[ ص: 193 ] ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين
فمن الحوادث فيها
[غزو المسلمين الروم ]
إن المسلمين غزوا
الروم فهزموهم هزيمة منكرة ، وقتلوا جماعة من بطارقتهم .
- وفيها
ولى nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم المدينة .
فاستقضى
مروان بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، وعلى
مكة خالد بن العاص بن هشام ، وكان على
الكوفة من قبله
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، وعلى القضاء
شريح ، وعلى
البصرة عبد الله بن عامر ، وعلى قضائها
عميرة بن يثربي ، وعلى
خراسان قيس بن الهيثم من قبل
عبد الله بن عامر .
- وفيها تحركت
الخوارج
الذين كانوا انحازوا عمن قتل منهم
بالنهروان ، ومن كان ارتث من جرحاهم
بالنهروان ، فبرئ ، وعفا عنهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وكان
حيان بن ظبيان السلمي يرى رأي
الخوارج ، وكان ممن ارتث يوم
النهروان ، فعفا عنه علي رضي الله عنه في أربعمائة عفا عنهم من المرتثين يوم النهر ، فلبث في أهله شهرا أو نحوه ، ثم خرج إلى الري في رجال كانوا يرون ذلك الرأي ، فلم
[ ص: 194 ] يزالوا مقيمين بالري حتى بلغهم قتل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ، فدعا أصحابه أولئك وكانوا تسعة عشر رجلا ، فأتوه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الإخوان من المسلمين ، إنه قد بلغني أن أخاكم
ابن ملجم قعد
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي عند أغباش الصبح ، فشد عليه فقتله ، فأخذ القوم يحمدون الله على قتله ، فقال
حيان : إنه والله ما تلبث الأيام لابن
آدم حتى تذيقه الموت ، فيدع الدنيا التي لا يبكي عليها إلا الفجرة ، فانصرفوا رحمكم الله إلى مصرنا فلنأت إخواننا فلندعهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنه لا عذر لنا في القعود ، وولاتنا ظلمة ، وسنة الهدى متروكة ، فإن ظفرنا الله بهم يشفي صدور قوم مؤمنين ، وإن نقتل فهي مفارقة الظالمين ففيها راحة ، ولنا في أسلافنا الصالحين أسوة . فقالوا : كلنا قابل منك ما ذكرت ، وحامد رأيك ، فرد بنا المصر فإنا راضون بهداك .
فخرج وخرجوا معه مقبلين إلى
الكوفة ، فأحب العافية ، [وأحسن في الناس السيرة ] ، ولم يفتش على أهل الأهواء عن أهوائهم ، وكان يقال له : إن فلانا يرى رأي
الشيعة ، وفلانا يرى رأي
الخوارج ، فيقول : [قضى الله ] ألا تزالون مختلفين ، وسيحكم الله بين عباده ، فأمنه الناس ، وكانت
الخوارج يلقي بعضهم بعضا ، ويتذاكرون مكان إخوانهم
بالنهروان ، ويرون في جهاد أهل القبلة .
ففزعوا إلى ثلاثة نفر
المستورد بن علفة التيمي ،
وحيان بن ظبيان ،
ومعاذ بن حصين الطائي ، فاجتمعوا في منزل
حيان بن ظبيان ، فتشاوروا فيمن يولون عليهم ، فقال لهم
المستورد : أيها المؤمنون ، ما أبالي من كان منكم الوالي ، وما شرف الدنيا نريد ، وما إلى البقاء فيها من سبيل ، فقال
حيان : أما أنا فلا حاجة لي فيها ، وأنا بك ، وبكل امرئ من إخواني راض ، فانظروا من شئتم منكم فسموه ، فأنا أول من يتابعه .
[ ص: 195 ] فقال
معاذ بن حصين : إذا قلتما هذا وأنتما سيدا المسلمين ، فمن يرأس المسلمين وليس كلكم يصلح لهذا الأمر ، وإنما ينبغي أن يلي على المسلمين إذا كانوا سواء في الفضل أبصرهم بالحرب ، وأفقههم في الدين ، وأنتما بحمد الله ممن يرضى بهذا الأمر فليتوله أحدكما ، قالا : فتوله أنت ، فقد رضيناك ، فأنت والحمد لله الكامل في دينك ورأيك . فقال : أنتما أسن مني ، فليتوله أحدكما . فقال جماعة من
الخوارج : قد رضينا بكم أيها الثلاثة ، فولوا أيكم أحببتم ، فليس في الثلاثة رجل قال لصاحبه : تولها فإني بك راض ، ثم بايعوا
المستورد ، وذلك في جمادى الآخرة ، ثم أجمعوا على الخروج في غرة هلال شعبان سنة ثلاث وأربعين .