صفحة جزء
وفي هذه السنة جاء نعي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر ، وفيها بويع لمعاوية بن يزيد بالشام بالخلافة ، ولعبد الله بن الزبير بالحجاز .

ولما هلك يزيد مكث الحصين بن نمير وأهل الشام يقاتلون ابن الزبير ولا يعلمون بموت يزيد أربعين يوما وقد حصروهم حصارا شديدا ، وضيقوا عليهم ، فبلغ موته ابن الزبير قبل أن يبلغ حصينا ، فصاح بهم ابن الزبير: إن طاغيتكم قد هلك ، فمن شاء منكم أن يدخل فيما دخل فيه الناس فليفعل ، ومن كره فليلحق بشآمه ، فما صدقوا ، حتى قدم ثابت بن قيس بن المنقع النخعي ، فأخبر الحصين بذلك ، فبعث الحصين بن نمير إلى ابن الزبير: موعد ما بيننا وبينك الليلة الأبطح . [فالتقيا] ، فقال له الحصين:

إن يك هذا الرجل قد هلك فأنت أحق بهذا الأمر ، هلم فلنبايعك ، ثم اخرج معي إلى الشام ، فإن هذا الجند الذين معي [هم] وجوه أهل الشام وفرسانهم ، فوالله لا يختلف عليك اثنان ، وتؤمن الناس ، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك . فقال: لا أفعل ، ولأقتلن بكل رجل عشرة . فقال الحصين: قد كنت أظن أن لك رأيا ، أنا أدعوك إلى الخلافة وأنت تعدني بالقتل .

ثم خرج وصاح في الناس فأقبل بهم نحو المدينة ، وندم ابن الزبير على ما صنع ، فأرسل إليه: أما أن أسير إلى الشام فلست فاعلا؛ لأني أكره الخروج من مكة ، [ ص: 24 ] ولكن بايعوا لي هناك فإني مؤمنكم . فقال الحصين: أرأيت [إن] لم تقدم بنفسك ، ووجدت هناك أناسا كثيرا من أهل هذا البيت يطلبونها يجيبهم الناس ، [فما أنا صانع؟

فأقبل بأصحابه ومن معه نحو المدينة ، فاستقبله علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب] واجترأ أهل المدينة وأهل الحجاز على أهل الشام فذلوا حتى كان لا ينفرد منهم رجل إلا أخذ بلجام دابته فنكس عنها . فقالت لهم بنو أمية: لا تبرحوا حتى تحملونا معكم إلى الشام ، ففعلوا ومضى ذلك الجيش حتى دخلوا الشام ، وقد أوصى يزيد بالبيعة لابنه معاوية .

التالي السابق


الخدمات العلمية