيرة مع السبعين ، وكان أحد النقباء الاثني عشر ، ولم يشهد
بدرا لأنه لم يظن أنه يجري قتال ، وشهد
أحدا وثبت يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجرح بسبع جراحات ، وشهد
الخندق والمشاهد بعده .
[أخبرنا
ابن أبي طاهر قال: أخبرنا
أبو إسحاق البرمكي قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، قال: أخبرنا
ابن معروف قال: أخبرنا
الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا
محمد بن سعد ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، وعفان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16039وسليمان بن حرب قالوا: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
ثابت ، ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=693356كان nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة مظلمة حندس ، فتحدثا عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا ، فمشيا في [ ص: 297 ] ضوئها ، فلما تفرق بهما الطريق أضاءت لكل واحد منهما عصاه ، فمشى في ضوئها . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
توفي أسيد [بن حضير] في شعبان في هذه السنة ، فصلى عليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالبقيع
219 -
بلال بن رباح ، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ويكنى أبا عبد الله .
من مولدي السراة ، واسم أمه
حمامة ، وكان أدم شديد الأدمة ، نحيفا ، طوالا ، أحنى ، أشفر ، [له شعر كثير] ، خفيف العارضين ، به سمط كثير لا يغير .
[أخبرنا
محمد بن أبي طاهر قال: أخبرنا
الجوهري قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه قال:
أخبرنا
ابن معروف قال: أخبرنا
ابن الفهم قال: حدثنا
محمد بن سعد ، قال: أخبرنا
محمد بن عمر قال: حدثنا
محمد بن عبد الرحمن بن أبي مزود ، عن
يزيد بن رومان ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير قال: كان
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال بن رباح من المستضعفين ، وكان يعذب حين أسلم ليرجع عن دينه فما أعطاه قط كلمة مما يريدون ، وكان الذي يعذبه
أمية بن خلف .
[قال
محمد بن سعد : وأخبرنا
عثمان بن عمر ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري قالا: حدثنا]
عون بن عمير بن إسحاق قال: كان
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال إذا اشتدوا عليه في العذاب قال: أحد أحد . قال: فيقولون له: قل كما نقول . فيقول: إن لساني لا يحسنه .
[ ص: 298 ]
[قال
ابن سعد: وأخبرنا
جرير ، عن
منصور ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: أول من أظهر الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
أبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال ، وخباب ، nindex.php?page=showalam&ids=52وصهيب ، وعمار ، وسمية ، أم عمار . فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمنعه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وأما
أبو بكر فمنعه قومه ، وأخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد ، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ فأعطوهم ما سألوا ، فجاء إلى كل رجل منهم قومه بأنطاع الأدم ، فيها الماء ، فألقوهم فيه ، وحملوا جوانبه إلا بلالا ، فلما كان العشاء جاء أبو جهل ، فجعل يشتم سمية ويرفث ، ثم طعنها فقتلها ، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام . وأما بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله . حتى ملوه ، فجعلوا في عنقه حبلا ، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة ، فجعل يقول: أحد أحد .
[قال
ابن سعد: وأخبرنا
عامر بن الفضل قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن
أيوب ] ، عن
محمد :
أن بلالا ألقوه في البطحاء وجلدوا ظهره ، فجعلوا يقولون: ربك اللات والعزى . فيقول: أحد أحد . فأتى عليه أبو بكر فقال: علام تعذبون هذا الإنسان؟ فاشتراه بسبع أواق فأعتقه ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "الشركة يا أبا بكر" قال: قد أعتقته يا رسول الله .
[قال
ابن سعد: أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن
إسماعيل ، ] عن
قيس قال: اشترى
أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا بخمس أواق .
[ ص: 299 ]
[وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12180الفضل بن دكين قال: حدثنا
عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كان يقول:
أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا؛ يعني بلالا .
قال علماء السير:
شهد nindex.php?page=showalam&ids=115بلال بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأذن يوم الفتح على ظهر
الكعبة ، والحارث بن هشام ، وصفوان بن أمية قاعدان ، فقال أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الحبشي ، فقال الآخر: إن يكرهه الله يغيره .
ولما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال يؤذن ، فإذا قال: "أشهد أن محمدا رسول الله" انتحب الناس ، فلما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له
أبو بكر: أذن . فقال له: إن كنت إنما أعتقتني لأن أكون معك ، فسبيل ذلك ، وإن كنت أعتقتني لله فخلني ومن أعتقتني له .
فقال: ما أعتقتك إلا لله . قال: فإني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال: فذاك إليك . قال: فأقام حتى خرجت بعوث
الشام ، فسار معهم .
وقيل: إنما أقام حياة أبي بكر ، فلما ولي عمر رحل [إلى] الشام ، فمات هناك في هذه السنة . وهو ابن بضع وستين سنة .
220 -
خويلد بن مرة ، أبو خراش الهذلي .
شاعر مجيد من شعراء
هذيل ، أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم ، ولم أر أحدا ذكره في الصحابة ، وعاش بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، نهشته أفعى فمات ، وكان إذا عدا سبق الخيل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي: حدثني رجل من
هذيل قال: دخل
أبو خراش الهذلي مكة وللوليد بن المغيرة فرسان يريد أن يرسلهما في الحلبة ، فقال للوليد: ما تجعل لي إن
[ ص: 300 ] سبقتهما؟ قال: إن فعلت ذلك فهما لك . فأرسلا وعدا بينهما فسبقهما وأخذهما .
221 -
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش
تزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ثم طلقها ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سنة أربع ،
وبسببها نزلت آية الحجاب ، وكانت تفخر على النساء فتقول: زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سماوات ، ولما نزل قوله عز وجل:
زوجناكها دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا إذن ، وكانت تعمل بيدها وتتصدق .
[أخبرنا
عبد الله بن علي المقرئ ، ومحمد بن ناصر الحافظ قالا: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16249طراد بن محمد ، أخبرنا
علي بن محمد بن بشران ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13307ابن صفوان ، حدثنا
أبو بكر القرشي قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن
محمد بن عمر قال: حدثني
يزيد بن خصيفة ، عن
عبد الله بن رافع ] ، عن
برزة بنت رافع قالت: لما جاء العطاء بعث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش بالذي لها ، فلما دخل عليها قالت: غفر الله لعمر ، لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني . قالوا: هذا كله لك . فقالت: سبحان الله . واستترت دونه بثوب وقالت: صبوه واطرحوا عليه ثوبا . وقالت لي: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة ، فاذهبي بها إلى فلان وإلى فلان من أيتامها وذوي رحمها ، فقسمته حتى بقيت منه بقية فقالت لها برزة: غفر الله لك ، والله لقد كان لنا في هذا حظ ، قالت: فلكم ما تحت الثوب . قالت: فرفعنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهما ، ثم رفعت يديها فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا ، فماتت [قبل الحول] .
[أنبأنا
أبو بكر بن عبد الباقي قال: أخبرنا
الجوهري ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، أخبرنا
أحمد بن معروف ، أخبرنا
الحسين بن الفهم ، حدثنا
محمد بن سعد ، قال: أخبرنا
محمد بن عمر قال: حدثني
محمد بن عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ] ، عن
سالم ، عن أبيه ،
[ ص: 301 ] قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661498قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو جالس مع نسائه: "أطولكن [باعا] أسرعكن لحوقا بي" ، فكن يتطاولن إلى الشيء ، إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك الصدقة .
وكانت زينب امرأة صناعا ، وكانت تتصدق به ، وكانت أسرع نسائه به لحوقا .
[قال
محمد بن عمر : وحدثني
موسى بن عمران ، عن
عاصم بن عبد الله ، عن
عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى على
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش سنة عشرين ، في يوم صائف ، ورأيت ثوبا مد على قبرها وعمر قائم ، والأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيام ، فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر محمد بن عبد الله بن جحش ، nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد ، وعبد الله بن أبي أحمد بن جحش ، ومحمد بن طلحة -وهو ابن أختها- فنزلوا من قبرها .
قالوا: وتوفيت بنت ثلاث وخمسين سنة
222 -
سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان .
أسلم قبل
خيبر ، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما بعدها .
[أخبرنا
أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا
الجوهري قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه قال: أخبرنا
أحمد بن معروف قال: أخبرنا
ابن الفهم قال: حدثنا
ابن سعد قال: حدثنا
مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي قال: حدثنا
مسعود بن سعد الجعفي قال: حدثنا
يزيد بن أبي زياد] ، عن
عبد الرحمن بن سابط قال: أرسل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى
سعيد بن عامر فقال: إنا مستعملوك على هؤلاء تسير بهم إلى أرض العدو فتجاهد بهم . فقال: يا عمر ، لا تفتني ، فقال عمر: والله لا أدعكم ، جعلتموها في عنقي ثم تخليتم مني ، إنما أبعثك على قوم لست بأفضلهم ، ولست أبعثك لتضرب أبشارهم ولا تنتهك أعراضهم ، ولكن تجاهد بهم عدوهم وتقسم بينهم فيهم . فقال: اتق الله يا عمر ، أحب لأهل الإسلام ما تحب لنفسك ، وحض العمرات إلى الحق حيث علمته ، ولا تخش في الله
[ ص: 302 ] لومة لائم . فقال عمر: ويحك يا سعيد ، ومن يطق هذا؟ فقال: من وضع الله في عنقه مثل الذي وضع في عنقك ، إنما عليك أن تأمر فيطاع أمرك ، أو تترك فيكون لك الحجة .
فقال عمر: إنا سنجعل لك رزقا . قال: لقد أعطيت ما يكفيني دونه -يعني عطاءه- وما أنا بمزداد من مال المسلمين شيئا . قال: وكان إذا خرج عطاؤه نظر إلى قوت أهله من طعامهم وكسوتهم وما يصلحهم فيعزله ، وينظر إلى بقيته فيتصدق به ، فيقول أهله: أين بقية المال؟ فيقول: أقرضته . قال: فأتاه نفر من قومه ، فقالوا: لولا أن لأهلك عليك حقا وإن لأصهارك عليك حقا ، وإن لقومك عليك حقا . فقال: ما استأثر عليهم أن يرى لمع أيديهم ، وما أنا بطالب أو ملتمس رضى أحد من الناس بطلبي الحور العين ، الذي لو اطلعت واحدة منهن لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس ، وما أنا بمستخلف عن العتق الأول بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=944431 "يجيء فقراء المهاجرين يزفون كما يزف الحمام ، قال: فيقال لهم: قفوا للحساب . فيقولون: والله ما تركنا شيئا يحاسب به . فيقول الله عز وجل: صدق عبادي . فيدخلون الجنة [قبل الناس] بسبعين عاما" . [أخبرنا
عبد الوهاب بن المبارك ، أخبرنا
أحمد بن أحمد ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، حدثنا
محمد بن عبد الله ، حدثنا
الحسن بن علي الطوسي ، حدثنا
محمد بن عبد الكريم العبدي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15464الهيثم بن عدي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15802خالد بن معدان] قال: استعمل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بحمص سعيد بن عامر بن حذيم ، فلما قدم عمر حمص قال: يا أهل حمص ، كيف وجدتم عاملكم؟ فشكوه إليه ، وكان يقال لحمص "الكويفة" الصغرى لشكايتهم العمال ، قالوا: فشكوا أربعا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار . قال: أعظم بها . قال: وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحدا بالليل . قال: وعظيمة . قال: وماذا؟ قالوا: وله يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا ، قال: وعظيمة . قال: وماذا؟ قالوا: يغبط الغبطة بين الأيام -أي: تأخذه موتة- قال: فجمع عمر بينهم وبينه ، وقال: اللهم لا يقبل رأي فيه اليوم ، ما تشكون منه . قال: ولا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار .
[ ص: 303 ]
قال: والله إن كنت لأكره ذكره؛ ليس لي ولأهلي خادم فأعجن عجيني ، ثم أجلس حتى يختمر ، ثم أخبز خبزي ، ثم أتوضأ ، ثم أخرج إليهم . فقال: ما تشكون منه؟ فقالوا: لا يجيب أحدا بالليل . قال: ما يقولون؟ قال: إن كنت لأكره ذكره؛ إني جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل . قال: وما تشكون منه؟ قالوا: إن له يوما في الشهر لا يخرج إلينا فيه .
قال: ما يقولون؟ قال: ليس لي خادم يغسل ثيابي ولا لي ثياب أبدلها ، فأجلس حتى تجف ، ثم أدلكها ، ثم أخرج إليهم من آخر النهار . قال: ما تشكون منه؟ قالوا: يغبط الغبطة بين الأيام . قال: ما يقولون؟ قال: شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة ، وقد بضعت قريش لحمه ، ثم حملوه على جدعه ، فقالوا: أتحب أن محمدا مكانك؟ قال: والله ما أحب أني في أهلي وولدي ، وأن محمدا أشيك بشوكة . ثم نادى: يا محمد . ما ذكرت ذلك اليوم ، وتركي نصرته في تلك الحال وأنا مشرك لا أؤمن بالله العظيم إلا ظننت أن الله لا يغفر لي ذلك الذنب أبدا ، فتصيبني تلك الغبطة . فقال عمر: الحمد لله الذي لم يقبل فراستي . فبعث إليه بألف دينار ، وقال: استعن بها على أمرك . فقالت امرأته: الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك . فقال لها: فهل لك في خير من ذلك؟ ندفعها إلى من يأتينا بها أحوج ما يكون إليها . قالت: نعم . فدعا رجلا من أهله يثق به ، فصررها صررا ، ثم قال: انطلق بهذه إلى أرملة آل فلان ، وإلى يتيم آل فلان ، وإلى مسكين آل فلان ، وإلى مبتلى آل فلان ، فبقيت منها ذهبية ، فقال: أنفقي هذه . ثم عاد إلى عمله . فقالت: ألا تشتري لنا خادما ، ما فعل ذلك المال؟! قال: سيأتيك أحوج ما تكونين .
توفي سعيد في هذه السنة .
223 -
عياض بن غنم بن زهير الفهري
شهد
الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحضر فتح المدائن مع
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، وفتح فتوحا كثيرة ببلاد
الشام ، ونواحي الجزيرة ، ولما احتضر
أبو عبيدة بالشام ولى
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم عمله ، فأقره
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعثه
سعد إلى
[ ص: 304 ] الجزيرة ، فنزل بجنده على
الرها ، فصالحه أهلها على الجزية ، وصالحت
حران حيث صالحت
الرها ، فكان فتح
الجزيرة ، والرها ، وحران ، والرقة على يده في سنة ثمان عشرة ، وكتب لهم كتابا ، وكان جوادا ، فقيل لعمر: إنه يبذر المال . فقال: إن سماحه في ذات يده ، فإذا بلغ مال الله لم يعط منه شيئا ، فلا أعزل من ولاه
أبو عبيدة .
[أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14986أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني
الأزهري ، حدثنا
أحمد بن إبراهيم حدثنا
أحمد بن سليمان الطوسي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار قال: كان
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم شريفا ، وله فتوح بنواحي الجزيرة . في زمان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وهو
أول من أجاز الدرب إلى أرض الروم] .
[أنبأنا
أبو بكر بن أبي طاهر قال: أخبرنا
الجوهري قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه قال: أخبرنا
ابن معروف ، قال: أخبرنا
ابن الفهم قال: حدثنا
محمد بن سعد قال: أخبرنا
محمد بن عمر قال: حدثني
أبو بكر بن عبد الله ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة قال: لما ولي
nindex.php?page=showalam&ids=360عياض بن غنم قدم عليه نفر من أهل بيته يطلبون صلته ، فلقيهم بالبشر وأنزلهم وأكرمهم ، فأقاموا أياما ، ثم كلموه في الصلة ، وأخبروه بما لقوه من المشقة في السفر رجاء صلته ، فأعطى كل رجل منهم عشرة دنانير ، وكانوا خمسة ، فردوها وتسخطوا ونالوا منه فقال: أي بني عم ، والله ما أنكر قرابتكم ولا حقكم ولا بعد شقتكم ، ولكن -والله- ما خلصت إلى ما وصلتكم به إلا ببيع خادمي وبيع ما لا غنى لي عنه ، فاعذروا . قالوا: والله ما عذرك الله؛ فإنك والي نصف الشام ، وتعطي الرجل منا ما جهده يبلغه إلى أهله . قال: فتأمرونني أن أسرق مال الله ، فوالله لئن أشق بالمنشار أحب إلي من أن أخون فلسا أو أتعدى . قالوا: عذرناك في ذات يدك ، فولنا أعمالا من أعمالك نؤدي ما يؤدي الناس إليك ، ونصيب من المنفعة ما يصيبون ، فأنت تعرف حالنا ، وأنا ليس نعدو ما جعلت لنا . قال: والله لأني أعرفكم بالفضل والخير ، ولكن يبلغ عمر أني وليت نفرا من قومي فيلومني . قالوا: فقد ولاك أبو عبيدة وأنت منه في القرابة بحيث أنت ، فأنفذ ذلك عمر ، فلو
[ ص: 305 ] وليتنا أنفذه . قال: إني لست عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كأبي عبيدة . فمضوا لائمين له .
ومات ولا مال له ، ولا عليه دين لأحد ، سنة [عشرين] وهو ابن ستين سنة
224 -
مالك بن التيهان ، أبو الهيثم
كان يكره الأصنام في الجاهلية ، ويقول بالتوحيد هو
nindex.php?page=showalam&ids=103وأسعد بن زرارة ، وكان
أول من أسلم من الأنصار الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ، ثم شهد
العقبة مع السبعين ، وهو أحد النقباء الاثني عشر ، شهد
بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى
خيبر خارصا .
وتوفي
بالمدينة في هذه السنة
225 -
هرقل ملك
الروم
وقد سبقت أخباره ومكاتبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إياه ، وغير ذلك .
مات في هذه السنة ، وولي مكانه ابنه
قسطنطين .
226 -
أم ورقة بنت الحارث
أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت قد جمعت القرآن ، وأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تؤم أهل دارها ، فكانت تؤمهم .
[أخبرنا
محمد بن عبد الباقي بن سليمان قال: أخبرنا
أحمد بن أحمد الحداد ، قال: أخبرنا
أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال: حدثنا
أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، قال: حدثنا
إسحاق الحربي قال: حدثنا
أبو نعيم قال]: حدثنا
الوليد بن جميع قال:
حدثتني جدتي عن أمها
أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية -وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزورها ويسميها الشهيدة ، وكانت قد جمعت القرآن ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين
[ ص: 306 ] غزا
بدرا قالت له: ائذن لي فأخرج معك وأداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم لعل الله يهدي لي الشهادة . قال:
"إن الله عز وجل مهد لك الشهادة" حتى عدا عليها جارية وغلام لها كانت قد دبرتهما فقتلاها في إمارة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=706867 "انطلقوا بنا نزور الشهيدة" . [ ص: 307 ]