ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
238 -
جندب بن جنادة ، أبو ذر
وفي اسمه ونسبه خلاف قد ذكرته في كتاب "التلقيح" .
كان طويلا أدم ، وكان يشهد أن لا إله إلا الله ، وكان يتعبد قبل الإسلام . وقيل: له: أين كنت تتوجه؟ قال: أين وجهني الله عز وجل ، ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمكة فأسلم ، وخرج يصرخ بالشهادة فضربوه ، فأكب عليه
العباس وقال
لقريش: أنتم تجتازون [بهم وطريقكم] على غفار . فتركوه ورجع إلى قومه .
وكان يعرض لعيرات قريش فيقتطعها ويقول: لا أرد لكم منها شيئا حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله . فإن فعلوا رد ما أخذ منهم ، وإن أبوا لم يرد عليهم شيئا ، فبقي على ذلك إلى أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومضت
بدر وأحد ، ثم قدم فأقام
بالمدينة ثم مضى إلى
الشام ، فاختلف هو
nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية في
قوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة فقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية: نزلت في أهل الكتاب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر: نزلت فينا وفيهم . فدار بينهما كلام ، فكتب
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية إلى
عثمان يشكوه ، فكتب إليه أن أقدم ، فقدم
المدينة ، فاجتمع الناس عليه ، فذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان ، فقال له: إن شئت تنحيت قريبا ، فخرج إلى
الربذة ، فمات بها .
ذكر وفاته:
[أنبأنا
محمد بن عبد الباقي ، قيل: أنبأكم
أبو إسحاق البرمكي ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، قال: أخبرنا
أحمد بن معروف ، قال: حدثنا
الحسين بن الفهم قال: أخبرنا
إسحاق بن إسرائيل قال: أخبرنا
يحيى بن سليم ، عن
عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12361إبراهيم بن الأشتر ، عن أبيه] ، أنه
لما حضر أبا ذر الموت بكت امرأته [ ص: 347 ] فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: أبكي لأنه لا بد أن لي بنعشك وليس لي ثوب من ثيابي يسعك كفنا ، وليس لك ثوب يسعك . قال: لا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=942915 "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين" وليس من أولئك النفر رجل إلا قد مات في قرية وجماعة من المسلمين ، وأنا الذي أموت بفلاة ، والله ، ما كذب ولا كذبت ، فأبصري الطريق ، فقالت: أنى وقد انقطع الحاج ، وتقطعت الطرق . وكانت تشتد إلى كثيب تقوم عليه تنظر ثم ترجع إليه فتمرضه ثم ترجع إلى الكثيب . فبينا هي كذلك إذا هي بنفر تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم ، فلاحت بثوبها ، فأقبلوا حتى وقفوا عليها . قالوا: ما لك؟ قالت: امرؤ من المسلمين تكفنونه -أو قالت: امرؤ من المسلمين يموت فتكفنونه ، وهو الأصح- قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر . ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا السياط في نحورها يستبقون إليه ، حتى جاءوا فقال: أبشروا ، فحدثهم الحديث الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
nindex.php?page=hadith&LINKID=701339 "لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة ، فيحتسبان ويصبران فيريان النار ، أتسمعون لو كان لي ثوب يسعني كفنا لم أكفن به إلا في ثوب هو لي أو لامرأتي ثوب يسعني كفنا إلا في ثوبها ، فأنشدكم الله والإسلام أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو نقيبا أو بريدا ، فكل القوم قد كان قارف بعض ذلك إلا فتى من الأنصار قال: أنا أكفنك ، فإني لم أصب مما ذكرت شيئا ، أكفنك في ردائي هذا الذي علي ، وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي حاكتهما لي . قال: أنت ، فكفني . قال فكفنه الأنصاري والنفر الذين شهدوه ، فيهم
جحش بن الأدبر ، ومالك بن الأشتر في نفر كلهم يمان .
[ ص: 348 ]
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود صلى عليه منصرفه من
الكوفة
239 -
عبد الله بن قيس بن زيادة بن الأصم
وأمه
عاتكة ، وهي: أم مكتوم بنت عبد الله بن عتيكة بن عامر
أسلم
ابن أم مكتوم بمكة قديما ، وكان ضرير البصر ، ذهبت عيناه وهو غلام ، وقدم
المدينة مهاجرا . قال
البراء : أول من قدم علينا من المهاجرين
مصعب ، ثم
ابن أم مكتوم ، فكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مع nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة .
[أنبأنا
محمد بن عبد الباقي ، قال: أنبأنا
أبو إسحاق البرمكي ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، قال: أخبرنا
أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا
الحسين بن الفهم قال: حدثنا
محمد بن سعد ، قال: أخبرنا
أبو معاوية قال:] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا مع رجال من قريش ، فيهم عتبة بن ربيعة وناس من وجوه قريش وهو يقول لهم: أليس حسنا إن جئت بكذا فيقولون: بلى . فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم ، فسأله عن شيء فأعرض ، فأنزل الله تعالى: عبس وتولى أن جاءه الأعمى يعني: ابن أم مكتوم أما من استغنى يعني: عتبة وأصحابه فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى يعني ابن أم مكتوم .
[قال
ابن سعد: وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة قال: أخبرنا
ثابت ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
نزلت: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله فقال
nindex.php?page=showalam&ids=100عبد الله بن أم مكتوم : أي رب ، أنزل عذري ، أين عذري؟ فأنزل الله:
غير أولي الضرر فجعلت بينهما ، وكان بعد ذلك يغزو
[ ص: 349 ] فيقول: ادفعوا إلي اللواء ، فإني أعمى لا أستطيع أن أفر ، وأقيموني بين الصفين .
[قال
عفان: وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : أن
nindex.php?page=showalam&ids=100عبد الله بن أم مكتوم يوم
القادسية كانت معه راية له سوداء وعليه درع .
240 -
عمرو بن عتبة بن فرقد بن حبيب السلمي
[كان] أبوه
عتبة من الصحابة ، كان يتولى الولايات ويجتهد بابنه
عمرو أن يعينه على ذلك ، فلا يفعل زهدا في الدنيا .
[أخبرنا
محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار ، وعبد القادر بن محمد ، قالا: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13859إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال: أخبرنا
أبو بكر بن نحيب ، قال: حدثنا
أبو جعفر بن ذريح ، قال: حدثنا
هناد ، قال: حدثنا
أبو معاوية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
مالك بن الحارث ، عن
عبد الله] بن الربيعة قال: كنت جالسا مع
عتبة بن فرقد ومعضد العجلي ، وعمرو بن عتبة فقال: يا
عبد الله بن الربيعة ، ألا تعينني على ابن أختك يعينني على ما أنا فيه من عملي؟ فقال عبد الله: يا عمرو ، أطع أباك . قال: فنظر عمرو إلى معضد فقال له:
لا تطعه واسجد واقترب [فقال عمرو: يا أبي ، إنما أنا رجل أعمل في فكاك رقبتي . فبكى عتبة ثم قال: يا بني ، أحبك حبين: حبا لله ، وحب الوالد لولده] .
فقال عمرو: يا أبت ، إنك قد كنت أثبتني بمال بلغ سبعين ألفا ، فإن كنت سائلي عنه فهو هذا ، فخذه وإلا فدعني أمضه . قال: يا بني ، أمضه . فأمضاه حتى ما بقي عنده درهم .
[أخبرنا
علي بن محمد بن حسنون قال: أخبرنا
أبو محمد بن عثمان قال: أخبرنا
[ ص: 350 ] أبو القاسم بن المنذر قال: حدثنا
الحسن بن صفوان قال: حدثنا
أبو بكر بن عبيد الله قال: حدثنا أبي ، عن شيخ من قريش قال: قال
مولى لعمرو] بن عتبة وأنا مع رجل وهو يقع في آخر ، فقال لي: ويلك -ولم يقلها لي قبلها ولا بعدها- نزه سمعك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن القول ، فإن المستمع شريك القائل ، وإنما نظر إلى ما سد في وعائه فأفرغه في وعائك ، ولو ردت كلمة سفيه في فيه لسعد بها رادها كما شقي بها قائلها .
[أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13594ابن ناصر ، قال: أخبرنا
جعفر بن أحمد قال: أخبرنا
الحسن بن علي قال: أخبرنا
أبو بكر بن مالك ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد قال: حدثني
أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا
عنبسة بن سعيد القرشي ، قال: حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ] ، عن
عيسى بن عمر قال:
كان عمرو بن عتبة يخرج على فرسه ليلا فيقف على القبور فيقول: يا أهل القبور ، قد طويت الصحف ، ورفعت الأعمال . ثم يبكي ، ثم يصف قدميه حتى يصبح ، فيرجع فيشهد صلاة الصبح .
[أخبرنا
محمد بن أبي القاسم قال: أخبرنا
أحمد بن أحمد قال: أخبرنا
أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، قال: حدثنا
أبو محمد بن حيان قال: حدثنا
أحمد بن الحسين الحذاء ، قال: حدثنا
أحمد الدروقي ، قال: حدثنا
علي بن إسحاق ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، قال: حدثنا
الحسن بن عمر الفزاري ، قال: حدثني
مولى لعمرو] بن عتبة قال:
استيقظنا يوما حارا في ساعة حارة ، فطلبنا عمرو بن عتبة ، فوجدناه في جبل وهو ساجد وغمامة تظله ، وكنا نخرج إلى العدو فلا نتحارس لكثرة صلاته ، فرأيته ليلة يصلي ، فسمعنا زئير الأسد فهربنا وهو قائم يصلي لم ينصرف ، فقلنا له: أما خفت الأسد؟ فقال: إني لأستحي من الله أن أخاف شيئا سواه .
[أخبرنا
أحمد بن أبي القاسم بإسناده عن
أحمد قال: حدثنا
أبو معاوية قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
عمارة بن عمير ] ، عن
عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجنا في جيش فيهم
علقمة ويزيد بن معاوية النخعي ، وعمرو بن عتبة ، ومعضد ، قال: فخرج
عمرو بن [ ص: 351 ] عتبة عليه جبة جديدة بيضاء ، فقال: ما أحسن الدم ينحدر على هذه . فخرج فتعرض للقوم ، فأصابه حجر فشجه فتحدر عليها الدم ، ثم مات منها فدفناه ، ولما أصابه الحجر فشجه جعل يلمسها بيده ويقول: إنها لصغيرة ، وإن الله ليبارك في الصغير .
[أخبرنا
محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا
أحمد بن أحمد ، أخبرنا
أبو نعيم الحافظ ، حدثنا
أبو بكر بن مالك ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد قال: حدثني
أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال: حدثنا
علي بن إسحاق قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك قال: أخبرنا
عيسى بن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال: حدثنا
ابن عم] لعمرو بن عتبة قال: نزلنا في مرج حسن ، فقال
عمرو بن عتبة : ما أحسن هذا المرج ، ما أحسن الآن لو أن مناديا ينادي: يا خيل الله اركبي . فخرج رجل فكان أول من لقي فأصيب ، ثم جيء به فدفن في هذا المرج . قال: فما كان بأسرع من أن نادى مناد: يا خيل الله اركبي . فخرج عمرو في سرعان الناس في أول من خرج ، فأتى عتبة فأخبر بذلك فقال: علي عمرا .
فأرسل في طلبه ، فما أدرك حتى أصيب . قال: فما أراه دفن إلا في مركز رمحه ،
وعتبة يومئذ على الناس .
قال المؤلف: [وهذه] الغزاة التي استشهد فيها عمرو ، [ولم تذكر] هي غزاة
أذربيجان ، وكانت في خلافة
عثمان [رضي الله عنه]
241 -
عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح
كان قد شهد
بدرا مع المشركين ، وبعثوه طليعة ليحرز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففعل ، وكان حريصا على رد قريش عن [لقاء] رسول الله صلى الله عليه وسلم
ببدر ، فلما التقوا أسر أبوه وهب ، أسره
رفاعة بن رافع ، فرجع إلى
مكة ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية : دينك
[ ص: 352 ] علي ، وعيالك أمونهم ما عشت ، واجعل كذا وكذا إن أنت خرجت إلى محمد حتى تغتاله . فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما جاء به وما جرى له مع
صفوان [بن أمية] ، فأسلم وشهد
أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبقي [إلى] خلافة
عثمان رضي الله عنه .